تم انتخاب النائب الياس الهراوي رئيساً للجمهورية في 24 تشرين الثاني 1989 وسط ظروف صعبة للغاية. فبعد انتهاء مراسم اﻹستقبال في ذكرى عيد اﻹستقلال الذي يصادف يوم 22 تشرين الثاني من كل عام، خرج موكب الرئيس المنتخب رينه معوض من مبنى وزارة الداخلية في الصنائع في رأس بيروت واتجه الى الرملة البيضاء حيث كان مقره الرئاسي المؤقت، لكنه تعرض في محلة الظريف لتفجير سيارة مفخخة استشهد بفعلها الرئيس معوض وكل مرافقيه . لم يكن مضى على انتخاب الرئيس معوض سوى ثمانية عشر يوماً، بعد توصل النواب الى "وثيقة الوفاق الوطني" في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية.
كان لبنان في تلك المرحلة يعيش مرحلة انقسام حاد يمكن اختصارها بهذه الوقائع :
- عند منتصف ليل 22 ايلول 1988، انتهى دستورياً عهد الرئيس أمين الجميل، لكن، وبعد فشل مجلس النواب مراراً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة المحددة في الدستور أي قبل شهرين من نهاية العهد، أصدر الرئيس أمين الجميل قبل الربع الساعة الأخيرة من عهده مرسوماً قضى بتعيين قائد الجيش العماد ميشال عون رئيساً لحكومة انتقالية تتألف من الضباط الستة الأعضاء في المجلس العسكري في قيادة الجيش.
- رد رئيس الحكومة سليم الحص - (الذي كان يتولى رئاسة آخر حكومات عهد الرئيس أمين الجميل ابتدأً من الاول من حزيران 1987) - رد برفض مرسوم تعيين العماد عون واعتبر نفسه رئيساً شرعياً للحكومة الانتقالية.
- وبالتالي، بات للبنان حكومتان : الأولى برئاسة عون استقال منها على الفور الضباط الثلاثة المسلمون الأعضاء في المجلس العسكري، والثانية برئاسة الحص . أقام عون فور تعيينه في قصر بعبدا فيما استمر الحص في مقر رئاسة الحكومة في الصنائع.
أمام هذا الواقع، شكلت الدول العربية لجنة من وزراء الخارجية لمتابعة الوضع اللبناني والسعي للتوفيق بين مختلف الفرقاء وكلفت الموفد الجزائري السيد الاخضر الابرهيمي بزيارة القادة اللبنانيين لتقريب وجهات النظر فيما بينهم حول الحلول الممكنة للأزمة المستجدة . لكن بدلاً من التقارب، ظلت الخلافات مستحكمة، لا بل زادتها حدة المعارك التي اندلعت على الجبهات التقليدية بين الجيش اللبناني الذي يتلقى أوامره من العماد عون، من جهة، وبين المقاتلين اللبنانيين المخاصمين له تساندهم قوات الجيش السوري . بعدها، انفجرت المعارك العسكرية بين عون و"القوات اللبنانية" وانتقل الصراع الى داخل المنطقة الشرقية.
في 30 أيلول 1989 توجه النواب الى مدينة الطائف السعودية حيث أمضوا زهاء شهر في التشاور حول الحلول الممكنة للوضع في لبنان وانتهوا الى إصدار "وثيقة الوفاق الوطني" التي باتت تعرف باتفاق الطائف، لكن العماد عون رفض اﻹقرار بهذه الوثيقة وأعلن في الرابع من تشرين الاول حل مجلس النواب، الأمر الذي لم يمنع هذا المجلس من انتخاب النائب رينه معوض رئيساً للجمهورية في الخامس من تشرين الاول في مطار القليعات في شمال لبنان . سعى معوض في الأيام القليلة التي أمضاها رئيساً للجمهورية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية لكن الموت خطفه قبل ان يتمكن من تحقيق هذه المهمة.
 في 24 تشرين الثاني 1989، التأم مجلس النواب في فندق شتورا بارك اوتيل في منطقة البقاع، وانتخب الياس الهراوي رئيساً ﺒ 47 صوتاً من اصل 52، ووجدت خمس أوراق بيضاء.
يوميات 1989
فور انتخابه، استعجل الرئيس الهراوي تشكيل حكومة برئاسة الدكتور سليم الحص، أطلق عليها تسمية "حكومة اﻹنقاذ" وكانت من 14 وزيراً، كما أصدر مراسيم مهمة أبرزها تعيين قائد للجيش هو العماد اميل لحود ليحل مكان القائد السابق العماد ميشال عون. بتشكيله الحكومة، حصن الهراوي بداية عهده إذ أطلق العمل السياسي والمؤسساتي، لكنه اضطر الى المكوث في البقاع في ثكنة أبلح العسكرية، خوفاً على حياته وبانتظار الفرصة المناسبة للعودة الى القصر الجمهوري. على الفور تلقى الرئيس الجديد برقيات تهنئة وبالتالي إعترافاً من السعودية والأردن ومصر واﻹمارات العربية المتحدة وقطر والمجموعة الاوروبية، باﻹضافة الى رسالة من الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران . كان هاجس الهراوي الرئيسي إعادة رئاسة الجمهورية الى مقرها في بعبدا لتستعيد بذلك مكانها ودورها وتعمل على تطبيق "وثيقة الوفاق الوطني" ومن أبرز بنودها : توحيد المؤسسات وحل الميليشيات وفتح المناطق على بعضها البعض، وحصول لبنان على  ملياري دولار اميركي لبدء إعادة إعمار البلاد، وعدت بوهبها إليه الدول العربية والغربية التي رعت اتفاق النواب اللبنانيين في الطائف.
وبعد إنذارات كثيرة بضرورة إخلاء القصر الجمهوري، وعدم تجاوب العماد ميشال عون مع الشرعية الجديدة، سعى الرئيس الجديد الى لملمة شمل الجميع واﻹنتقال بلبنان من حال اﻹنقسام الى حال الوحدة.
ومع بداية كانون الاول 1989 تكثفت المساعي لإيصال الهراوي الى القصر وجرت إتصالات محلية وعربية ودولية لتمكينه من استلام قصر بعبدا، فيما كان موفده الخاص النائب بطرس حرب يجول على  المسؤولين في فرنسا والفاتيكان لإطلاعهم على واقع الحال. كذلك تحركت اللجنة العربية على الصعيد الدولي ولدى الفاتيكان من أجل تأييد الشرعية المنبثقة من اتفاق الطائف . وتكررت لقاءات الهراوي بالموفد العربي الاخضر الابرهيمي، لا سيما مع اقتراب نهاية العام . وتمنى الهراوي "عيد ميلاد للسلام في لبنان يمضيه في بعبدا حيث يمكنه استقبال عون رئيساً لحزب سياسي". في 12 كانون الأول أعلنت باريس رسمياً دعمها لاتفاق الطائف واكدت اعترافها بشرعية الهراوي حين قدم له السفير الفرنسي رينه آلا أوراق اعتماده، وكذلك فعل سفيرا مصر والجزائر، كما تسلم الهراوي رسالة من البابا نقلها اليه القاصد الرسولي المونسنيور بابلو بوانتي، يتوجه فيها قداسته الى  "فخامة الرئيس الأستاذ الياس الهراوي"  ويؤكد له فيها ان خطر أي تقسيم او أي حرب هما مدعاة لقلق كبير. بعدها صدر إعلان عن الرئيسين الاميركي جورج بوش والفرنسي فرنسوا ميتران، أيدا فيه الشرعية اللبنانية برئاسة رئيس الجمهورية الياس الهراوي . لكن في مواجهة الرفض المسيحي لاتفاق الطائف بحجة ان هذا الاتفاق مسَّ بصلاحيات رئيس الجمهورية، قال الهراوي انه لا يمانع في تعديل اﻹتفاق اذا قررت ذلك أكثرية الوزراء، ونقل عنه زواره انه يتمنى معالجة الوضع مع العماد ميشال عون بالوسائل السياسية والحلول السلمية.
كانت نهاية العام 1989 تتأرجح بين خيارات كثيرة أبرزها الذهاب الى الحل العسكري لوضع حد لحال اﻹنقسام، ولا سيما لاستعادة القصر الجمهوري في بعبدا. في هذه المرحلة كانت الأنظار مشدودة الى باريس والفاتيكان لمعرفة المواقف التي ستصدر عن مؤتمر الحوار الأوروبي العربي وعن اللقاء المقرر بين البابا واللجنة الوزارية العربية . المصادر الفرنسية حرصت بعد لقاء جمع الرئيس الحص ورئيس الوزراء الفرنسي على القول بأنها تعترف بشرعية الرئيس الهراوي والسلطات المنبثقة من اتفاق الطائف وان الموضوع حُسم بمجرد تقديم السفير الفرنسي في بيروت أوراق اعتماده للسلطة الشرعية . وفي الثالث والعشرين من كانون الأول دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران كافة الأطراف الى دعم الشرعية وأشاد بالجهود التي يبذلها الرئيس الياس الهراوي، فيما أبلغ البابا يوحنا بولس الثاني، اللجنة العربية رفضه للعنف ودعا الى تعزيز الشرعية . وسط هذه التناقضات أمضى الهراوي ليلة ميلاد هادئة في ثكنة ابلح، وفي اليوم الأول من الشهر الثاني من ولاية الرئيس الياس الهراوي ساد الهدوء ثكنة ابلح المقر المؤقت لرئيس الجمهورية فغابت مظاهر البروتوكول واﻹستقبالات وأقفلت أيضاً غرفة الصحافة لأن الرئيس يريد ان يستريح  وأن يمضي ليلة هادئة مع افراد العائلة . بات أكيداً في تلك المرحلة ان إيصال شرعية الرئيس الهراوي الى بعبدا ممنوع بعمل عسكري. وفي الثامن والعشرين من كانون الأول أصدر مجلس الأمن بياناً أكد فيه دعمه للهراوي ولجهوده وحكومته لكنه أبدى قلقه لتأخير تطبيق اتفاق الطائف. وأفاد مصدر وزاري لبناني ان اللجنة الثلاثية العربية طلبت من الفاتيكان مساعدتها على تذليل العقبات التي تعترض اتفاق الطائف لما للكرسي الرسولي من تأثير معنوي وسياسي على مواقف العماد عون وذكر أن الفاتيكان سيقدم على خطوات في هذا المجال بعد عودة السفير البابوي الموسنيور بابلو بوانتي الى بيروت في مطلع العام الجديد وتقديم اوراق اعتماده الى الرئيس الهراوي. في آخر يوم من العام 1989، وجّه الهراوي كلمة الى اللبنانيين قال فيها بأنه سينتقل من أبلح  في القريب العاجل "لاكون اقرب مما يجري في العاصمة، ولتسير الأمور بوتيرة اسرع مما هي الان" ، مؤكدا انه أتى لتوحيد البلد وبسط سيادة الدولة بواسطة أجهزتها من جيش وأمن داخلي وأمن عام كي تبقى الشرعية هي الوحيدة المسيطرة آملاً ان تكون سنة 1990 هي بداية السلام. في اليوم ذاته صرح سفير الولايات المتحدة في لبنان السيد جون مكارثي "ان الرئيس الهراوي هو الرجل المناسب للمرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان ودعمنا له كامل وغير مشروط ونأمل أنه في القريب العاجل سيستطيع تمثيل كل لبناني". وفي اليوم الأخير من العام، تلقت الدوائر العامة صورة الهراوي الرسمية لرفعها مكان صورة الرئيس السابق.
يوميات 1990 
بدأ العام بالتمنيات المعهودة الداعية للالفة والسلام . وكانت عشية العام الجديد مناسبة للرئيس الهراوي ليدعو اللبنانيين الى وقفة  "تأمل ومصارحة " ووعدهم بتنفيذ ما يرمي اليه قائلاً :"جئت لاعيد الدولة القوية القادرة، دولة القانون والقيم، دولة الكفاءة والمبادرة ... دولة قادرة على تثبيت الامن الشرعي على كامل التراب الوطني" .
لكن في الواقع كانت ظلال احداث السنوات التي سبقتها لا تزال تلف بعتمتها مختلف المناطق اللبنانية.
في بعبدا، اطل العام الجديد على استمرار العماد ميشال عون مقيماً في قصر بعبدا، وملقياً خطابات معارضة للحكم، تارة من ملجأ القصر وطوراً من وراء الزجاج المانع للرصاص في شرفة القصر أمام جماهير وعدها بالتحرير من سوريا وباسقاط "اتفاق الطائف".
كذلك، انفتح العام على استمرار الاشتباكات الضارية بين حركة "أمل" و"حزب الله" في اقليم التفاح، كانت اوقعت 59 قتيلاً واكثر من مئتي جريح كحصيلة اولية.
في مطلع العام، وفي ثكنة ابلح تسلم الرئيس الهراوي اوراق اعتماد السفير البابوي المونسينيور بابلو بوينتي، فشكل هذا الحدث انعطافاً في مجرى الاحداث واكد على ان الشرعية الجديدة تحظى بتأييد كل الدول التي واكبت اتفاق الطائف وقبلت بنتائجه . وفي السادس من كانون الثاني، انتقل الرئيس الهراوي من ثكنة ابلح في البقاع الى المقر المؤقت في الرملة البيضاء حيث أقام سلفه الرئيس رينه معوض قبل اغتياله. واول عمل رسمي له كان استقبال السك الديبلوماسي قائلاً للسفراء: "ان وجودكم هنا هو تعبير اصيل وصارخ في وجه كل المحاولات الرامية الى النيل من الشرعية".
في هذه المرحلة كان الهم منصباً على انهاء الواقع السياسي المتردي الذي أدى الى تفجر المعارك بين ابناء الصف الواحد، أكان لجهة حركة "امل" وحزب الله، او لجهة العماد عون و"القوات اللبنانية". واقترح البعض على الرئيس الهراوي بناء قصر رئاسي جديد في ميدان سباق الخيل لكون وسط العاصمة بيروت، لكنه اصر على رمزية العودة الى بعبدا، كما اصر على استمرار تسمية مقره بالمؤقت لأنه أراد ترسيخ فكرة ان المقر الاصلي لا يزال حيث تعاقب قبله الرؤساء من الرئيس شارل حلو وصولاً اليه . في هذه الاثناء كان العماد عون يؤجل "الانتخابات النيابية" التي دعا هو اليها، والتي كانت مقررة في السابع من كانون الثاني، الى اجل لم يحدد.
لم يتأخر الرئيس الهراوي مع حكومة الرئيس الحص في البدء بتفعيل المؤسسات، ووقّع على مراسيم مناقلات وتشكيلات ديبلوماسية، فاحتل مؤيدون للعماد العون بعض السفارات في الخارج ومن ابرزها السفارة اللبنانية في باريس التي اخلتها قوى الشرطة الفرنسية بعد ايام . لكن السفارة اللبنانية في واشنطن شهدت رفض السفير عبد الله بوحبيب تنفيذ قرار الحكومة واعتصم مع عدد من الطلاب فيها الى ان اقتحمت الشرطة الاميركية المبنى واخرجت الجميع منه لتسليمه للسفير الجديد المهندس نسيب لحود . وعقد الرئيس الهراوي قمة موسعة في دمشق رافقه اليها رئيس البرلمان السيد حسين الحسيني ورئيس الحكومة الدكتور سليم الحص، وشاء العماد عون تأكيد استمراريته عبر منع وسائل الاعلام من اطلاق تسمية "الرئيس" على الرئيس الهراوي، فردت هذه الوسائل على ما عرف ﺒ "حرب الالقاب" بان توقفت اذاعة "صوت لبنان" واذاعة "لبنان الحر" "والمؤسسة اللبنانية للاعلام" عن بث نشرات الاخبار، فيما التزمت بعض الصحف في المنطقة الشرقية بالقرار - ما عدا جريدة "الديار" التي اصرت على تسمية الرئيس الهراوي رئيساً للجمهورية -  قبل ان تجتمع نقابتا الصحافة والمحررين وتطالب عون بالتراجع عن قراره.
من الاجراءات المتخذة من اجل تسريع الحل واستعادة الشرعية مؤسساتها، دعوة الضباط الى الالتحاق بالعماد اميل لحود، والموظفين الحكوميين الى الالتحاق بمباني الوزارات في المنطقة الغربية والا قطعت عنهم رواتبهم . وبسبب هذا القرار قدم الوزير جورج سعاده استقالته، لكن الرئيس الهراوي والرئيس الحص احتفظا بها.
في هذه الاثناء اعلن العماد عون بانه لن يسمح "ببندقية خارج اطار الجيش في المنطقة الشرقية"، فاندلعت معارك ضارية بين الجيش المؤيد لعون و"القوات اللبنانية" احرقت المناطق الشرقية واوقعت عشرات القتلى في صفوف الفريقين .
وفي جلسة استثنائية له، قرر مجلس الوزراء إحالة العماد عون واللواء ادغار معلوف واللواء عصام ابو جمرا على المجلس العدلي بجرائم اغتصاب سلطة واثارة حرب اهلية، وكان من ابرز مطالب العمان عون في حربه ضد "القوات اللبنانية" ان يعلن الدكتور سمير جعجع انه "ضد اتفاق الطائف فتتوقف الحرب".
وفيما لم تسفر نداءات قداسة البابا لوقف المعارك بين الفريقين المسيحيين، ولا مساعي البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير ولا الرابطة المارونية برئاسة المحامي شاكر ابو سليمان، ولا الموفد الفرنسي برنار كوشنير، تنقلت المعارك من الساحل الى اعالي الجبل في كسروان . واللافت حضور وفد فلسطيني برئاسة المسؤول السياسي في حركة "فتح" زيد وهبه الى قصر بعبدا للقاء عون، ثم لقاء الدكتور جعجع من أجل "وقف اطلاق النار في الشرقية" . وعلى رغم توصل هذا الوفد الى حل من ست نقاط، لكن الدكتور جعجع أراد الفصل بين الوضع العسكري والموقف السياسي، فاصر العماد عون على مطلبه إعلان قائد "القوات اللبنانية" رفضه لاتفاق الطائف . عندها اندلعت المعارك مجدداً، وسارع البطريرك صفير الى الدعوة لوقفها مجدداً .
الرئيس الهراوي الذي سعى الى التخفيف من حدة المعارك عبر اتصالات، اما سرية واما مباشرة، قام بجولة عربية بدأها بالمملكة العربية السعودية وشملت الجزائر والمغرب، وهي دول اللجنة الثلاثية العربية التي رعت "اتفاق الطائف" من اجل مطالبتها باستكمال السعي لتطبيق هذا الاتفاق والضغط على العماد عون لوقف القتال وتسليم الشرعية قصر بعبدا . بعدها وصل الى لبنان المونسينيور انطونيو سوتو موفداً من قبل البابا لوقف المعارك في الشرقية، وترافقت زيارته مع مساع للامم المتحدة ولفرنسا للهدف نفسه . عندها اعلن العماد عون رداً على الوساطات ان "الغاء الطائف ليس ضرورياً لبدء الحوار".
 وعلى الرغم من تفاقم الاوضاع، عاد مجلس النواب الى مقره في ساحة النجمة وسط العاصمة بعد انقطاع دام اربعة عشر عاماً . كذلك انعقد في بكركي اجتماع ماروني، لكن من دون ان يتوقف القتال ومن دون ان يردع المتقاتلين تهديد البطريرك لهم بالحرم الكنسي . وبالتزامن مع هذه الاحداث في المنطقة الشرقية، اندلعت معارك في شوارع بيروت الغربية بين "أمل" و"حزب الله" اوقعت بدورها قتلى وجرحى فتدخلت القوات السورية لوقفها.
كانت اسوأ صور هذه المعارك، تعرض باص مدرسة عند منطقة المتحف لقصف مدفعي اوقع احد عشر قتيلاً، كلهم من التلاميذ، فاضربت المدارس استنكاراً، مما جعل حكومة الرئيس الحص تعلن حصاراً برياً وبحرياً على المنطقة الشرقية لعله يخفف من حدة القتال ومن وصول الذخائر الى المتحاربين . في هذه الاثناء دعيت الدول العربية الى قمة طارئة في بغداد، لكن لبنان قرر التغيب عنها لعدم إدراج قضيته على جدول اعمالها، فيما نقل مندوب اللجنة الثلاثية العربية السيد الاخضر الابراهيمي نتائج هذه القمة الى بيروت وجال على المسؤولين كافة، مؤكداً التزام الدول العربية بانشاء الصندوق الدولي برأسمال مقداره ملياري دولار لاعادة اعمار لبنان .
مرة اخرى قام الرئيس الهراوي بجولة عربية رافقه فيها الرئيس الحص الى كل من مصر وليبيا وتونس سعياً الى المزيد من الدعم وتسليح الجيش اللبناني . وفي مصر التي لم تنعقد فيها قمة لبنانية مصرية منذ اكثر من اثني عشر عاماً، التقي الرئيس الهراوي السفير الاميركي المعتمد في بيروت جون مكارثي الذي نقل رسالة من الادارة الاميركية تكرر فيها دعم اتفاق الطائف . بعدها زار البطريرك صفير يرافقه المونسينيور بوانتي بيروت الغربية واجتمع بالرئيس الهراوي وبرئيسي المجلس النيابي والحكومة، واعتبرت الاوساط النيابية هذه الزيارة اعترافاً بالشرعية، وطرح المونسينيور بوينتي مبادرة تقضي بتأليف حكومة وفاقية واسعة يكون فيها العماد عون وزيراً ونائباً لرئيس الحكومة بشرط ان تسترد الحكومة مشروع التعديلات الدستورية من المجلس النيابي لمعاودة درسه، لكن الحكومة رفضت، كذلك وصل الامين العام لوزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا شير ومعه مجموعة افكار، تبعه موفد فرنسي آخر هو السيد باتريك لوكلير، لكن شيئاً لم يتبدل. 
والتقى الرئيس الهراوي الرئيس الاسد في اللاذقية بحضور نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، وقبل التوجه الى الكويت ثم قطر والبحرين والامارات العربية المتحدة، وبعد عودته تسلم من الاخضر الابراهيمي نص مشروع إنشاء صندوق الدعم الدولي لمساعدة لبنان .
كان تآكل الامل بالحل الذي مثله اتفاق الطائف يزيد من هواجس الرئيس الهراوي الذي خشي من سقوط هذا الحل كما سقطت حلول كثيرة غيره في سنوات الحرب السابقة. وفي 11 تموز أصدر مجلس الوزراء بياناً ونداءً تمنى فيهما على "مجلس النواب مناقشة مشروع التعديلات الدستورية، ودعوة القائد السابق للجيش العماد ميشال عون الى "انهاء تمرده"، ودعوة جميع الضباط والعسكريين الى الالتحاق فوراً بقائد الجيش العماد اميل لحود والا جرى فصلهم من القوات المسلحة اللبنانية، ودعوة المتقاتلين في اقليم التفاح اي "امل" و"حزب الله" الى وقف القتال فوراً وتسليم مواقعهم الى الجيش، وانسحاب "القوات اللبنانية" الى خارج بيروت وتسليم مواقعها الى الجيش، واعتبار المصالحة الوطنية بين جميع اللبنانيين ركناً مهماً في مسيرة الوفاق الوطني."
سارع الموفد العربي السيد الاخضر الابراهيمي الى زيارة كافة المسؤولين من أجل تطبيق هذا البيان- النداء، فيما زار الرئيس الهراوي البطريرك الماروني في الديمان ثم الرئيس سليمان فرنجيه في اهدن والسيد معن كرامي في طرابلس، واعرب عن أمله في انضمام الجميع الى الحل لتبدأ مسيرة السلام ويتم توحيد لبنان وبسط سيادته على كافة اراضيه وتحرير الجنوب.
هذا البيان النداء ايدته على الفور كل من سوريا واللجنة الثلاثية العربية والولايات المتحدة الاميركية، لكن العماد عون رفضه بينما ايده الدكتور جعجع . وسط هذه الاجواء، اندلعت المعارك بقوة اشرس في اقليم التفاح، فسعى الاخضر الابراهيمي الى اقناع الجميع بهذا البيان وجال على كافة المعنيين به معرباً عن قناعته بان "الوصول الى طريق مسدود من اجل حل الازمة اللبنانية هو امر ممنوع". لكن بعد اربعة لقاءات مع العماد عون عاد الابراهيمي بشرط لعون رفضته الحكومة وهو اما إعادة مشاريع التعديلات الدستورية لتنظر فيها حكومة وحدة وطنية واما تجميد بت هذه المشاريع الى حين انتخاب مجلس نيابي جديد . عندها قرر مجلس الوزراء تكليف الوزيرين البير منصور ومحسن دلول تدابير فرض حصار ديبلوماسي ومالي ونفطي على العماد عون . وفي عيد الجيش في الاول من آب، صدر "امر اليوم" من العماد لحود من جهة ومن العماد عون من جهة أخرى . في هذه المرحلة حصل تطور اقليمي سيرخي بثقله على لبنان للسنوات المقبلة، ألا وهو احتلال الرئيس العراقي صدام حسين للكويت وما ترتب عنه من تشكيل قوة عسكرية عربية ودولية لتحرير الكويت من هذا الاحتلال . شارك الرئيس الهراوي في القمة العربية الطارئة التي اعقبت الاحتلال واكد على ضرورة حل النزاعات بين الدول العربية الشقيقة بالحوار وليس باحتلال القوي لأرض جاره الاقل قوة . في هذه الأثناء كان العماد عون يؤكد بان يده ممدودة للجميع ولا يمانع في اجراء حوار مع سوريا او مع اللجنة العربية الثلاثية . 
وبعد عودته من القاهرة، سارع الرئيس الهراوي الى اجراء اتصالات لتأمين النصاب للجلسة المخصصة لاقرار التعديلات الدستورية، فتأمن النصاب وحصلت التعديلات الدستورية التي نالت تأييداً من الدول الداعمة لاتفاق الطائف فيما رفضتها قوى لبنانية بسبب توقيتها . لكن الدولار في هذه الاثناء كان يراوح 1200 ليرة لبنانية، الامر الذي جعل الوضع الاقتصادي يجثم على قلوب كل المسؤولين . وانعقدت قمة لبنانية سورية قبيل زيارة لوزير الخارجية الاميركي جيمس بايكر الى دمشق، وبات شائعاً القول بان الجميع يتحضر للحسم العسكري لكن من دون ان يعرف احد الوقت المحدد . وفي تشرين الاول وقّع الرئيس الهراوي التعديلات الدستورية معلناً بانها تمهد لقيام الجمهورية الثانية، وبالطبع رفض العماد عون هذه التعديلات فيما اعتبرها البطريرك صفير "خطوة تاريخية على طريق عودة الدولة". 
ومع اكتمال انتشار الجيش التابع لقيادة العماد لحود حول المنطقة التي يسيطر عليها العماد عون، اعلن رسمياً الاقفال التام والشامل للمعابر المؤدية الى المنطقة الشرقية، ومنع الانتقال اليها، لكن مع السماح لمن يشاء بالخروج منها . وبعد قمة سابعة لبنانية سورية اكد الرئيس حافظ الاسد في نهايتها "التزام سوريا دعم الشرعية اللبنانية واستعدادها لتقديم المساندة التي تطلبها"، فدعا العماد عون الى تظاهرات رافضة للحصار ادت احداها عند نهر الموت الى سقوط عشرات القتلى والجرحى . كان لا بد في هذه المرحلة من اتخاذ القرار الحاسم، فاوفدت الحكومة السيد فارس بويز الى سوريا حاملاً رسالة رسمية الى القيادة السورية لتقديم الدعم الى الجيش اللبناني، ورد العماد عون مؤكداً انه سيدافع حتى النهاية . هذه التطورات تسارعت ليشهد فجر 13 تشرين الاول تحليقاً  للطيران السوري فوق بعبدا منذراً ببدء الهجوم الذي توقعه الجميع، وبعد اقل من نصف ساعة على بدء العمليات العسكرية لجأ العماد عون وبعض الضباط المؤيدين له الى مبنى السفارة الفرنسية في مار تقلا، وانعقد مجلس الوزراء في جلسة طارئة لدعوة الضباط والجنود الذين اكملوا القتال الى الانضمام الى قيادة العماد لحود، وعلم الجميع بان لجوء عون الى السفارة الفرنسية هو النهاية لهذه الصفحة المأسوية من السياسة اللبنانية . بعدها تسارعت الخطوات لبسط سلطة الدولة على بيروت الكبرى اولاً ثم على باقي أجزاء لبنان، ومنع نقل السلاح واي ظهور مسلح، واقفال جميع المراكز المسلحة، والسيطرة على المرافق والمرافىء واسترجاع الأبنية الرسمية ووضع اليد على واردات الدولة . لكن جريمة اغتيال المهندس داني شمعون وزوجته وولديه، اثارت نقمة عارمة في الاوساط السياسية وجعلت المسؤولين يسارعون الى الامساك بالامن . وللمرة الاولى بعد سنوات من الغياب، استقبل الرئيس الهراوي المهنئين بعيد الاستقلال، وكان للندوة التلفزيونية الاولى التي عقدها في ذكرى انتخابه ردود فعل متباينة حول تفسير بنود الدستور الجديد ومدى صلاحيات رئيس الجمهورية في ضوء التعديلات التي ادخلت على المواد الدستورية، في تقرير سياسة الدولة لا سيما على الصعيد الاقتصادي، إذ اعلن الرئيس الهراوي صراحة تأييده لخصخصة القطاعات التي تشكل عبئأً مالياً على الدولة ولا سيما قطاع الكهرباء . ووصل السفير الامريكي الجديد ريان كروكر الى بيروت وبدأ فتح المعابر وتسارعت الاتصالات من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، رأت النور في الرابع والعشرين من كانون الاول برئاسة السيد عمر كرامي وتسعة وعشرين وزيراً . 
وزار الرئيس الجزائري الشاذلي من جديد بيروت ليعقد قمة في المقر المؤقت مع الرئيس الهراوي .
يوميات 1991  
على الرغم تشكيل حكومة الرئيس عمر كرامي من ثلاثين وزيراً، بدأت السنة على أزمة سياسية مستجدة تمثلت في مقاطعة الوزراء سمير جعجع وجورج سعاده وميشال ساسين لها، لانها "غير متوازنة" على حد قولهم . كما انعقدت اول جلسة لهذه الحكومة في غياب أطراف وأقطاب مهمين وهم القوات اللبنانية وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل . الرئيس الهراوي افتتح العام الجديد بكلمة ركز فيها على المصالحة العامة واستكمال تنفيذ ما تضمنته وثيقة الوفاق الوطني من بنود لتحقيق استقلال لبنان وسيادته كاملة غير منقوصة . لكن مقاطعة فريق مسيحي للحكومة أخّر انطلاقة العمل السياسي لتحقيق الاستقرار والانطلاق في قطار الحلول . واستمرت ازمة الحكومة لا بل تفاقمت حين قرر الوزير وليد جنبلاط "الاستقالة لظروف خاصة" لكن بعد مشاورات حثيثة عاد الوزراء المستقيلون الى الحكومة لكن الوزير جعجع اصر على استقالته لصالح توزير احد اعضاء القوات اللبنانية الدكتور روجيه ديب . وفي اول اجتماع للحكومة المكتملة، اتخذ مجلس الوزراء قرار حل الميليشيات وتأليف ثلاث لجان وزارية لبحث : موضوع العلاقات اللبنانية - السورية، وموضوع اللامركزية، وموضوع المهجرين .
ومن ضمن البنود الواردة في "اتفاق الطائف" والتي جرى تنفيذها، هو تعيين نواب يحلون مكان النواب الذين وافتهم المنية طوال فترة الحرب التي جدد فيها مجلس العام 1972 لنفسه من أجل تأمين الاستمرارية التشريعية . هنا ايضاً برزت معارضة لهذا التعيين وطالب البعض بانتظار انتخابات عامة لملء الفراغ في المقاعد النيابية، لكن الجميع اعتبروا ان هذا التعيين "شر لا بد منه" وجرى تعيين اربعين نائباً لمرة واحدة، وارتفع عدد اعضاء مجلس النواب الى مئة وثمانية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، كما ورد في اتفاق الطائف.
كذلك شهد هذا العام توقيع "معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق" بين لبنان وسوريا . وانتقل اركان الحكم اللبناني الى احدى قاعات قصر الشعب في دمشق لتوقيع هذه المعاهدة التي اعتبر الرئيس الهراوي انها اقرار سوري موقع، للمرة الاولى، بان لبنان هو دولة مستقلة .  كذلك اقر مجلس الوزراء مشروع قانون العفو العام مستثنياً الجرائم المحالة على المجلس العدلي، وصادق مجلس النواب على المشروع الذي يعفو عن الجرائم المرتكبة قبل 28 آذار 1991، فاصدر مجلس الوزراء عفواً خاصاً عن العماد ميشال عون واللواء ادغار معلوف واللواء عصام ابو جمرا لكن بشرط ان يغادروا لبنان الى فرنسا التي منحتهم حق اللجوء السياسي .
وفيما كانت العجلة الحكومية توشك بالدوران من جديد، واجه الحكم ازمة جديدة نتجت عن مشاركة الرئيس عمر كرامي في تدشين "النهر الصناعي العظيم" في ليبيا، فاستقال الوزيران نبيه بري ومحمد عبد الحميد بيضون احتجاجاً على حضوره فيما قضية اختفاء الامام موسى الصدر لم تُحل بعد . وكان لا بد من تنشيط المساعي مجدداً مع الوزيرين المستقيلين ومن اصدار موقف حكومي يؤكد الحرص على جلاء قضية الامام الصدر، فعاد الوزيران الى الحكومة . بعدها تم توقيع الاتفاق العسكري والامني بين لبنان وسوريا في فندق بارك اوتيل في شتوره .
وعلى الرغم من كل المساعي السياسية، ظلت الخلافات مستحكمة بين اهل الحكم بالذات، لا سيما لجهة ممارسة رئيس الجمهورية صلاحيات قال البعض انها مخالفة للدستور الجديد لا بل هي مستمدة من الدستور السابق . كذلك اختلف المسؤولون على مشاركة لبنان في المفاوضات مع اسرائيل من أجل تنفيذ القرار الرقم 425 فيما كان الوفد اللبناني في مدريد يحاول اقناع الجهات الدولية بضرورة تطبيق هذا القرار . وفي اجواء محمومة، رد الرئيس الهراوي الى مجلس النواب، القانون المتعلق بأحكام نظام التقاعد والصرف من الخدمة، والقانون المتعلق بتعيين مجالس البلدية والمخاتير والمجالس الاختيارية، لكن اللجان النيابية ردت على الامر بتأكيد موقفها من القانونين . التوتر هذا انعكس على مجمل العمل الحكومي في ظل تواتر الانتقادات من الوزراء انفسهم للقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء . فبدت السلطة وكأن اركانها غير متفقين لا بل يتبادلون الانتقادات علناً ومن دون اي انتباه الى اثر هذه الحال على الوضع العام . وجاءت الطامة الكبرى خلال الاحتفال بعيد الاستقلال حين اعتكف رئيس الحكومة عمر كرامي لأنه وصل الى مكان الاحتفال من معبر غير مخصص له، فلم يحظ بنشيد التكريم من فرقة موسيقى الجيش التي كانت تنتظره في مكان آخر . 
وكالعادة، كان لا بد من التدخل السوري لانهاء هذه الازمة ومشاركة كرامي في استقبالات العيد في المقر المؤقت . بعدها قرر مجلس الوزراء  إحياء قرارات كانت متخذة لكنها لم تشهد التنفيذ ومن ابرزها : منع الجبايات غير الشرعية وتبديل الأولوية العسكرية وجمع ما تبقى من اسلحة ثقيلة ومتوسطة وتأليف لجنة لجمع الاسلحة الخفيفة . الامر الذي أثار احد ابرز الوزراء وهو السيد وليد جنبلاط الذي اعلن رفضه تسليم السلاح في الذكرى السنوية الرابعة والسبعين لولادة كمال جنبلاط، وسارع الى تأييده كل من "حزب الله" والتنظيم الشعبي الناصري وحركة "فتح" الفلسطينية في صيدا . الامر الذي جعل السوريين يتدخلون مرة اخرى لتسوية الوضع فسلم جنبلاط اسلحته الى السورييين وليس الى الدولة اللبنانية.
وسط هذه الجلبة الداخلية، سجل الرئيس الهراوي خرقاً خارجياً عبر قيامه بزيارة الى باريس نجح في خلالها في تخفيف اعباء الديون اللبنانية المترتبة الى الدولة الفرنسية عن قطاع الكهرباء وديون أخرى ثقيلة،  كما ادت الى "تطبيع" العلاقات التي توترت في السابق مع فرنسا بسبب قضية العماد عون . كذلك زار الرئيس الهراوي كل من ايطاليا والفاتيكان ليطل على دول العالم الغربي بعد غياب قسري طويل . كما ترأس الرئيس الهراوي وفد لبنان الى الامم المتحدة يرافقة رئيسا المجلس النيابي والحكومة والقى كلمة لبنان امام الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك، ثم قابل اركان الحكم اللبناني، الرئيس الاميركي جورج بوش لتمر العلاقات داخل فريق الحكم بأزمة سياسية اخرى بسبب احتجاج الرئيس كرامي على عدم تمكنه من إبداء رأيه امام الرئيس الاميركي . وكان لا بد من رأب الصدع سريعاً قبل توجه الجميع الى لقاء الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة واظهار الدولة الموحدة بعد طول تشرذم . خلال اللقاء بالرئيس الاميركي، اطلق الرئيس الهراوي مقولة ان تنسحب اسرائيل من الجنوب وفقاً للقرار 425 فتتعهد الدولة اللبنانية بعدم اطلاق رصاصة عبر الحدود عليها . لكن بالطبع لم تؤدي هذه الزيارة الى ما ارتقبه المسؤولون من التزام اميركي واضح بتطبيق هذا القرار الدولي.
كانت المفاوضات الدولية للسلام التي انطلقت في مدريد برعاية اميركية روسية مشتركة تثير بدورها خلافات حادة داخل الصف اللبناني المفترض به ان يكون واحداً وراء الوفد اللبناني المفاوض . لكن في الواقع، كانت الاصوات المناهضة للمفاوضات الثنائية تتصاعد كلما تقدم لبنان خطوة على طريق جلاء الموقف من انسحاب اسرائيل الكامل من الجنوب، فيما كانت وفود الدول العربية الاخرى تقوم بكل ما يمكنها لتأمين حقوقها في ارضها من دون اي تعكير لصفو مفاوضاتها . ومن أجل تسريع الامور التزم الوفد اللبناني بالتمسك بتنفيذ القرار 425 في مقابل ترتيبات امنية لا تخرج عن اطار اتفاق الهدنة .
على الصعيد الأمني، حدد مجلس الوزراء الاول من شباط كتاريخ لبدء انتشار الجيش في الجنوب وألف لجنة من وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والزراعة تعمل على وضع خطة امنية لحل الميليشيات . وفيما كان الجيش ينتشر في البقاع الغربي والنبطية والزهراني وصور واقليم التفاح، كانت اسرائيل تشن غارات على مراكز لحركة "فتح" وعلى قرى في شرق صيدا والاقليم وتوقع القتلى والجرحى بالعشرات . على الرغم من هذه الغارات، دارت معارك عنيفة داخل مخيم عين الحلوة في صيدا بين قوات من حركة "فتح" والقوات المنشقة عنها بقيادة سعد صايل، الامر الذي جعل الجيش اللبناني ينتشر سريعاً ويدخل للمرة الاولى منذ بداية الحرب الى كل المرافيء الممتدة من ضبيه الى خلدة، وأعيد فتح مرفأ بيروت بعد توقف دام اكثر من عام، وصدر تعميم الى شركات الملاحة البحرية يحظر التعامل مع المرافىء غير الشرعية .
لكن الامن الذي كان يستتب تباعاً اهتز بفعل تفجير سيارة مفخخة على طريق وزير الدفاع المهندس ميشال المر في منطقة انطلياس، فيما كان يتوجه من بلدته بتغرين الى المقر المؤقت في الرملة البيضاء للمشاركة في جلسة لمجلس الوزراء .  ووقع ثمانية قتلى في هذا الانفجار الذي نجا منه الوزير المر فحضر الجلسة التي امتدت تسع ساعات وانتهت الى اتخاذ قرار يقضي بحل كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونشر الجيش اللبناني على كل الاراضي اللبنانية بدأً من 20 نيسان ولغاية 20 ايلول، على ان تسلم الميليشيات سلاحها، كما قررت الحكومة فتح باب التطوع امام العناصر التي انضمت الى الميليشيات خلال فترة الحرب . ترافق كل ذلك مع فرض رقابة ذاتية على نشرات الاخبار في وسائل الاعلام الخاصة وغير المرخص لها، بانتظار صدور قانون تنظيم الاعلام المرئي والمسموع، وان تتم عودة المهجرين بعد تسليم الميليشيات اسلحتها.
رغم هذه القرارات، انفجرت بعد ايام قليلة سيارة ثانية في نفس الموقع الذي فجرت فيه سيارة بموكب الوزير المر، فاتخذت الحكومة قراراً بتأليف ثلاث لجان : لجنة للاتصال بالميليشيات اللبنانية، لجنة للاتصال بالميليشيات غير اللبنانية، ولجنة لدرس كيفية استيعاب عناصر الميليشيات في المؤسسات الوطنية، على ان يصل عدد المنتسبين من هذه العناصر الى عشرين الف عنصر بين مدني وعسكري.
انتشار الجيش اللبناني لم يمر من دون مواجهات عسكرية عنيفة استعملت فيها الاسلحة الرشاشة والصاروخية والمدفعية، ودارت بين الجيش وحركة "فتح" والجماعة الاسلامية، وكالعادة انقسم اللبنانيون بين مؤيد لانتشار الجيش في كل الجنوب وبين من يطالبه بحماية المخيمات والفلسطينيين، وبعد يوم من الاشتباكات اعلن الفلسطينيون التزامهم بخطة انتشار الجيش وبوشر بجمع السلاح الثقيل والمتوسط من المخيمات، لكن برزت عقبة جديدة حين رفض "حزب الله" اخلاء مواقعه في الجنوب او تسليم سلاحه "لأنه سلاح مقاومة" وليس سلاح ميليشيا، مما جعل الجيش يتوقف حيث وصل، فيما اعتبرت اسرائيل انها غير معنية بخطة الانتشار ولن تنسحب من الشريط الحدودي او من جزين "ما لم تنسحب كل القوات الاجنبية من لبنان بما فيها القوات السورية" . ومع المراوحة المستجدة عادت الغارات الاسرائيلية لتعطي الذريعة لرافضي انتشار الجيش في الجنوب من أجل الابقاء على سلاحهم، فيما توقف جمع السلاح من المخيمات ايضاً . هذه التطورات جعلت مجلس الدفاع الأعلى يتخذ توصيات لتعزيز قدرات الجيش في الجنوب والتصدي للاعتداءات وجرى نشر وحدات من المغاوير معززة بالاليات والدبابات ووحدات من لواء المشاة في النبطية وحبوش واجرى وزير الخارجية فارس بويز اتصالات بالاميركيين للتدخل لوقف الاعتداءات الاسرائيلية.
وفي سياق مختلف كلياً، لكنه على ارتباط وثيق بتداعيات الحرب قام شوكت الشكر الذي قتلت عائلته في العام 1983 على اثر اغتيال الزعيم كمال جنبلاط، بقتل مواطنين دروز انتقاماً لما حل بأهله، وكادت هذه الشرارة ان تشعل مجدداً حرباً طائفية في المنطقة، لكن الوزير وليد جنبلاط، وبالتعاون مع كافة المسؤولين قام بتطويق الحادث الذي اثر كثيراً على عودة المهجرين الى الجبل.
وكأن المسلسل الامني شاء تعكير صفو مساعي الدولة لوقف التدهور، استفاقت بيروت مرة ثالثة على تفجير استهدف هذه المرة الجامعة الاميركية في ذكرى تأسيسها المئة وخمسة وعشرين وادى الى انهيار مبنى الكولدج هول العريق والذي يعتبر منذ انشائه في العام 1866 رمزاً للجامعة . هذا التفجير لم يثن الرئيس الهراوي عن زيارة الجامعة الاميركية في اليوم ذاته، وتفقد المكان والتعهد شخصياً باعادة بناء ما تهدم. 
وكان لادارة الجامعة قراراً شجاعاً بمواصلة التدريس على الرغم من التفجير.
في ذلك العام ايضاً، اعتبرت قيادة الجيش ان خدمة العلم هي الضمانة الوحيدة لضم الشباب الى الجيش من اجل تثبيت الامن وتعزيز قدرات الجيش، لكن فئات سياسية كثيرة اعترضت على المبدأ ومن ابرزها القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وحزب الله والتنظيم الشعبي الناصري، لكن وزير الدفاع ميشال المر دافع عن المشروع حتى إقراره اخيراً. ومع التخوف من عودة التدهور الامني، انعقدت خلوة وزارية واتخذت قرارات مهمة ابرزها : تكليف قيادة الجيش اعادة نشر الأولوية العسكرية، منع الجبايات الخوات واقفال الكازينوات وصالات القمار غير الشرعية، الاستمرار في حملات الدهم لجمع ما تبقى من اسلحة ثقيلة ومتوسطة . لكن الوزير جنبلاط رفض تبديل الأولوية بحجة ان ثمة "عناصر مشبوهة" داخل الجيش .
كان الرئيس الهراوي بدأ يشعر بضرورة تغيير الحكومة لا سيما وان الوضع المالي كاد يتفجر مع ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي الى مستويات غير مسبوقة ولتأخر عودة العافية في ظل المراوحة السياسية والامنية ولأن الراغبين في الاستثمار لم يكونوا مقتنعين بقدرة الدولة على فرض القانون . كذلك ارتفعت ديون لبنان الداخلية والخارجية لتصل الى اكثر من اربعة مليارات دولار، وهي قيمة احتياط المصرف المركزي من الذهب والعملات الاجنبية، مع انعدام النية العربية والدولية في الايفاء بوعد تقديم ملياري دولار هبة للبنان كما تم الاتفاق عليه في الطائف، ولم ينعقد اجتماع اللجنة التأسيسية لهذا الصندوق المقرر في 15 تشرين الثاني في السعودية من أجل اطلاقه والبدء في عملية الاكتتاب برأسماله.كانت الدول المعنية بهذا الصندوق تضع اما شروطاً سياسية واما شروط امنية واقتصادية لتقديم المساعدات، وربطها البعض ايضاً باطلاق الرهائن الغربية التي كان ملفها يعود الى فترة الحرب، وطويلاً قبل انتخاب الرئيس الهراوي . لبنان في هذه الاثناء كان يحتاج في الاقل الى 15 مليار دولار لاعادة بناه التحتية، الامر الذي يتطلب ايضاً ما لا يقل عن خمس سنوات من العمل لانجاز هذه المشاريع . وفي ندوة "تنسيق المعونة الدولية للبنان" الذي انعقد في باريس بدعوة من البنك الدولي، طلب لبنان اربعة مليارات و 500 مليون دولار لبدء اعادة الاعمار وتنشيط دورته الاقتصادية، لكنه لم يحصل الا على وعود بمنحه 700 مليون دولار . فالمساعدات كانت في الواقع مربوطة بتحسن الوضع الامني والسياسي، لكن ايضاً وخصوصاً بتحقيق تقدم في مفاوضات السلام. ومن أجل بحث هذا الموضوع، زار وزير خارجية فرنسا رولان دوما لبنان، واكد ان المساعدات للجيش متوقفة على نتائج المفاوضات مع اسرائيل، وعلى انشاء جيش وطني فعلي  قادر على ترسيخ الامن والاستقرار.
وانتهى العام على حكومة شبه مشلولة بفعل الصراعات التي عصفت بين اعضائها، وبالتالي تحول لبنان الى رهينة كبيرة، في الداخل بسبب عدم تنازل اي فريق لصالح الدولة، وفي الخارج بسبب الخوف من انتكاسة امنية تعيد الامور الى سابق عهدها.
يوميات 1992
 بدأ العام الجديد مأسوياً بفعل تفجير سيارة مفخخة ليلة رأس السنة، في حي البسطا في بيروت، اوقعت القتلى والجرحى في صفوف المواطنين الابرياء وقيل ان الهدف كان ربما رئيس الحكومة السابق شفيق الوزان الذي اصيب بجروح بفعل التفجير . وكالعادة استنكر الجميع الجريمة من دون التمكن من معرفة فاعلها.
الخلافات بين اهل الحكم استمرت، لا سيما الخلاف بين الرئيس الهراوي ومجلس النواب بسبب التعديلات التي ادخلها مجلس النواب على  قانون التقاعد والصرف من الخدمة الذي سيكلف الخزينة اموالاً طائلة بما لا يتلاءم والوضع الاقتصادي في البلاد . كما استمرت مقاطعة الوزير نبيه بري لجلسات الحكومة بحجة انه عاد في السابق عن استقالته بناء على وعد من الرئيس الهراوي والرئيس كرامي بوضع نظام داخلي لمجلس الوزراء، كذلك قاطع الوزير جنبلاط الجلسات لخشيته من ان ينعقد السينودس المسيحي ويتخذ قرارات لا تتلاءم مع موقعه . وكان لا بد من الوساطة السورية بين الفرقاء اللبنانيين لانهاء كل هذه التعقيدات، وتشكيل لجنة وزراية لوضع مشروع للنظام الداخلي لمجلس الوزراء.
الموضوع الآخر الذي انقسم السياسيون حوله كان مهمة الوفد اللبناني الى مفاوضات السلام، وسط استمرار الحملات على هذا الوفد بدلاً من الالتفاف حوله لاسترجاع الجنوب وفق القرار 425، ومن ابرز المنتقدين الوزير جنبلاط الذي رد عليه الوزير بويز مدافعاً عن عمل الوفد.
 مع بداية العام أيضاً، اتخذ مجلس الوزراء قراراً اعلامياً قضى بحصر نشرات الاخبار بتلفزيون لبنان، واعطى مهلة شهر للمحطات المرئية التي تعمل من دون ترخيص لتقديم طلبات استثمار تجارية . كذلك اكملت الحكومة تنفيذ قرارات سابقة وطالبت اللبنانيين والمقيمين في لبنان بتسليم كافة الاسلحة الخفيفة، وساعد على هذا الطلب موافقة الامم المتحدة على نشر الجيش في سبع قرى جنوبية تقع داخل منطقة عمل القوات الدولية "اليونيفل" . لكن هذه الخطوة لم تمنع الغارات الاسرائيلية التي اوقعت المزيد من الضحايا في مواجهات في البقاع الغربي . وحاولت الحكومة تفعيل العمل الرسمي عبر اقرار مشروع قانون تسوية مخالفات البناء التي ارتكبها كثيرون في خلال الحرب، كما اقرت قانون الرسوم الجديدة المترتبة على هذه المخالفات.
 وفيما كان الرئيس الهراوي في دمشق يتباحث مع الرئيس حافظ الاسد في تنسيق مشاركة وفدي البلدين في المفاوضات مع اسرائيل، اغتالت اسرائيل بصاروخ الامين العام ﻟ "حزب الله" السيد عباس الموسوي، فاشتعلت الاوضاع الداخلية من جديد، وبدأ تبادل القصف عبر الحدود وتدخل المصرف المركزي لوقف تدهور سعر صرف الليرة، وعمدت اسرائيل الى التوغل داخل الجنوب بعد يوم عاصف من القصف والاشتباكات، ليحل شهر آذار ويعاود لبنان في مطلعه المفاوضات الثنائية مع اسرائيل في واشنطن . اما الوضع الاقتصادي فربض على قلوب المسؤولين وسط اضراب للمعلمين طالبوا فيه برفع رواتبهم بعد عشرات الاعوام من التجميد لها، فيما ارتفعت اسعار السلع في شكل غير مبرر، مما ادى الى احالة تجار واصحاب محطات وقود وافران على القضاء بجرم التلاعب بالاسعار . وعلى خلفية هذه الاوضاع الملتهبة، انعقدت قمة ثانية في دمشق بعد اقل من شهر على القمة السابقة.
وشهد نيسان اضرابات وتظاهرات احتجاجاً على الوضع المعيشي المتدهور، ووصل سعر صرف الدولار الاميركي الى 1545 ليرة لبنانية وسط احتمالات بتدهور العملية الوطنية اكثر فاكثر . وتلبية لمطلب رسمي، انسحبت القوات السورية من مطار بيروت ومن محيطه وتمركز مكانهم زهاء مئة عنصر من الجيش اللبناني في اطار خطة قال السوريون انها لدعم الشرعية اللبنانية ولتجميع عناصر الجيش السوري .  لكن الوضع ذهب الى المزيد من التعقيد حين قامت مظاهرة ضخمة في بيروت في السادس من ايار كادت ان تتحول الى اعمال شغب لا يمكن ضبطها، الامر الذي ادى الى استقالة حكومة الرئيس كرامي . وبعد ايام قليلة، كُلف الرئيس رشيد الصلح تأليف حكومة جديدة هدفها الاشراف على الانتخابات النيابية المقررة في حزيران، وبعد مشاورات حثيثة مع كل الفرقاء ابدى الجميع استعدادهم للمشاركة في الحكومة، لكن ما ان صدرت المراسيم حتى استقال الدكتور سمير جعجع منها . على الرغم من ذلك، حصلت الحكومة على ثقة مجلس النواب باكثرية 76 صوتاً، وبدأ التحضير للانتخابات وفق قاعدة المحافظة كدائرة، الامر الذي اثار مجدداً خلافات داخل صفوف الحكومة، خصوصاً من قبل الوزير وليد جنبلاط الذي رأى في هذا التقسيم تهديداً له بسبب تبعات حرب الجبل وعدم عودة المهجرين الى قراهم، الامر الذي سيجعل المسيحيين يصوتون ضد لائحته. كذلك، عارض المسيحيون اجراء هذه الانتخابات وطالبوا بتأجيلها لحين عودة المهجرين، ولحين توفر الفرص لاجرائها بطريقة مقبولة ومن دون تأثيرات خارجية . في حزيران، زار وزير الخارجية الايراني علي اكبر ولايتي بيروت في اول اتصال للايرانيين بالشرعية اللبنانية وبدأ منذ ذلك التاريخ الحديث عن "التناغم بين الدولة والمقاومة" المتمثلة بحزب الله . في هذه الاثناء، دارت معركة حزبية اتخذت منعطفاً حاداً بين رئيس حزب الكتائب الدكتور جورج سعاده وقائد "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع اللذين تنافسا على رئاسة الحزب، وفي ظل اجواء متوترة وتدخل القوى الامنية لحفظ الأمن في محيط بيت الكتائب في الصيفي . فاز الدكتور سعاده لكنه لم يتمكن من لم شمل كل الكتائبيين، فزاد الانقسام حدة وانعكس بالطبع على قدرة رئيس الجمهورية على توحيد الصف المسيحي، فيما نجحت سوريا ومعها ايران في كبت كل الخلافات بين الفرقاء المسلمين . وزاد من الشرخ المسيحي ان الرئيس الهراوي دعا الى غداء تكريمي على شرف المبعوث البابوي المونسينيور اشيلي سلفستريني، وبعد اعتذار الدكتور سمير جعجع عن الحضور، ووصول معظم المدعويين بمن فيهم الوزير سليمان فرنجيه، فاجأ الدكتور جعجع الرئيس الهراوي بوصوله الى المقر المؤقت في الرملة البيضاء، الامر الذي احرج الوزير فرنجيه فسارع الى الانسحاب من الغداء والى اعلان استقالته . وكان لا بد مجدداً من اجراء اتصالات حثيثة معه ليعود عن هذه الاستقالة . وفيما اقفل نهائياً ملف الرهائن الغربية التي كانت محتجزة في بيروت، بدأ الكلام الجدي ليس فقط عن اجراء الانتخابات بل ايضاً عن زيادة عدد النواب نزولاً "عند رغبة ممثلي الطوائف".
وفي التاسع عشر من حزيران انعقد للمرة الاولى "المؤتمر الوطني العام للمهجرين" فاعتبر الرئيس الهراوي ان "عودة المهجرين امر واقع لأنها تعني عودة لبنان الى واقعه"  واكد ان "معالجة عودة المهجرين خطوة خطوة لا تعني تأجيل العودة".
ولم يتوقف التجاذب حول اجراء الانتخابات النيابية بين من يعتبرها ضرورية وبين من يدعو الى مقاطعتها، وفيما كانت اللجان النيابية تدرس القانون المقترح للانتخابات الجديدة، كان المسيحيون بالتحديد يجاهرون برفض اجراء هذه الانتخابات ويقومون باضرابات في بعض المناطق تعبيراً عن معارضتهم لها . لكن مجلس النواب أقرّ القانون في السادس عشر من تموز، فيما اثار موضوع اقامة مراكز للاقتراع داخل الشريط الحدودي نقاشاً حاداً انتهى الى اتخاذ القرار بوضع الصناديق في القرى التي يسيطر عليها الجيش اللبناني . كذلك اثار البطريرك الماروني موضوع المهجرين وعدم قدرتهم على المشاركة في هذه الانتخابات طالما لم يعودوا بعد الى مناطقهم وقراهم . وفيما زار وزير الخارجية الاميركية جايمس بايكر سوريا لبحث تقدم المفاوضات مع اسرائيل، غرق اللبنانيون في خلافاتهم حول اجراء الانتخابات ودعا المسيحيون الى الاضراب السلمي ضدها . وحين قرر مجلس الوزراء استرجاع مبان رسمية من بينها قصر بيت الدين وقصر الامير امين وسرايا بعقلين، استقال الوزيران وليد جنبلاط ومروان حماده . لكن الشرعية نالت جرعة من التفاؤل حين زار وزير الخارجية الاميركي زحله ليلتقي بالرئيس الهراوي والمسؤولين اللبنانيين ويشجع على اجراء الانتخابات النيابية من دون ضغوط . ترافقت هذه الزيارة مع تنفيذ الفئات المسيحية اضراباً سلمياً في مناطقها . لكن بايكر اعلن صراحة ان ثمة اختلافاً بين الاميركيين والسوريين على تفسير اتفاق الطائف لجهة بدء العد العكسي لاعادة التمركز السوري في لبنان والذي يفترض ان يبدأ بعد سنتين من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
 واستمر الجيش في اسرتجاع المقرات الحكومية ومن بينها "المجلس الحربي" الذي كان مقراً ﻟ "القوات اللبنانية" في حضور الدكتور جعجع، كما قرر مجلس الوزراء مواعيد اجراء الانتخابات النيابية، لكن الوضع الاقتصادي شارف الكارثة حين وصل سعر صرف الدولار الى 2030 ليرة لبنانية . وفيما كان المسيحيون يجتمعون في بكركي لتقرير موقف موحد من الانتخابات فاجأ الرئيس السابق الشيخ امين الجميل اللبنانيين بحضوره بحراً الى جونيه وانتقاله الى بكركي ليدعم ايضاً مقاطعة الانتخابات النيابية.
أضافت هذه الأجواء ثقلاً جديداً على سعر صرف الدولار الذي وصل الى 2755 ليرة لبنانية، ووجد حزب الكتائب الذي كان ينوي المشاركة في الانتخابات، انه غير قادر على مخالفة توجهات بكركي فقرر الالتزام بما سيصدر عن المسيحيين المجتمعين في الصرح البطريركي.
 بعد تحديد مواعيد الانتخابات، ساد جو محموم بين الحكومة من جهة، وبين من يريدون تأجيل الانتخابات من جهة أخرى، وتحديداً المسيحيين الذين كثفوا الاجتماعات في بكركي . كذلك دخلت الوساطات الخارجية على خط المعركة الدائرة، فكانت وساطة فرنسية وفاتيكانية مع بيروت، واميركية مع دمشق وسط اقتراحات بابقاء المجلس القائم حتى العام 1994 او حتى بالتمديد له حتى العام 1996.
وجرت الانتخابات في مرحلة اولى في البقاع والشمال وسط مقاطعة مسيحية واضحة، وتوجه الرئيس الهراوي الى زحله ليدلي بصوته بورقة بيضاء . جاءت النتائج مغايرة لكل التوقعات اذ سقطت شخصيات قريبة من الحكم وابرزها الرئيس حسين الحسيني الذي أعيد فرز اوراقه فربح، فيما تاكد سقوط روي نجل الرئيس الهراوي، لكن الجميع اقر بالنتائج وتمسك بضرورة استكمال العملية الانتخابية حتى النهاية . عندها استقال الوزيران جورج سعاده وفارس بويز، لكن الانتخابات حصلت في بيروت وفي جبل لبنان، وتكررت مشاهد المقاطعة الشعبية لها، وفوجيء اللبنانيون بالنتائج التي كادت تسقط رئيس الحكومة رشيد الصلح واسقطت بالفعل نواب بارزون شاركوا في اتفاق الطائف، وفاز بعض النواب باصوات لا تعد الا بالعشرات، فيما فاز آخرون بالتزكية لعدم ترشح منافسين لهم . واستمر المشهد على حاله واجريت الانتخابات في الجنوب في السادس من ايلول قبل ان تنعقد قمة لبنانية سورية في اللاذقية في سوريا من اجل اقرار الخطوات اللاحقة وابرزها اجراء الانتخابات في كسروان بعد تأجيل قصير . كانت القمة بالفعل تهدف الى ادخال السيد رفيق الحريري الى المشهد السياسي عبر اقناع السوريين بضرورة توليه الحكومة لبدء اعادة الاعمار . بعدها عاد الوزير فرنجيه عن استقالته، وجرت الانتخابات طبيعياً في كسروان وسط مقاطعة تامة لها من المسيحيين، وفي العشرين من تشرين الاول تم انتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب للمرة الاولى، وسط حضور ديبلوماسي لافت لا سيما من ممثلي الدول التي كانت تنتقد العملية الانتخابية او تدعو الى تأجيلها . وكنتيجة لقمة اللاذقية، جرى تكليف السيد رفيق الحريري بتأليف حكومة جديدة، فتشكلت من ثلاثين وزيراً ونالت الثقة باكثرية 104 اصوات . لكن الشهر الاخير من السنة شهد على مدى تعرض الحكومة اللبنانية للهزات الآتية من الخارج، اذ قررت اسرائيل ابعاد اكثر من 400 فلسطيني الى لبنان، وكأنها بذلك تمارس نوعاً آخر من الحرب على البلاد . وقفت الدولة كلها ضد القرار الاسرائيلي ومنع المسؤولون دخول المبعدين الى الجنوب، واتاحوا لهم فقط ان يمكثوا عند الحدود في مخيم بات يعرف بمخيم مرج الزهور.
يوميات 1993
استمر في العام الجديد التصعيد بين لبنان واسرائيل بالنسبة الى قضية المبعدين الفلسطينيين . في مطلع العام، قصفت اسرائيل اطراف مخيم مرج الزهور لكن رئيس الحكومة رفيق الحريري، ورداً على المطالبات بايوائهم في مكان آخر، اكد  بان موت مبعدين لن يثنيه عن قرار عدم السماح لهم بالدخول الى لبنان . بدوره دعا السفير الفرنسي لدى لبنان اسرائيل الى تطبيق القرار الدولي الرقم 700 القاضي باعادة المبعدين الى اراضيهم.
الرئيس الهراوي زار مجلس النواب بدعوة من رئيسه، والقى خطاباً اكد فيه ان "الديموقراطية ولبنان صنوان"، وهنأ النواب "على ثقة الشعب بكم، واذا ذهب بعضهم الى انكم لا تحظون بثقة كل الشعب، فأكدوا بالعمل ثقة الشعب بمجلسكم وبالدولة". 
 رئيس حزب الكتائب الدكتور جورج سعاده أكد بان حزبه يشكل دعامة اساسية للرئاسة. 
 انعقد مجلس الوزراء للمرة الاولى في سرايا رئاسة الحكومة المرمم، فيما طغت قضية المبعدين على ما عداها من امور داخلية لا سيما بعد التدخل الايطالي المرفوض لبنانياً بان يسهم لبنان في تموينهم، مما فرض على اسرائيل ان تقبل بعودة ستة منهم، فيما قام الباقون بهدم المخيم وتنظيم مسيرة احتجاج  . في ذلك الوقت، برزت بوادر تباعد بين الرئيس الهراوي والرئيس الحريري، تسبب بها التعيينات الادارية التي صدرت في العشرين من شهر كانون الثاني، فبعد ست ساعات من جلسة ترأس الهراوي جزء منها ثم ترك استكمالها للحريري، عين مجلس الوزراء رؤساء مجالس اثنتي عشرة مصلحة مستقلة . هذه الجلسة، طغت بتفاصيلها على تصريح للمرشد الاعلى للثورة الايرانية السيد علي خامنئي الذي قال امام رئيس مجلس النواب السيد نبيه بري بان "لبنان هو الخط الامامي للجبهة الاسلامية".
في هذه الاثناء كان موضوع خدمة العلم على طاولة مجلس الوزراء الذي اقره  لكن بعد الغاء دفع بدل الاعفاء المالي لمن لا يرغب في الخدمة، وذلك حتى لا تقتصر هذه الخدمة على طبقة معينة من اللبنانيين.
 بعد ايام على الخلاف حول التعيينات اعلن الرئيس الهراوي انه "والحريري عائلة واحدة" وطويت هذه الصفحة . وانتهى الشهر الاول من السنة بقرار للبنك الدولي باقراض لبنان 175 مليون دولار متخلياً عن شرط كان وضعه بان تشرف لجنة دولية على كيفية صرفه.
في الاول من شباط، قرر مجلس الوزراء تخصيص 660 مليون دولار لمشروع ضواحي بيروت، فيما نبه الامين العام للامم المتحدة بطرس بطرس غالي اسرائيل بان قبولها بعودة 110 مبعدين من اصل 400  "لا يشكل امتثالاً لقرار الامم المتحدة" . اما حركة أمل فبادرت الى تسليم الجيش اسلحتها الثقيلة  فيما زار "حزب الله" الاشرفية للمرة الاولى بعد الحرب . كذلك وصول وفد من الكونغرس الاميركي الى بيروت للقاء المسؤولين، تبعه وفد كويتي، قبل ان يزور وزير الخارجية الاميركي السيد وارن كريستوفر زحله حيث ابدى ارتياحه الى انجازات الحكومة لكنه دعا الى تطبيق "اتفاق الطائف" كاملاً واعادة نشر القوات السورية.
استمرت المناوشات الضارية  مع اسرائيل، فبعد مهاجمة المقاومة لمعبر بيت ياحون، ردت اسرائيل كالعادة موقعة ضحايا بين الجنوبيين، الامر الذي ادى الى اقالة ضابط اسرائيلي كبير لتسببه بسقوط المدنيين، بعدها اطلقت المقاومة اربعة صواريخ "غراد" على ميس الجبل، فالهبت اسرائيل محاور الجنوب باكثر من 160 قذيفة واعلنت حال التأهب القصوى، لا سيما في ذكرى اغتيال الامين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي . وتبادلت المقاومة القصف المدفعي مع "جيش لبنان الجنوبي" والاسرائيليين وصرح الرئيس الحريري بان سلاح الحزب لن ينزع ما دام الجنوب محتلاً.
استمرت الاعتداءات الاسرائيلية على حالها، فيما تعهدت واشنطن بتقوية الجيش وتدريب الضباط . في نفس الوقت قام الموفد البابوي الخاص الكاردينال أشيل سلفستريتي بزيارة الى لبنان قبل ان يتسلم لبنان دعوة الى مفاوضات السلام استلزمت قمة لبنانية سورية لتنسيق المواقف . لكن هذه اللأجواء ترافقت مع اشتداد العمليات ضد اسرائيل.
 في 30 آذار بدأ الرئيس الهراوي من الكويت جولة عربية لطلب الاستثمارات، ثم انتقل الى ابو ظبي وأعلن بعد عودته منها ان الامارات ستمنح الدولة اللبنانية الاولوية في الاستثمارات . الهراوي كان حمل معه ملف املاك العرب في لبنان داعيا اياهم عبر حكامهم الى العودة واستلامها.
بعدها زار الهراوي السعودية وحث المملكة على الاستثمار في لبنان، وترافقت هذه الجولات مع بدء إخلاء منازل وممتلكات للمهجرين وللمصطافين العرب وتسليم مفاتيح 49 منزلا في الناعمة لاصحابها . كذلك قرر الصندوق العربي للتنمية اقراض لبنان من ضمن خطة اوسع لتنمية اقتصاده.
بقيت قضية المبعدين الفلسطينيين كشوكة في خاصرة الحكم وهم قاموا بمحاولة للعودة الى اراضيهم المحتلة ولبسوا رمزياً الاكفان قبل ان يسيروا باتجاه زمريا لكن اسرائيل استبقت وصولهم اليها وقصفت المنطقة واوقعت بينهم جريحاً . هؤلاء لن يعودوا الى ارضهم قبل 9 ايلول، اذ عادت دفعة اولى منهم وعددها 181 بعد 260 يوماً من الابعاد، فيما عاد الباقون  في  15 تشرين الأول.
كان الحدث الابرز في ايار، اقرار مجلس الوزراء مشروع المجلس الدستوري، فيما أقر مجلس النواب تخصيص 16 مليار ليرة لترميم قصر بعبدا والسرايا في بيروت . كان الهاجس الآخر هو تفعيل الادارات الرسمية عبر قبول مجلس الوزراء  استقالة 500 موظف دفعة واحدة، والبدء بتعيينات جديدة في الفئة الاولى شملت تعيين رياض سلامه حاكماً لمصرف لبنان واسعد دياب رئيساً للجامعة اللبنانية.
وبعد قمة لبنانية سورية في دمشق زار رئيس رومانيا ايون الييسكو، وهو  اول رئيس دولة غربية يطأ ارض لبنان بعد عشر سنوات من قيام آخر الروساء الغربيين لمثل هذه الزيارة . واقرت لجنة المال في مجلس النواب قرض البنك الدولي ﺒ 175 مليون دولار للانماء المتوازن.
بدأ شهر حزيران بزيارة مفاجئة للرئيس الهراوي الى الجنوب، هي الاولى في عهده، فيما تلقى الوزير فارس بويز دعوة من سفيري الولايات المتحدة وروسيا للجولة العاشرة للمفاوضات . في هذه الاثناء تسلمت الكويت وقطر والامارات العربية المتحدة دفعة اولى من ممتلكات رعاياها في الجبل .  وأجرى مجلس الوزراء تعديلاً لقانوني الضرائب والايجارات، الهدف منهما تشجيع الاستثمارات وتحرير الايجارات تباعاً . 
في 16 حزيران زار الرئيس الفرنسي جاك شيراك بيروت ودعا المسيحيين الى استعادة الثقة. وقبيل انعقاد مؤتمر الحوار المسيحي في دير البلمند  انفجرت عبوة ناسفة تحت جسر البلمند ادت الى سقوط قتيل وجريحين، بعدها اقر مجلس النواب تأهيل الضواحي ووافق على مشروع الحكومة للمجلس الدستوري. 
في واشنطن، طالب مجلس الشيوخ الاميركي بالاجماع بسحب الجيش السوري من لبنان معتبراً ان الانتخابات النيابية لم تكن نزيهة، فيما رعى الوزير جنبلاط عودة اهالي كفرقطره، بعد اخلاء اراضي الجيه وجدرا ووادي الزينه.
واستمرت المساعدات للبنان اذ قرر وزراء الاعلام العرب منحه 400 الف دولار للجنوب، لكن اسرائيل تخطت كل الحدود السياسية حين زار رئيس حكومتها اسحق رابين مرجعيون بعد معركة مع القيادة العامة سقط في خلالها قتيلين اسرائيليين .
في هذه المرحلة انعقدت قمة لبنانية سورية، اطلع خلالها الرئيس حافظ الاسد الرئيس الهراوي على اجواء جولة منسق مفاوضات السلام دنيس روس الى المنطقة، هذه المفاوضات التي ظلت متعثرة رغم الاجتماعات التي انعقدت.
واقرت السعودية قرضاً ﺒ 130 مليون دولار لأحد عشر مشروعاً، لكن التعزيزات الاسرائيلية باتجاه الجنوب، لا سيما داخل "الحزام الامني" طغت على الوضع الداخلي، وترافقت مع زيارة لوزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى بيروت ثم لوزير الخارجية المصري عمرو موسى حاملاً رسالة من الرئيس حسني مبارك.
انتقال الهراوي الى قصر بعبدا في الثامن والعشرين من تموز، سبقته ورافقته معارك ضارية في الجنوب حيث شن الجيش الاسرائيلي عملية عسكرية واسعة استمرت اسبوعاً، ووصفت بانه لم يسبق لها مثيل منذ اجتياح العام 1982، واسفرت عن سقوط 132  قتيلاً و500 جريح وتهجير اكثر من 40 الف شخص .  وبدلاً من استقبال المهنئين بعودة الرئاسة الى موقعها، ترأس الهراوي  جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في السرايا الحكومي انتهت بتقديم شكوى ضد اسرائيل لدى الامم  المتحدة، وطلب اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب .وفيما تضامن العرب مع لبنان، قامت مظاهرات حاشدة في بيروت تندد بالعدوان . وشهد شهر آب  توجيه نداء من  24 بلدة جنوبية طالبت  بادخال الجيش الى مناطقها، ووافقت الامم المتحدة على نشر الجيش في المنطقة الدولية . وانعقدت قمة بين الرئيس الهراوي والرئيس الاسد لبحث سبل نشر الجيش اللبناني جنوباً، كذلك جرت محادثات لبنانية اميركية في زحلة بين وارن  كريستوفر والرئيس الهراوي ورئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية فارس بويز، برزت فيها مطالبة دولية بنزع سلاح "حزب الله" فرد الحريري برفض الطلب لأنه "سيؤدي الى حرب اهلية جديدة".
على صعيد مرسوم التجنيس قال وزير الداخلية بشاره مرهج بان طلبات التجنيس ستراعي التوازن وقبولها سيكون بين 10 آب و 24 ايلول . وفيما تظاهر نازحون من اربع بلدات جنوبية احتجاجا على إطلاق الصواريخ، هاجمت المقاومة اهدافا في الحزام الامني وردت اسرائيل بقصف مدفعي على 6 بلدات . لكن الجيش انتشر في القطاعين الغربي والاوسط من المنطقة الدولية وسط فرحة الجنوبيين العارمة، وقدمت اليونيسيف 300 الف دولار مساعدة للمتضررين من العدوان، كما ارسلت سوريا الدفعة الاولى من الاسمنت لاعادة اعمار البلدات الجنوبية.
 وعلى الرغم من الانتكاسة في الجنوب، استمر تسليم 350 منزلاً ومتجراً في الفنار لاصحابها، و 750 منزلاً ومؤسسة في الشبانية وفالوغا . وزار الامين العام لجامعة الدول العربية عصمت عبد المجيد لبنان والتقى المسؤولين الكبار قبل انعقاد قمة لبنانية سورية أكدت استمرار التعاون والتنسيق ونتج عنها  تعيين السيد نصري الخوري اميناً عاماً للمجلس الاعلى اللبناني السوري.ولم تتوقف عمليات المقاومة، بل اوقعت 9 قتلى في صفوف الجيش الاسرائيلي الذي ردّ بقصف بعلبك . في هذه الاثناء قام الرئيس الحريري والامين العام لجامعة الدول العربية بجولة على سوريا والبحرين وقطر وعمان اثمرت مساعدات بقيمة 64 مليون دولار، قبل وصول  امير الكويت الى بعبدا لبحث الوضع في الجنوب والمفاوضات والمساعدات الممكن تقديمها للبنان، ثم انعقد لقاء بين المسؤولين اللبنانيين ونائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام استبق ذهاب الوفد اللبناني الى واشنطن  للمشاركة في مفاوضات السلام.
شهد ايلول المزيد من زيارات الرئيس الحريري والامين العام لجامعة الدول العربية عصمت عبد المجيد للمغرب العربي اولاً ثم الكويت حيث حصل على 75 مليون دولار فالسعودية ليجمع في المحصلة 400 مليون دولار لاعادة الاعمار . لكن التوتر الجنوبي كاد ينتقل الى الداخل حين منع الجيش تظاهرة ﻟ "حزب الله" احتجاجاً على اتفاق غزه اريحا فوقع 7 قتلى و34 جريحاً . واستقال وزير الداخلية بشاره مرهج  بعد لقاء مع خدام، لكنه عاد عن استقالته في اليوم التالي . وفيما طلب المجلس الشيعي الاعلى بالغاء قرار منع التظاهر، حمَّل "حزب الله"  السلطة السياسية تبعة الحادث وقام بتظاهرة حاشدة في الضاحية الجنوبية لتشييع الضحايا.
وللمرة الاولى منذ 20 عاماً، أقر مجلس الوزراء موازنة العام 1994، في المهلة الدستورية، والتقى الرئيس الحريري الرئيس الاميركي بيل كلينتون في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة حيث القى كلمة لبنان . وفيما كان الوزير بويز ينقل الى الوزير كريستوفر ورقة لبنان للمفاوضات التي تؤكد على ضرورة انسحاب اسرائيل من كل الجنوب، كان الرئيس الهراوي يرفض فكرة "جزين اولاً"  التي عرضتها اسرائيل، والتي تؤدي فقط الى انسحاب اسرائيلي جزئي من الجنوب بدلاً من تحقيق الانسحاب الشامل وفق القرار 425.
ولم تتوقف الاعتداءات الاسرائيلية بشتى انواعها بل شهد شهر تشرين الاول توسيع حدودها 200 متر بطول 4 كلم دخل الاراضي اللبنانية، قبل ان تفرض حصاراً  بحرياً على لبنان . واقرت هيئة الاغاثة برئاسة الحريري  11 مليار ليرة  لمجلس الجنوب و860 مليار ليرة لتأهيل الطرق . وزارت قيادة حزب الكتائب والوزير فرنجيه الرئيس بري عشية اللقاء المسيحي فيما أكد الحريري بان الجنسية لن تعطى للفلسطينيين.
وفي تشرين الثاني، زار الرئيس الهراوي ايطاليا والفاتيكان لثلاثة ايام واستقبله قداسة البابا ليعود  مع وعد من البابا بزيارة لبنان في مطلع الصيف المقبل . وفي السادس من هذا الشهر انعقد لقاء مسيحي  بدعوة من حزب الكتائب غابت عنه "القوات اللبنانية" وحزب الوطنيين الاحرار وتيار عون.
 الخبر المفرح في هذا الخضم، كان فوز الكاتب اللبناني امين معلوف بجائزة غونكور لروايته "صخرة طانيوس" فعمد الرئيس الهراوي الى تهنئته ودعوته للقدوم الى وطنه الام لتكريمه . وزار وفد كندي لبنان للمرة الاولى منذ 17 عاماً فيما قامت المقاومة بهجوم واسع على مواقع جيش لبنان الجنوبي أسفر عن اسر 12 عنصرا وجرح اثنين، وردت اسرائيل بقصف 18 بلدة بما فيها جنتا وبعلبك في البقاع.
وللمرة الاول منذ اندلاع الحرب، رفع مجلس الوزراء الحد الادنى للاجور من 118 الف ليرة الى 200 الف ليرة . فرفض الاتحاد العمالي  هذا القرار وأوصي بالاضراب والتظاهر.
وزار زير الخارجية الفرنسي لبنان، كما انعقد المؤتمر الاول للبرلمانيين المتحدرين من اصل لبناني بدعوة من الرئيس بري، ووافق مجلس الوزراء على قرض فرنسي  ﺒ 50 مليون فرنك لتجهيزات عسكرية . واستمر الحوار بين الحكومة والاتحاد العمالي لتصحيح الاجور، وانطلق العد العكسي لتطهير الادارة عبر اقالة 46 موظفاً.
في مطلع كانون الاول، عينت واشنطن مارك هامبلي سفيراً جديداً في لبنان . وانتهى التطهير الاداري باقالة 530 موظفاً واحالة 7 على المجلس التأديبي وصرف 1805 منقطعين و1500 فائضين . بعدها تصاعد القصف الاسرائيلي في الجنوب فالتقي الوزير بويز سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن واستدعى السفراء العرب للاحتجاج على تجاهل الجمعية العمومية للامم المتحدة القرار 425 في بيان اصدرته بالاجماع، وكان هدفه دعم الجهود المبذولة في عملية السلام بين العرب واسرائيل . بعدها انعقدت قمة لبنانية سورية تبعها قصف اسرائيلي للنبطيه ورد للمقاومة بصواريخ كاتيوشا . واقر مجلس الوزراء اصول تأجير قنوات بث الصورة والصوت (المرئي المسموع) واستقبالهما عبر الاقمار الاصطناعية . لكن التصعيد العسكري الاسرائيلي استمر  في الجنوب والبقاع الغربي .  ووقعت مفاجأة داخلية بتفجير بيت الكتائب في الصيفي ووقوع قتيلين و130 جريحاً من بينهم اعضاء في المكتب السياسي . بعدها، انعقد  المجلس الاعلى لمعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا . وانتهى العام بقرار تأليف المجلس الدستوري.
يوميات 1994
عناوين كثيرة ضجت بها بداية العام الجديد ليس اقلها الحديث عن قمة سورية اميركية مرتقبة لبحث مستقبل المفاوضات مع اسرائيل، وبدء الاكتتاب في اسهم "سوليدير" لاعادة اعمار العاصمة بيروت . لكن بالنسبة الى الرئيس الهراوي، كانت المطالبة بتعديل بعض مواد الدستور الجديد، لجهة صلاحيات رئيس الجمهورية، هي الأساس، بعدما ابرزت الممارسة ثغرات عديدة في هذه المواد . بداية هذا العام، كانت علامة فارقة ايضاً على صعيد التطورات الامنية، ومن اخطرها تفجير كنيسة سيدة النجاة في زوق مكايل، اما نهاية العام فتمحورت حول احتمال التمديد للرئيس الهراوي.
في مطلع العام، زار وزير الخارجية البريطاني بيروت والتقى المسؤولين وبحث في مجريات العملية السلمية، فيما كان النائب وليد جنبلاط يتساءل "لماذا يأتي البابا الى لبنان"؟ الامر الذي اثار الدهشة، لكنه اعطى انطباعاً بان فريقاً معيناً لا يرغب بهذه الزيارة . في هذه الاثناء، بدأ التحقيق في محاولة اغتيال الرئيس الهراوي في قصر بعبدا على يد أحد الجنود الذي قال بان جهاز الامن في "القوات اللبنانية" كان يحرضه على القيام بهذا العمل.
 وبدأ الاكتتاب في اسهم سوليدير لاعادة اعمار وسط بيروت، ووصلت نسبة المكتتبين اللبنانيين الى 90 في المئة وشارك لبنانيو الاغتراب بنحو 550 مليون دولار.
وفي 11 كانون الثاني، اتجهت الانظار الى جنيف حيث التقى الرئيس السوري حافظ الاسد الرئيس الاميركي بيل كلينتون وسط تكهنات بان المفاوضات باتت على حافة الانهيار وان هذه القمة هي الفرصة الاخيرة لانقاذها . وفيما كانت الأجواء الايجابية تسيطر على كافة المستويات السياسية في لبنان، كان القلق من ان يتم السلام على حساب لبنان، وهو الموضوع الرئيسي الذي اثير في اللقاءات مع السفير الاميركي الذي نفى كلياً نية بلاده حرمان لبنان من حقوقه . الاسد كان اكد ان بلاده مستعدة لاقامة علاقات سلمية طبيعية مع اسرائيل، فيما طالب رئيس الحكومة الاسرائيلي اسحق رابين بسماع كلمة "تطبيع" من الرئيس الاسد نفسه وليس من الرئيس الاميركي . لكن نتائج هذه القمة جاءت فاترة من قبل الفريقين السوري والاسرائيلي، وتبين ان معاودة المفاوضات لن تؤدي الى النتائج الحاسمة.
في هذه المرحلة، صدرت التشكيلات الديبلوماسية بعد طول انتظار، ووضع مجلس الوزراء مشروع قانون تنظيم الاعلام، وكرر الرئيس الهراوي مطالبته بتعديلات دستورية محددة واعتبر ان الدستور "نحن وضعناه في ظروف قاهرة ويمكن بالتالي تعديله لجهة تحسين الممارسة".
 بعد القمة السورية الاميركية، نقل السفير الاميركي مارك همبلي رسالة شفوية من الرئيس بيل كلينتون الى الرئيس الهراوي، تقول بان هناك فرصة للتقدم في عملية السلام وبان لبنان سيجني ربحاً اكيداً من نتائج القمة. وانعقدت قمة لبنانية سورية موسعة لاطلاع لبنان على نتائج قمة جنيف.
وعقد وزراء الثقافة العرب مؤتمرهم السنوي في بيروت، على الرغم من استمرار القصف الجوي الاسرائيلي لتلال الناعمة . وفي 21 كانون الثاني، توفى باسل الاسد، النجل البكر للرئيس السوري حافظ الاسد، وتوجه كبار المسؤولين اللبنانيين الى القرداحة للتعزية، وباتت الانظار مشدودة الى التطورات السورية الداخلية لمعرفة من سيحل مكان باسل الذي كان مرجحاً له تولي السلطة بعد والده . في هذه المناسبة توجه وفد من "القوات اللبنانية" برئاسة الدكتور سمير جعجع الى القرداحة ليقدم تعازيه، وسيكون لهذه الزيارة تداعيات كثيرة في المستقبل القريب.
وانصب الاهتمام على زيارة البابا الى لبنان بعد تحديد موعدها في 28 ايار، وسط معارضة للعماد عون وترحيب من الرئيس امين الجميل، وكان اللافت تبدل موقف الوزير جنبلاط منها اذ رحب بها بعد معارضته الاولية لها . لكن شهدت نهاية شباط جريمة تفجير كنيسة سيدة النجاة التي وقعت صبيحة يوم الاحد في 26 شباط وهزت كل لبنان اذ قتل فيها عدد من المصلين، الامر الذي اعاد الى الاذهان خطر التدهور الامني . هذه الجريمة ادت الى إلغاء زيارة البابا، وبسببها تم توقيف الدكتور سمير جعجع وصدرت بحقه مجموعة من الاتهامات، واتخذ مجلس الوزراء قراراً بحل حزب "القوات اللبنانية"، وأمر بوقف نشرات الأخبار في الاعلام الخاص لحين صدور المرسوم 104 المتعلق بتنظيم هذا القطاع . كذلك شهد شباط، اغتيال السكرتير الاول في السفارة الاردنية نائب عمران المعايطة وتوقيف عدد من المشتبه بهم.
وفي شباط، نفذ الاساتذة في الجامعة اللبنانية اضراباً لمدة يومين احتجاجاً على عدم تلبية الحكومة لمطالبهم برفع رواتبهم . اما الامر الاشد خطورة، فكان حين نفذ "حزب الله" حكماً اتخذه من دون العودة الى القضاء اللبناني، باعدام حسين عواضه رمياً بالرصاص في بعلبك لاتهامه بجريمة اغتيال ام وطفليها . اثار هذا الامر موجة انتقادات عارمة واكدت الحكومة ان القضاء هو المرجع الوحيد للتحقيق في الجرائم ومعاقبتها.
وسافر الرئيس الهراوي الى ساحل العاج للمشاركة في تشييع رئيسها الراحل فيليكس هوفويت بوانييه، وكانت له جولات مع المسؤولين العاجيين ومع الجالية اللبنانية التي دعاها الى الاسهام في اعادة الاعمار.
في هذه الاثناء، كان البعض يطالب بمنع بث عظة البطريرك الماروني مار نصر الله صفير في الاعلام المرئي والمسموع، لكن الامر انتهى سريعاً ولو استمر صفير في انتقاد الاداء الحكومي في عظاته.
في الرابع من آذار، وقّع الرئيس ياسر عرفات ورئيس الحكومة الاسرائيلية اسحق رابين اتفاقاً مشتركاً في القاهرة، يقضي بالانسحاب من غزه واريحا . فابدى الرئيس الهراوي اسفه لسقوط التضامن العربي وتمنى لو جاء الاتفاق في اطار التنسيق بين الدول العربية المشاركة في مفاوضات السلام . في نفس اليوم اعتبر الرئيس كلنتون ان اي اتفاق يجب ان يعترف بسيادة لبنان ووحدة اراضيه وان يقضي على الارهاب فيه . بعدها انعقدت قمة لبنانية سورية موسعة لمواجهة خروج الفلسطينيين من المفاوضات من دون بلورة حلول لباقي الدول العربية، لكن تبع كل ذلك سلسلة من الهجمات قام بها "حزب الله" على الشريط الحدودي ادت كالعادة الى غارات جوية اسرائيلية على مواقع الحزب، ولم يتوان رابين عن زيارة الشريط الحدودي لرفع معنويات جنوده، وكان 21 آذار الاكثر دموية  في هذه المواجهة .
 وللمرة الاولى، وبعد ستة عشر عاماً على اخفاء الامام موسى الصدر، جرى انتخاب السيد محمد مهدي شمس الدين رئيساً للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى . كما اعادت السعودية سفيرها احمد الكحيمي الى لبنان فقدم اوراق اعتماده الى الرئيس الهراوي، وترافق وصوله مع تقديم المملكة 100 مليون دولار لتنفيذ مشاريع انمائية . ومع استمرار منع النشرات الاخبارية، بدأ التململ الداخلي لا سيما على المستوى النيابي فطالب اربعون نائباً برفع الحظر عن الاخبار في الوسائل المرئية والمسموعة . وطغت كالعادة عمليات المقاومة على ما عداها حين رد "جيش لبنان الجنوبي" على عملية للمقاومة بقصف صيدا وايقاع عشرة مدنيين، فردت المقاومة باطلاق عشرات صواريخ الكاتيوشا على شمال اسرائيل . ووضع رابين ثلاثة شروط للانسحاب من لبنان وهي : معاهدة سلام مع تطبيع للعلاقات، ترتيبات امنية على الحدود، استيعاب عناصر "الجنوبي" في الجيش اللبناني.
لكن هذا الشهر شهد اغتيال احد اللاجئين العراقيين الى بيروت وهو المعارض طالب سهيل التميمي، فجرى توقيف ديبلوماسيَّين عراقيين يعملان في السفارة في بيروت رهن التحقيق وقطع لبنان علاقاته الديبلوماسية مع بغداد . وللمرة الاولى منذ عشر سنوات نفذ حكم اعدام بحق بسام مصلح الذي اغتصب فتاة قاصراً وقتلها في صور.
في ايار، انعقدت قمة موسعة في دمشق من أجل بحث تطورات العملية السلمية، لكن بالطبع كانت العلاقات بين المسؤولين اللبنانيين في خضم المباحثات . فقد كانت الخلافات تعصف مجدداً بين كبار المسؤولين، وفي التاسع من ايار إعتكف الرئيس الحريري عن ممارسة مهمامه، وصدرت مواقف تنتقد أداء "الترويكا"، فيما انتقد آخرون عدم التوازن الذي نجم عن "اتفاق الطائف" . لكن عادت الامور الى نصابها فيما بعد وانتظمت الحركة السياسية وفق الايقاع المطلوب، وترافقت هذا الاجواء الايجابية مع مطالبة الوزراء بالامتناع عن تسريب معلومات حول المداخلات التي تجري داخل اجتماعات مجلس الوزراء . وقرر الرئيس الهراوي السعي مع رئيس الحكومة رفيق الحريري لمعالجة الوضع المعيشي المتردي.
وفجر عيد الاضحى، في  19 ايار، نفذ كوموندس اسرائيلي عملية خطف للمسؤول في حركة "أمل" مصطفى الديراني من منزله في بعلبك، وتقدم لبنان بشكوى الى مجلس الامن، واحترق الجنوب مجدداً . وهذا ما حصل في مطلع حزيران، حين استهدفت اسرائيل مخيماً لحزب الله في البقاع  فرد الحزب بقصف اصبع الجليل بالكاتيوشا، واعلنت اسرائيل فيما بعد استعدادها لمبادلة كل الفلسطينيين الاسرى لديها في مقابل ثلاثة جنود لها مفقودين في لبنان.
كل هذه التطورات لم تؤخر قرار نشر لواءين من الجيش في قرى الجبل، كما صدر قانون التجنيس الذي منح الجنسية اللبنانية دفعة واحدة الى 130 الفاً من الذين تقدموا بطلب خاص . وفي اواخر حزيران زار الامير خالد بن سلطان بن عبد العزيز لبنان، ونائب وزير الخارجية الايراني محمد مهدي خنساري الذي اعاد التذكير بطلب ايران معرفة مصير الديبلوماسيين الايرانيين الاربعة الذين خطفوا خلال العام 1982.
شهر تموز كان قضائياً بامتياز، وشهد إدانة الدكتور جعجع باغتيال الدكتور الزايك فيما طلب غسان توما حق اللجوء السياسي الى الولايات المتحدة الاميركية . لكن هذا الشهر شهد ايضاً، بداية اعادة اعمار العاصمة لا سيما الوسط التجاري فيها اذ بدأت عمليات هدم الابنية المتضررة وترميم الابنية الاخرى وفق النسق الهندسي المميز الذي تمتعت به بيروت قبل الحرب . واحتجاجاً على استمرار منع نشرات الاخبار، اعتصم العاملون في وسائل الاعلام المرئي والمسموع على مدى يومين امام المجلس النيابي فاقر مجلس النواب عودة النشرات الاخبارية خلافاً لرأي مجلس الوزراء، وذلك بعد 127 يوماً على وقفها.
ومع اقتراب السنة الاخيرة لعهد الرئيس الهراوي، وفي خلال احتفاله بعيد شفيعه مار الياس في زحله، حيث يلتقي عادة بالمسؤولين اللبنانيين ويزوره المسؤولون السوريون، بدأ الحديث عن التجديد له لولاية ثانية، لكن في السر وفي الكواليس السياسية اللبنانية والسورية . وفي الرابع والعشرين من تموز، زار وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بعبدا حاملاً رسالة الى الرئيس الهراوي وانتقد توقيع الاردن والفلسطينيين اتفاقات مع اسرائيل.
في آب فرضت اسرائيل حصاراً على بلدة يحمر فانهمك المسؤولون اللبنانيون في السعي الى فكه سريعاً . دام هذا الحصار شهراً كاملاً، وشنت اسرائيل غارات على الجنوب سقط فيها مدنيون لبنانيون . وثارت الفئات السياسية حين اكتشفت ان وزارة المهجرين تعدّ مشروعاً يقضي باسكان الفلسطينين في بلدة القريعة في اقليم الخروب، ورفض اللبنانيون توطين الفلسطينيين وانتهى الموضوع عند هذا الحد . لكن وسط هذه السجالات كشف المسؤول الفلسطيني صلاح صلاح بان مرسوم التجنيس شمل 27 الف فلسطيني فرد الرئيس الحريري بان هؤلاء هم اهالي القرى السبع المحتلة من اسرائيل وهم من اصل لبناني.
لبنان كان طوال العام يكافح زراعة المخدرات واقر بيان للامم المتحدة بان المساحات المزروعة انخفضت الى ما يزيد على التسعين في المئة، واعلن الرئيس الهراوي عزم الدولة على مكافحة آفة المخدرات . اما الاوتستراد العربي الذي كان من المفترض ان يصل ما بين المرفأ والحدود عند المصنع، فهو شهد معارضة من نواب المتن والجبل ومن الاهالي لأنه سيزيل منازل عديدة في منطقة الكحالة . وشهد شهر أب وفاة البطريرك مار انطونيوس بطرس خريش، فشارك وفد سوري رفيع في تشييعه في بكركي، في اول زيارة لوفد سوري الى الصرح البطريركي منذ العام 1986.
في ايلول، اجرى الحكم تعديلاً حكومياً محدوداً قضى بتسمية الوزير ميشال المر للداخلية مكان الوزير بشاره مرهج الذي عين وزير دولة . وكافحت الحكومة ادخال نفايات كيمياوية الى كسروان واصرت على ارسالها الى بريطانيا لحرقها في أفران خاصة . لكن ابرز حدث في هذا الشهر كانت الزيارة التي رعى خلالها الرئيس الهراوي المصالحة في الباروك فاسست لعودة المهجرين الى الجبل . وبعد المصالحة توجه الى المختارة وبيت الدين. 
كذلك زار وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بعبدا لاطلاع المسؤولين اللبنانيين على نتائج زيارة منسق المفاوضات الاميركي دنيس لدمشق . وعاد الرئيس صائب سلام نهائياً الى بيروت بعد غياب دام عشر سنوات امضاها في جنيف . لكن فوجيء اللبنانيون بسحب السفير الاميركي مارك هامبلي من لبنان من دون اسباب معلنة، ليحل مكانه قائم بالاعمال هو رون شلايكر.
الجنوب طوال هذه المدة شهد هدوءاً نسبياً فجرته مجدداً في مطلع تشرين الاول الزوارق الحربية الاسرائيلية التي قصفت مخيم نهر البارد في الشمال وشنت المقاومة عملية نوعية استهدفت جيش لبنان الجنوبي وادت الى مقتل الرائد عقل هاشم . ازاء هذا التجدد في التوتر، اقترح الرئيس الهراوي تشكيل لجنة سياسية عسكرية للتفاوض مع اسرائيل على برنامج زمني لا يتجاوز الاشهر الستة لانسحابها من لبنان، لكن بشرط التزام تل ابيب بالانسحاب الشامل، وهو ما رحب به رئيس الحكومة الاسرائيلية اسحق رابين لكن من دون القبول بشرط الانسحاب  . هذا الجدل جاء على خلفية زيارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى المنطقة ليشارك في 26 تشرين الاول في توقيع الاردن لاتفاق وادي العربة للسلام مع اسرائيل، وفي اليوم التالي زار كلينتون دمشق ثم انتقل الى تل ابيب حيث صرح بان جهوداً كثيرة لا تزال ضرورية للتوصل الى اختراق في المفاوضات بين سوريا واسرائيل . وتلقى الرئيس الهراوي رسالتين حول هذه الزيارة من الرئيس كلينتون ووزير خارجيته وارن كريستوفر، كذلك زار لبنان في مطلع تشرين الثاني الوزير الشرع ناقلاً وجهة النظر السورية لزيارة كلينتون الى دمشق، ولم تكن دمشق راضية بالفعل عن اقتراح الرئيس الهراوي تشكيل لجنة امنية لا سيما وان رابين اعطى لدمشق عذراً لعدم القبول حين صرح بان اسرائيل لا تعترف بالقرار الدولي الرقم 425 بل هدفها السلام المباشر مع لبنان.
وفي إطار الانماء المتوازن، افتتح الرئس الهراوي معرض طرابلس الدولي، منهياً بذلك الفتور الذي ساد مع الرئيس عمر كرامي بعد استقالته من رئاسة الحكومة . وفي 19 تشرين الثاني بدأت محاكمة الدكتور سمير جعجع ورفاقه في قضيتي كنيسة سيدة النجاة واغتيال المهندس داني شمعون وعائلته . كذلك رفع مجلس النواب الحصانة عن النائب يحيى شمص ليتيح التحقيق معه في تهمة الاتجار بالمخدرات . اما الشهر الاخير من العام، فتميز بانفجار الخلاف بين رئيس الحكومة ومجلس النواب، فقدم الرئيس الحريري استقالة شفوية، وزاد حديث للرئيس الهراوي حول "ارتكابات" لرؤساء حكومة ورؤساء برلمان سابقين، من حدة التراشق بين المسؤولين . وجاء الشرع مجدداً الى بيروت واعلن عن معاودة المفاوضات بين سوريا واسرائيل في واشنطن، كما زار روبرت بلليترو، مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط بيروت والتقي باركان المعارضة اللبنانية بعد لقائه المسؤولين وتحدث عن عملية السلام وعن اعادة الاعمار . وانعقدت قمة لبنانية سورية لتنسيق المواقف في شأن المفاوضات، فيما تصاعدت حدة التوتر في الجنوب وقصفت اسرائيل مواقع مدنية كثيرة .
يوميات 1995
انه العام الذي سيشهد، للمرة الثانية بعد العام 1949، تمديداً للرئيس الياس الهراوي، في خطوة غير متوقعة في تاريخ لبنان بعد التجديد لاول رئيس بعد الاستقلال هو الشيخ بشاره الخوري.
بدأ العام بخضوع رئيس الحكومة السيد رفيق الحريري الى جراحة عاجلة في القلب، الامر الذي أخر البحث في المسائل السياسية اليومية لحين عودته بعد ايام قليلة . وكان لبنان اقترح على السلطة الفلسطينية ان تستعين بالفي عنصر من المخيمات في لبنان لضمها الى عناصر الشرطة في غزه، وابدت فرنسا استعدادها لنقل هوءلاء بعد قبول اسرائيل باستقبال زهاء خمسمئة منهم . علماً ان رئيس الحكومة الاسرائيلي اسحق رابين كرر مع مطلع العام ان القرار 425 لا وجود له لأنه يتنافى مع ترتيبات امنية بين بلاده ولبنان، كما اعتبر رابين ان "حزب الله" الى زوال وطالب مجدداً بضم عناصر "جيش لبنان الجنوبي" الى القوى الامنية اللبنانية.
في هذا الاثناء، وفي حديث متلفز قال الرئيس الياس الهراوي انه لن يرسل الى مجلس النواب اي مرسوم لتعديل الدستور بهدف التمديد له، لكنه سيتجاوب مع ما يتفق عليه النواب . اي انه لن يطلب التمديد لكنه سيقبله اذا اجمع عليه النواب . كذلك طمأن الرئيس الهراوي الى تمسك لبنان بالسرية المصرفية.
وبدأ العام انمائياً بفسخ اربعة عقود لتنفيذ أشغال في ضاحيتي بيروت الجنوبية والشرقية لتأخر المتعهدين عن البدء بها .
ورحبت واشنطن باستقبال لجنة امنية لبنانية لبحث امن مطار بيروت تمهيداً لرفع حظر سفر الاميركيين الى لبنان . لكن العام الجديد انفتح ايضاً على سياسة اسرائيلية جديدة قضت بتسليم سبعين في المئة من مواقعها في الشريط الحدودي المحتل الى "جيش لبنان الجنوبي" حتى تتمكن من الاستمرار في اقامة المكامن لعناصر "حزب الله"، كذلك صعدت من غاراتها ومن القاء القنابل الانشطارية على القرى الجنوبية.
كانت دمشق في هذه الاثناء متخوفة من مهمة اللجنة الامنية اللبنانية المقرر لها ان تزور واشنطن لبحث موضوع الامن في مطار بيروت . وتوجه الوزير بويز الى دمشق وطمأن السوريين بان اللجنة ستحصر مهمتها بما يجري داخل المطار لأن اهتمام واشنطن ينحصر بسلامة رعاياها وبعدم التعرض لهم اذا زاروا بيروت . ووعد بوزير بعدم التطرق الى الوضع في محيط المطار او الى المقاومة ومفاوضات السلام .
في هذه الاثناء، طوي ملف ترحيل المسلحين الفلسطينيين من المخيمات اللبنانية لينضموا الى الشرطة الفلسطينية لأن دمشق رأت ان الامر يجب ان ينتظر "الحل الشامل".
وأقرّ مجلس الوزراء اخيراً لجنة الرقابة على المصارف، وألّف المجلس الاعلى للاعلام المرئي والمسموع، ومنح شركة طيران الشرق الاوسط "الميدل ايست" منحة مالية بمبلغ مئة مليون دولار.
في 22 كانون الثاني، هزت اسرائيل عمليتان انتحاريتان نفذهما فلسطينيان بالقرب من نتانيا، فكانت اولى حلقات انتقال الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من انتفاضة الحجارة الى المواجهة الدموية بتفجير النفس داخل التجمعات الاسرائيلية.
ومع استمرار التحفظ السوري على اللجنة الامنية لمطار بيروت، قرر مجلس الوزراء تكليف السفير اللبناني في واشنطن الدكتور رياض طباره بترؤس لجنة من المستشارين والمتخصصين لاجراء المحادثات مع الاميركيين.
في هذه المرحلة، تفاعلت قضية البراميل السامة التي وصلت الى لبنان، بين وزارة البئية والنواب والمواطنين، فوعد الرئيس الحريري بتشكيل لجنة وزارية لبحث خلفيات وصول هذه البراميل الى لبنان . لكن قضية اخرى شغلت الاوساط السياسية حين اعلن الرئيس بري انه سيشكل ايضاً لجنة لالغاء الطائفية السياسية، فسارعت بكركي الى رفض توقيت هذا القرار واعتبرت ان بنوداً كثيرة في "اتفاق الطائف" لم تنفذ بعد . اما الرئيس الهراوي فذكر بمواقفه السابقة الداعية الى اعتماد "المجتمع المدني" كبديل عن المجتمع الطائفي، لكنه اعتبر ان طرح الموضوع سيؤدي الى شرخ وطني جديد، وبالتالي طوي الملف كلياً.
وعلى الرغم من صدور التقرير السنوي لوزارة الخارجية الاميركية عن حقوق الانسان، مشيراً الى تنامي النفوذ السوري في لبنان والى حصول عمليات توقيف وتعذيب بحق المدنيين، قررت واشنطن مع اللجنة الامنية اللبنانية رفع الحظر عن سفر الاميركيين الى لبنان لكن تدريجياً وفي خلال 18 شهراً.
في العاشر من شباط انعقد المجلس الاعلى اللبناني السوري، بعد جولة للترويكا الاوروبية حذرت من وقوع حرب في حال توقفت المفاوضات مع اسرائيل . وكانت حمم اسرائيل تنصب على الجنوب من البر والجو كما فرضت حصاراً لثلاثة اسابيع على الموانيء الجنوبية بحجة ان الحكومة اللبنانية قررت وضع حواجز للجيش اللبناني عند بوابات العبور الى الشريط الحدودي المحتل .  وزار رئيس الحكومة الاسرائيلي اسحق رابين مع 13 وزيراً في حكومته مرجعيون وسط استمرار القتال وقال : "نريد سلاماً مع حكومة لبنان لا مع حكومة تتكلم بالنيابة عنه".
وحصل تطور مفاجيء على قضية التحقيق في جريمة تفجير كنيسة سيدة النجاة وتفجير بيت الكتائب في الصيفي، اذ تراجع الشاهد الرئيسي فيهما جرجس الخوري عن اعترافاته قائلاً انه تعرض للتعذيب ونام واقفاً اثناء التحقيق معه.
في هذه الاثناء، اعتبرت اسرائيل ان الحصار البحري هو "مضايقة في مقابل مضايقة" ورد الرئيس الهراوي قائلاً ان "من حق لبنان اقامة ثلاثة حواجر على معابر الجنوب والقيام باجراءات امنية" منعاً لتسرب السيارات المفخخة الى داخل البلاد . ورد رابين باضافة شرط على رفع الحصار، وهو منع دخول السلاح عبر المرافيء الحدودية . ومددت واشنطن الحظر على لبنان من دون تعديلات لكن مع التأكيد على استمرار الحوار الامني . كما اشادت واشنطن بجهود بيروت في مكافحة المخدرات . ومن أجل الضغط على لبنان، باشرت اسرائيل عمليات تحليق ليلية فوق العاصمة، واستنكر الاتحاد الاوروبي الحصار واعتبره غير مبرر، فيما عاد وزير الخارجية الاميركي وارن كريستوفر الى المنطقة في 8 آذار لبحث معاودة عملية السلام المتعثرة على كل المسارات وتحديداً مع سوريا ولبنان.
 ورداً على التصعيد الاسرائيلي، انعقد مجلس الوزراء برئاسة الرئيس الهراوي الذي قال :" كلما اطل كريستوفر على المنطقة تأتي معه البشائر ... ومهما حلق الطيران فوق بيروت وبعبدا فهو لن يرهبنا" . كريستوفر نجح بعدها في اقناع اسرائيل برفع الحصار البحري، فانعقدت في يوم واحد  جلستان : الاولى استثنائية لمجلس النواب حضرها الرئيس الهراوي في 14 آذار - ذكرى احتلال اسرائيل للجنوب في العام 1978 - ، والثانية لمجلس الوزراء في النبطيه تضامناً مع أبناء الجنوب . ولم يزر كريستوفر بيروت في جولته على المنطقة، بل سارعت دمشق الى ارسال وزير خارجيتها فاروق الشرع الى لبنان لينقل الى المسؤولين نتائج هذه الزيارة وابرزها معاودة المفاوضات السورية الاسرائيلية في واشنطن بعد انقطاع دام ثلاثة اشهر . وبادر الرئيس الهراوي الى ارسال رسالة الى الرئيس الاسد شدد فيها على تمسكه بالتقدم المتلازم للمسارين اللبناني والسوري وعدم ذهاب سوريا الى المفاوضات منفردة . في المقابل تلقى الرئيس الهراوي رسالة تطمين من كريستوفر يؤكد فيها ان جنوب لبنان سيكون في صلب الترتيبات التي ستوضع في نهاية المفاوضات.
في هذه الاثناء، بدأ الكلام عن تعديل المادة 49 من الدستور لجهة استمرار الرئيس الهراوي في الرئاسة، وسط كلام سوري عن تفويض رئيس مجلس النواب نبيه بري اجراء اتصالات هادئة مع النواب لمعرفة رأيهم . هذا الاستحقاق الذي بدأ طرحه قبل ثمانية اشهر من انتهاء الولاية سيصبح الهاجس الرئيسي للسياسيين حتى نهاية العام، على الرغم من استمرار القصف الاسرائيلي على الجنوب ومن فرض حصار بحري مجدداً على الموانيء الجنوبية، وخصوصاً في ظل تعثر المفاوضات السورية الاسرائيلية مرة اخرى. وشهد الاول من نيسان تفجيراً كبيراً هدد بنسف "تفاهم تموز" الذي وضعه كريستوفر في دمشق خلال الحصار الاسرائيلي الاخير للبنان، وهو تفاهم نفى الرئيس الهراوي ان يكون لبنان على علم به او طرف فيه، حين طالبه الاميركيون بتنفيذه . وتلقى الرئيس الهراوي رسالة من الرئيس الروسي بوريس يلتسين اكد فيها ان تطبيق القرار 425 هو عنصر ثابت في سياسة بلاده بما يتعلق بالشرق الاوسط.
وعادت الخلافات لتعصف هذه المرة بالنواب بين مؤيد للتمديد ومعارض له، وسط رفض الرئيس الهراوي المطلق لاجراء تعديل مزدوج للمادة 49 بما يوحي بانه يتنافس مع قائد الجيش العماد اميل لحود . ولمناسبة الجمعة العظيمة في 14 نيسان التقى الرئيس الهراوي البطريرك صفير الذي اعلن في رسالة الفصح عن قلقه من عدم وجود مرشحين للرئاسة فرد الهراوي بانه يريد رئيساً "يكمل الطريق الذي بدأناه " . بعدها قام الهراوي بزيارة الى دمشق، وباشر الرئيس بري استشارات نيابية لتقصي مواقف النواب والمرجعيات الروحية كذلك . في هذه المرحلة انتقلت العمليات الانتحارية الى جنوب لبنان وفجر انتحاري نفسه بقافلة اسرائيلية فعادت المعارك لتشتعل على كافة المحاور الجنوبية.
وبعد ايار، طغى ملف الانتخابات الرئاسية على ما عداه من امور . وتابع الرئيس بري استشاراته النيابية ومع الكتل السياسية، معرباً عن تفضيله لاجراء تعديل مزدوج للفقرتين الثانية والثالثة من المادة 49، فرفض الرئيس الهراوي كلياً هذا الاقتراح قائلاُ انه لن يوقع على اي تعديل مزدوج . ترافقت هذه المرحلة مع تزايد الطلب الداخلي على الدولار الاميركي  وتدخل البنك المركزي مراراً للحفاظ على سعر صرف الليرة اللبنانية.
التباين حول تعديل المادة 49 اظهر بان اهل الحكم منقسمون، فالرئيس الحريري مع استمرار الرئيس الهراوي، فيما الرئيس بري يميل الى انتخاب العماد اميل لحود لكنه يحتفظ بورقته مخفية حتى اللحظة الاخيرة . ودخلت اصوات المعارضة بقوة على رفض استمرار الرئيس الهراوي، فيما ارتفعت في المقابل الاصوات المؤيدة له.
هذه الاجواء المحتقنة لم تمنع الأساتذة من تنفيذ اضراب لتحسين اوضاعهم المعيشية، كما لم تمنع الرئيس الحريري من تقديم استقالة الحكومة ومن قبول تكليفه بتشكيل حكومة "آخر العهد". وفي 21 ايار، زار نجل الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد بعبدا وقال للهراوي :" لسوريا رأي واحد، وهي معك". اما الحكومة فوضعت في سلم اولوياتها الخدمات و"الفعل لا الجدل" . الحكومة الجديدة فقدت احد اعضائها جوزف مغيزل بعد يومين على تعيينه وانهمكت في ايجاد البديل عنه . وشهد الجنوب تصعيداً سبق زيارة المنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس الى المنطقة . وطالب وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز بترتيبات امنية مع لبنان لينسحب منه.
في السابع من حزيران زار الرئيس الهراوي باريس والتقي بالرئيس الفرنسي الجديد جاك شيراك، وبعد عودته الى بيروت اطلعه وزير الخارجية السوري فاروق الشرع على نتائج زيارة روس الى دمشق وعلى اعادة احياء المسار السوري الاسرائيلي، كما زار مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط روبرت بلليترو لبنان ليقول بان المسار اللبناني لن ينتظر اكتمال المسار السوري، وهذا بالفعل ما كان يحصل في تلك المرحلة . التصعيد الاسرائيلي شهد مواجهة كلامية بين اسرائيل وسوريا حول دور "حزب الله"، اذ هددت اسرائيل الحزب بضربه اينما وجد، فردت سوريا بان على تل ابيب توقع المزيد من الهجمات، واعتبرت اسرائيل ان الحزب هو جزء من المفاوضات مع دمشق.
في هذه الفترة سمحت واشنطن لشركة "الميدل ايست" ببيع بطاقات سفر في الولايات المتحدة، لكنها في مقابل تخفيف الحظر عن لبنان طالبت بتسليمها "ابو العباس"، المسؤول عن خطف السفينة الايطالية "أكيلي لاورو" التي قتل على متنها مواطن اميركي . وفي 24 حزيران، صدر حكم بالسجن المؤبد على الدكتور سمير جعجع في قضية اغتيال داني شمعون، وطالب مجلس الوزراء بصلاحيات استثنائية من اجل تنفيذ الاصلاح الاداري لكن مجلس النواب رفضها كما رفض رفع الرسوم على بعض السلع . في هذا الشهر هددت اسرائيل لبنان بتحويله الى "ميدان مفتوح" فيما زار الشرع بيروت ناقلاً اجواء ايجابية عن لقاء حكمت الشهابي وشاحاك.
القرارات المعيشية لمجلس الوزراء، واجهها رفض الاساتذة الذين امتنعوا عن تصحيح الامتحانات الرسمية، كذلك رفض النواب رفع الرسوم الجمركية التي اقرها مجلس الوزراء فيما هدد الاتحاد العمالي العام بالاضراب الشامل . في هذه الاثناء كان قصف الاسرائيليين للمدنيين في الجنوب مستمراً ولو انتقد اسحق رابين جيشه لتوجيه قذائفه باتجاه المدنيين . وفي تموز جدد مجلس الوزراء لمجالس البلديات والمخاتير لعدم وجود لوائح شطب جاهزة تتيح اجراء الانتخابات . وفي عيد الجيش في الاول من آب، حذر الرئيس الهراوي من الهوة الاجتماعية التي تضعف الوحدة الوطنية ، وذلك بعد تهديد موظفي القطاع المصرفي بالاضراب لتحقيق مطالبهم.
لكن هذه المرحلة شهدت انفجار الازمة الصامتة التي سادت بين اركان الحكم حول تعديل الدستور، وعقد الرئيس الهراوي قمة من تسع ساعات مع الرئيس الاسد في دمشق، لم يرشح عنها اي خبر بالنسبة الى التمديد، واستمرت التجاذبات بين الرئيسين بري والحريري حول التمديد على الرغم من الوساطات السورية لتهدئة الوضع وتأكيد دمشق بان التمديد حاصل لكن في موعده الدستوري . وفي 27 ايلول فتح الرئيس الحريري معركة التمديد بعد ثلاثة ايام على سريان المهلة الدستورية لهذا الاستحقاق، فدخلت الاوساط السياسية في ازمة جديدة وهي كيفية اخراج هذا التمديد، وتم الاتفاق على ان يتناول التعديل الفقرة الثانية من المادة 49 واعتبار ان مدة الرئاسة هي تسع سنوات بدلاً من ست . وحين تحدث الرئيس الأسد الى جريدة "الاهرام" المصرية بان كل اللبنانيين مجمعين على التمديد، انتهى السجال اللبناني حول هذا الموضوع وبدأ التحضير لآلية الاستحقاق التي بدأت يوم الاثنين في 16 تشرين الاول بانعقاد مجلس الوزراء في السرايا الحكومي وتمني الرئيس الحريري على الرئيس الهراوي تعديل الدستور وتمديد مدة ولايته . بعدها انتقل مجلس الوزراء الى بعبدا حيث وافق الرئيس الهراوي على "تمني النواب" وشكرهم على ثقتهم ووقع قانون تعديل الدستور وارسله الى مجلس النواب . ويوم الخميس في 19 تشرين الاول وافق مجلس النواب على التعديل  بغالبية 110 نواب ومعارضة 11 نائباً، ووجه الرئيس الهراوي رسالة الى اللبنانيين قائلاً فيها ان الدولة للجميع وتنادي الجميع، لكنه تحدث عن قناعته بضرورة اعادة النظر في بعض احكام الدستور واعداً باقتراح التعديلات التي يراها ضرورية.
الكلام عن التعديلات اثار ازمة جديدة بين اركان الحكم، ولم تستقل الحكومة كما كان يفترض بها وفقاً للدستور، بل ارتاحت لعودة الثقة  بالوضع الاقتصادي اللبناني بعد ورود طلبات خارجية لسندات الخزينة بلغت 350 مليون دولار . ثم جرى التمديد ثلاث سنوات للعماد اميل لحود قائداً للجيش، وانتقل الجميع الى بحث قانون الانتخابات.
جاء اغتيال اسحق رابين في اسرائيل وحلول شمعون بيريز مكانه ليلقي بثقله مجدداً على الجنوب، ووصلت الغارات الاسرائيلية احياناً الى تخوم بيروت.
وفي الرابع والعشرين من تشرين الثاني استمرت الولاية طبيعياً وفي 26 منه بدأ السينودس من أجل لبنان في الفاتيكان، وسط استمرار الوساطات الاميركية بين سوريا واسرائيل لمعاودة المفاوضات بين البلدين.
وفي 14 كانون الاول صدر نداء السينودس من أجل لبنان، وطالب بالسيادة وبالتحرير، الامر الذي اثار استياء سوريا . ومع عودة السوريين الى طاولة المفاوضات حذر الرئيس الهراوي من الافراط في التفاؤل واعتبر ان المسار اللبناني مؤجل لحين تحديد قواعده . ويوم عيد الميلاد حضر الهراوي القداس في بكركي واختلى بالبطريرك وطالب بطي صفحة الخلافات حول نداء السينودس.
يوميات 1996
سيشهد هذا العام توقيع "تفاهم نيسان" وسقوط الامل بتوصل المفاوضات السورية الاسرائيلية الى نتائج حاسمة تخرج لبنان بدوره من حال "الساحة العسكرية" الى حال الدولة الناجزة . كذلك ستتم ثاني انتخابات نيابية بعد اقرار الدستور الجديد، لكن وسط جدل عارم حول تقسيمات الدوائر وان شارك هذه المرة مقاطعون لانتخابات العام 1992 . وسينتهي العام على تكرار الرئيس الهراوي مطالبته بتعديلات دستورية تراعي موقع رئيس الجمهورية. وسيحصل لبنان على ثلاث مليارات دولار في مؤتمر "اصدقاء لبنان".
السنة الجديدة بدأت ساخنة في الجنوب بعد سقوط صواريخ الكاتيوشا على اصبع الجليل ورد اسرائيل بقصف مدمر على القطاعين الغربي والشرقي . وكشف قائد المنطقة الشمالية في اسرائيل الجنرال اميرام ليفي بان بلاده تدرب جنوداً على حرب العصابات لمواجهة "حزب الله" . وسط هذه الوقائع، انطلقت المفاوضات السورية الاسرائيلية في واي بلانتيشن في ولاية فلوريدا الاميركية، في سعي من الرئيس الاميركي بيل كلينتون لانهاء المفاوضات على هذا المسار قبل انتهاء ولايته . وكان ايهود باراك يواصل تهديداته باعمال انتقامية اذا لم يقم لبنان وسوريا بضبط "حزب الله".
داخلياً، انصب الاهتمام منذ مطلع العام على القاء القبض على "ابو محجن" المتهم باغتيال الشيخ نزار الحلبي، رئيس هيئة المشاريع الاسلامية العام الماضي، وكان "ابو محجن" لجأ الى مخيم عين الحلوة في صيدا، وسيطول موضوع تسليمه او دهم المخيم ليلقي الجيش القبض عليه، من دون ان تتمكن السلطات من الاتفاق على الحل الامثل.
وفي كلمته السنوية امام السلك الديبلوماسي  كرر الرئيس الهراوي: "نحن لسنا فرق حساب في عملية السلام"  مذكراً بان الدستور يمنع توطين الفلسطينيين في لبنان . وهو اطلق في مطلع العام ورشة ارساء المناهج التعليمية الجديدة ووضع هيكلية حديثة لها، وذلك في رعايته للاحتفال بالعيد الرابع والعشرين لتأسيس المركز التربوي للبحوث والانماء، ورفع شعار "بالتربية نبني".
الوضع الاقليمي تداخل مع الوضع الداخلي طوال العام، ففيما حض وزير الخارجية الاميركي وارن كريستوفر سوريا واسرائيل على الاتفاق قبل الخريف، اي قبل دخول الولايات المتحدة الاميركية في الحملات الرسمية للتنافس على الانتخابات الرئاسية، اعلنت فرنسا انها مستعدة للمشاركة في ضمان السلام في لبنان وسوريا . وحضر الرئيس الهراوي مراسم تشييع الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران ليؤكد على الدور الفرنسي المطلوب في المفاوضات . ووسط تأكيدات بيريس بحصول تقدم على المسار مع سوريا، زار وزير الخارجية السوري فاروق الشرع لبنان وابلغ اهل الحكم بان المجلس الاعلى اللبناني السوري سينعقد قريباً وبان سوريا سترسل خبراء عسكريين الى المفاوضات.
في الداخل ثارت حملة على المشروع الحكومي للترخيص لوسائل الاعلام وطالب النواب بتجميده، فيما كان وزير الخارجية الفرنسي هيرفي دو شاريت يزور لبنان ناقلاً رغبة فرنسا في الاضطلاع بدور الراعي الثالث لعملية السلام الى جانب الولايات المتحدة وروسيا . كما طالب دو شاريت بتوسيع مشاركة اللبنانيين في الانتخابات النيابية المرتقبة.
ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي النيابي، طالب الرئيس الاميركي بيل كلينتون السوريين بالانسحاب من لبنان، فرد الشرع بان لا دخل لطرف ثالث في وجود القوات السورية في لبنان . دمشق في هذه الاثناء كانت ترى بان السلام مع اسرائيل ممكن في اشهر، بينما ضبطت القوات التركية اسلحة كانت آتية من ايران الى لبنان.
وسط هذا الخضم، وفي 22 كانون الثاني، فتحت بورصة بيروت ابوابها مجدداً وعاد التداول فيها بعد غياب دام 13 عاماً . واستمرت الحملة ضد قانون الاعلام وتفاقمت في جلسات مجلس النواب لمناقشة الموازنة، وتحدث النواب عن اعتقالات وعمليات تعذيب، كما وصف بعضهم الدين العام بان وصل الى "ارقام فلكية".
الرئيس الهراوي استبق المجلس الاعلى بقوله ان كل الملفات المشتركة مع سوريا جاهزة، واعلن في افطار دار الفتوى: "ان الجيش والقوى الامنية الذاتية على اتم الجهوز لتثبيت امننا وسيادتنا على الحدود" . وفي نهاية كانون الثاني انعقد المجلس الاعلى وجرى توقيع اتفاقيات ثنائية كان يفترض بها ان تجعل السوق اللبنانية السورية المشتركة امراً واقعاً.
 في هذه الاثناء عينت واشنطن سفيراً جديداً لها في لبنان هو ريتشارد جونز.
وفي آخر جلسات مجلس النواب، انفجر الاحتقان مع الحكومة واستقال النائب نجاح واكيم لكن الموازنة أُقرت كما هي . واقترح الرئيس الهراوي ان تجري الانتخابات النيابية على مرحلتين : الاولى على مستوى القضاء والثانية على مستوى لبنان دائرة واحدة . الامر الذي اثار ردود فعل رافضة من داخل السلطة عبر الوزير وليد جنبلاط، ومن خارج السلطة برفض بكركي لهذا الاقتراح . وقال الهراوي ان هذه الفكرة قد ترضي الذي قاطعوا انتخابات العام 1992.
في واشنطن اكد كلينتون امام شيراك ان لا تضحية باستقلال لبنان، لكن لبنان كان يواجه اضخم تحرك عمالي ونقابي من اجل رفع الرواتب . وحدد الاتحاد العمالي العام يوم 27 شباط للاضراب العام والتظاهر . ومع استمرار المفاوضات، زار الشرع بيروت مجدداً حاملاً رسالة من الاسد الى الهراوي لكنه قال ان اسرائيل تؤجل المواضيع الحساسة.
وفي 13 شباط اضرب المعلمون واستمر العمال في التأكيد على نيتهم التظاهر وتحدي قرار الحكومة بمنعهم عن الامر.
بيريس استبق اعلان نتائج الانتخابات العامة في اسرائيل عبر اطلاق ثلاث لاءات : لا اتفاق مع سوريا قبل حل مشكلة المياه في الجولان، لا تنازل عن القدس عاصمة موحدة لاسرائيل، لا لقيام دولة فلسطينية . الامر الذي حد بالطبع من زخم المفاوضات مع سوريا.
وفي 27 شباط اعلن مجلس الوزراء حال الطواريء لمنع الاتحاد العمالي من التظاهر، فيما نال المعلمون مطالبهم واوصوا بتعليق الاضراب . واعلن الرئيس الهراوي :"تحركنا لتطويق نيات تخريبية والجيش في يد السلطة السياسية". بعدها التقى رئيس الحكومة برئيس الاتحاد العمالي الياس ابو رزق ووعد برفع محدود للاجور.
بعد تواتر التفجيرات الانتحارية في اسرائيل، ابلغت تل ابيب الى واشنطن انها ستوقف المفاوضات مع سوريا، وذلك عشية لقاء في شرم الشيخ في مصر الذي شارك فيه زعماء ثلاثين دولة وغاب عنه لبنان وسوريا . وبرز تباين مصري اميركي في اللقاء حول اولوية وقف الارهاب أو انقاذ السلام . ومع انتهاء هذا اللقاء، التهب الجنوب مجدداً وقال الهراوي: "يأسفون لغيابنا ولا يأسفون لتدميرنا".
 قضية الترخيص لجامعات جديدة اثارت صخباً سياسياً، طغت عليه تحذيرات اسرائيلية للبنان وسوريا، وتحذريات اميركية من خطر "عملية اسرائيلية كبيرة في الجنوب" بعد تحميل البلدين "حزب الله" مسؤولية التوتير . لكن لبنان رد بانه لن يتحول الى "شرطي حدود" . في الاثناء، انتقد وزير الخارجية فارس بويز بياناً للسفارة الايرانية في بيروت ردت فيه على التهديدات الاسرائيلية للبنان . وقبل انعقاد لجنة متابعة  قمة شرم الشيخ، برز من جديد الخلاف بين واشنطن التي تريد تخصيص الاجتماع لمكافحة الارهاب، وبين العرب الذين يريدونه لوضع آليات لعملية السلام.
النقاش مع الاتحاد العمالي العام استمر وسط تهديده بالتظاهر خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي جاك شيراك الى بيروت . واجمع المسؤولون على رفض هذا الموضوع . وفي خلال قمة سورية مصرية قال الرئيس الاسد للرئيس حسني مبارك ان بوابة السلام بدأت تضيق، وان سوريا "ليست طرفاً في تفاهم تموز" الذي طالبها الاميركيون بموجبه بضبط "حزب الله".
في 4 نيسان، وصل شيراك الى بيروت وأكد ان فرنسا ستكون حاضرة ولن تؤيد اي تسوية لا تضمن في شكل كامل مصالح لبنان . وصدف ان زار شيراك بكركي في يوم الجمعة العظيمة واستمع الى البطريرك صفير يقول : "نحن نخاف على هويتنا وعلى حريتنا".
في العاشر من نيسان، وفيما الحكومة منهمكة في اقرار مشروع قانون الانتخابات، تدهور الوضع كلياً في الجنوب، وربطت اسرائيل أمن بيروت بعودة الهدوء الى الجليل وكرايات شمونه، لذا قصفت طوافاتها مركز "حزب الله" في الضاحية الجنوبية، بالاضافة الى قيامها بغارات على بعلبك وقرى الجنوب . وشهدت الايام اللاحقة استمرار القصف الجوي وبدء النزوح السكاني من الجنوب الى بيروت، لا سيما بعد تهديد اسرائيل بتوسيع الحزام الامني . واستهدف الطيران بيروت مرة ثانية، فيما اعتبرت واشنطن ان الاعتداءات الاسرائيلية مبررة ودعت سوريا وايران الى "لجم" "حزب الله". وقرر لبنان تقديم شكوى ضد اسرائيل الى مجلس الامن بينما كانت تل ابيب تدفع بالمزيد من الحشود الآلية والمدفعية باتجاه الجنوب وتفرض حصاراً على المرافيء الجنوبية وعلى مرفأ بيروت، وتبلغ لبنان بالطرق الديبلوماسية ان اسرائيل ستشرع بتصعيد من نوع جديد. هكذا بدأت عملية "عناقيد الغضب" التي ادخلت فيها اسرائيل نوعاً جديداً من التعدي على لبنان عبر قصف محطات تحويل الكهرباء في بصاليم والجمهور لتحرم غالبية البلاد من الكهرباء . عندها باشر رئيس الحكومة رفيق الحريري سلسلة من الزيارات الى مصر وفرنسا والمغرب والسعودية وبريطانيا، بينما اوفدت فرنسا وزير خارجيتها ارفيه دو شاريت الى تل ابيب  ليسعى الى وقف اطلاق النار، قبل ان يحمل الشروط الاسرائيلية الى لبنان ويعود بالرد اللبناني الى تل ابيب . عند هذا الحد، تقدم الاميركيون بمشروع لانهاء العملية العسكرية يقترحون فيه تعهد "حزب الله" بعدم مهاجمة شمال اسرائيل في مقابل امتناع اسرائيل عن مهاجمة المناطق المدنية اللبنانية . كذلك تقدم الفرنسيون بمشروع آخر يقترح اعطاء صفة رسمية للتعهدات التي قطعت سفوياً في 1993 (تفاهم تموز) وجعلها تعهدات خطية.
لكن مجزرة قانا في 18 نيسان قلبت كل المقاييس اذ قصفت اسرائيل مقر القوة الفيدجية في هذه البلدة بعد لجوء اهالي القرية اليه، وادى القصف بالطيران الى سقوط ما يزيد على مئة قتيل في لحظات قليلة . عندها وقف العالم كله بمن فيه واشنطن ليطالب اسرائيل بوقف النار فوراً ووضع حد لعملية "عناقيد الغضب"، واعلن كلينتون انه سيوفد كريستوفر سريعاً الى المنطقة.
المفاوضات لوقف النار تمت في دمشق التي زارها وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وايطاليا، حيث التقوا الرئيس الاسد من أجل "تعميق تفاهم تموز" وجعله وثيقة مكتوبة، بينما كان مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران اية الله على خامنئي يحض "حزب الله" على مواصلة القتال ضد اسرائيل. ومن أجل ذلك، التقى دو شاريت وزير الخارجية الايراني في دمشق وسط انتقاد اميركي لاشراك ايران في الحل في لبنان فيما كانت الادارة الاميركية تسعى واشنطن الى محاصرة طهران . ولم يخف كريستوفر ايضاً غضبه من الرئيس الاسد الذي لم يستقبله مرة ثانية في دمشق، تعبيراً عن استياء سوريا من ابقائها على اللائحة الاميركية للدول التي تعتبر واشنطن انها تدعم الارهاب.
بعد مجزرة قانا، دعا لبنان الى انعقاد جلسة استثنائية للجمعية العمومية للامم المتحدة، ووافقت 144 دولة على حضور الجلسة . فتوجه الرئيس الهراوي الى نيويورك في 22 نيسان حاملاً معه صور المجزرة وسأل: "دفعنا ثمن صراعات الآخرين، فلماذا ندفع ثمن سلامهم؟" بعدها طلب الرئيس كلينتون لقاء الرئيس الهراوي، فذهب الرئيس اللبناني الى واشنطن وقال انه لم يأت لطلب المساعدات بل لطلب انسحاب اسرائيل من الجنوب . ورد كلينتون بان مشكلة لبنان تكمن في نفوذ القوى الخارجية التي تؤثر فيه.
في هذه الاثناء وفي لبنان، كانت الجهود منصبة على انجاز اتفاق طلب الرئيس الحريري بان لا يعيد لبنان الى سابق عهد الاعتداءات الاسرائيلية عليه . وفي 26 نيسان جرى توقيع "اتفاق نيسان" الذي قضى بعدم قيام "المجموعات المسلحة" في لبنان بهجمات على اسرائيل بصواريخ الكاتيوشا او أي نوع آخر من الاسلحة، في مقابل ان لا تطلق اسرائيل والذين يتعاونون معها اي نوع من الاسلحة على المدنيين او على اهداف مدنية في لبنان. وللحال، عاد نصف مليون نازح الى الجنوب ووعد الرئيس الفرنسي باصلاح الكهرباء في اسرع وقت.
وفي طريق عودته الى لبنان، توقف الرئيس الهراوي في باريس وشكر للرئيس الفرنسي اسهام بلاده في التوصل الى "تفاهم نيسان" ووضع حد للاعتداءات الاسرائيلية، فيما كانت قانا تشهد تشييعاً حاشداً لشهداء المجزرة . ولم يتوقف عمل الامم المتحدة عند حد استقبال الرئيس الهراوي، لا بل اجرت تحقيقاً مستقلاً بملابسات قصف قانا وانتهت الى القول بان الجيش الاسرائيلي تعمد قصف مقر الوحدة الفيدجية، الامر الذي انكرته اسرائيل رسمياً لكن اقر به جنودها علناً . هذا التحقيق سيكلف الامين العام بطرس غالي منصبه في وقت لاحق . وشارك الرئيس الهراوي في قانا بذكرى مرور شهر على المجزرة حين عقد مجلس الاتحاد البرلماني العربي آخر جلساته في البلدة وقال: "لن يكون لبنان حائط مبكى لأحد".
اللجنة التي دعا "تفاهم نيسان" الى تشكيلها كانت محور اهتمام واشنطن، لكن الاخذ والرد حول تشكيلتها ورئاستها استمروا شهرين من التمحيص قبل قبول كل الفرقاء بآلية عملها . وجاءت الانتخابات العامة في اسرائيل، وعلى رغم عملية "عناقيد الغضب" التي اعتبرها وساماً على صدره، سقط شمعون بيريز امام بنيامين نتناهيو المعروف بتصلبه في رفض شعار "الارض في مقابل السلام".
بعد هدوء عاصفة الجنوب، عاد الاهتمام ليتركز على قانون الانتخابات لا سيما على الجدل حول تقسيم الدوائر، وانتهى الامر الى اعتماد المحافظة كدائرة في بيروت والشمال والبقاع والجنوب، فيما يبقى جبل لبنان ستة اقضية بناء على تمني الوزير جنبلاط . وتم تمديد ولاية المجلس الجديد ثمانية اشهر حتى لا تقع الانتخابات اللاحقة في الصيف، فيما سقط اقتراح بزيادة عدد النواب.
في 21 حزيران توجه الرئيس الهراوي الى القاهرة للمشاركة في القمة العربية وقال: "نحن الاوفى للعرب" وطالب الزعماء العرب بدعم ترشيح بطرس بطرس غالي للامانة العامة للامم المتحدة ضد الفيتو الاميركي عليه لموقفه "المشرف" من مجزرة قانا.
التحضيرات الانتخابية لم يقطعها سوى اعلان براءة الدكتور سمير جعجع من جريمة تفجير كنيسة سيدة النجاة، وزاد من حدتها قرار المقاطعين لانتخابات 1992 المشاركة فيها ترشيحاً واقتراعاً، خلافاً لموقف العماد عون والرئيس السابق امين الجميل والسيد دوري شمعون . لكن مشاركة المجنسين في هذه الدورة وطريقة توزيعهم على المحافظات اثارت جدلاً حاداً.
في 21 تموز، وبعد مفاوضات المانية مع سوريا، تمت صفقة مبادلة رفات جنديين اسرائيليين و17 اسيراً من "جيش لبنان الجنوبي"، في مقابل 171 اسيراً غالبيتهم من "حزب الله" و45 اسيراً من بينهم ثلاث نساء، اطلقوا من سجن الخيام . وصدف في اليوم ذاته عيد مار الياس فامضى الرئيس الهراوي نهاره في زحله حيث استقبل كالعادة نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ورئيس الاركان العامة اللواء حكمت الشهابي، وتمنى خدام مشاركة الجميع في الانتخابات النيابية . بعدها وصل المنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس الى دمشق حاملاً خطة اسرائيلية للسلام عنوانها "لبنان اولاً" تقضي بانسحاب اسرائيل من الجنوب في مقابل نزع سلاح "حزب الله"، لكن دمشق ردت بشرط "كل الارض في مقابل السلام"، ودارت جولة ثانية من الجدل حول هذا الاقتراح قبل اخذ رأي لبنان فيه، واعلن نتنياهو انه لن يفاوض سوريا من حيث انتهت الجولات السابقة، فيما كشف كريستوفر عن "خلافات حادة مع سوريا التي لا تزال على لائحة الارهاب"، وقال ان واشنطن تتفاوض معها بناء على طلب من اسرائيل . وحمل خدام رسالة من الرئيس الاسد الى الرئيس الفرنسي شيراك واعلن ان سوريا "لن تقع في فخ "لبنان اولاً"، عندها اعلن الرئيس بري رفض لبنان لهذا الاقتراح، وزار الرئيس الهراوي دمشق وصدر بيان مشترك عن القمة ركز على "استمرار التنسيق الكامل بين البلدين ورفض الحلول المنفردة"، ثم اعلن الرئيس الاسد من القاهرة انه يريد "لبنان وسوريا أولاً ومعاً وفي وقت واحد".
بموازاة هذا النقاش، قدم عشرة نواب طعناً في قانون الانتخابات، لكنه لم يوقف استمرار الترشيح والحملات الانتخابية . وأبطل المجلس الدستوري ثلاث مواد من القانون وهي تقسيم الدوائر، وتمديد ولاية المجلس الجديد 8 اشهر، وعدم السماح للموظفين المستقيلين الذين لن يحالفهم الحظ بالنجاح بالعودة الى وظائفهم.
واستجاب مجلس الوزراء لقرار المجلس الدستوري ما عدا البند المتعلق بتقسيم دوائر جبل لبنان، واكتفى باضافة اشارة "لمرة واحدة استثنائية واخيرة" . وترشح الرئيس الحريري الى الانتخابات في دائرة بيروت وحمى وطيس المعركة في كل لبنان، ولم يخل من مواجهة حادة بين الحريري و"حزب الله"، كما دشن الرئيس الهراوي "مجمع نبيه بري لتأهيل المعوقين" في الصرفند، فاعتبر "حزب الله" هذه الخطوة دعماً واضحاً لخصمه السياسي في الجنوب، لكن الرئيس بري سارع الى تقاسم المقاعد مع الحزب.
وعلى الرغم من الانشغال بالانتخابات لم يغب الجنوب عن الاهتمام العام، وزار الشرع بعبدا في 14 آب فيما كانت اسرائيل تطالب سوريا بسحب قواتها من لبنان لا بل هددت بضرب هذه القوات في حال تعرضها لأي هجوم . وترافقت هذه التهديدات بزيارة لنتنياهو للشريط الحدودي مهدداً برد قاس اذا تفاقم الوضع . وفي 24 ايلول قصفت اسرائيل اقليم التفاح لأكثر من 12 ساعة بالتزامن مع انعقاد لجنة مراقبة وقف النار المنبثقة من "تفاهم نيسان".
وهبت عاصفة داخلية اخرى حين استثنى قانون الاعلام المرئي والمسموع قناة "المنار" واذاعة "النور" التابعتين للحزب من قانون الاعلام، فقامت التظاهرات المنددة بتقاسم اهل السلطة لوسائل الاعلام وبحرمان المؤسسات المسيحية من حقها في التعبير عن ذاتها . واستقالت الحكومة في 15 تشرين الاول مع دخول المجلس النيابي الجديد بداية ولايته، وزار الحريري واشنطن قبيل اعادة تكليفه، كذلك زار الرئيس الفرنسي لبنان للمرة الثانية خلال سبعة اشهر، في اطار جولة له على المنطقة واوحى للمسؤولين بان السلام بعيد وبان على لبنان "ان يسعى لصيغة تحميه من دفع ثمن الانتظار".
تأخر تشكيل الحكومة بسبب الخلافات بين اركان الحكم على اسماء الوزراء والحقائب، وواجه الرئيس المكلف اضراباً تحذيرياً شل المدارس، كما انعقد "مؤتمر وطني" ضم كل المعارضين طالب ﺒ "الخبز والحرية" داعياً الى الاضراب والتظاهر في 28 من تشرين الاول.
في هذه الاثناء، كان السيد بطرس بطرس غالي يتحدى الفيتو الاميركي عليه، لكنه فشل في الاحتفاظ بمنصبه اميناً عاماً للامم المتحدة وحل مكانه كوفي انان . وكانت الولايات المتحدة في خضم المنافسة على الرئاسة بين كلينتون المرشح الديموقراطي للمرة الثانية وبوب دول المرشح الجمهوري، لكن اعيد انتخاب كلينتون الذي وعد باستمرار الجهود الاميركية للتوصل الى السلام في الشرق الاوسط.
عشية الاستقلال دعا الرئيس الهراوي الى : " الاقدام بجرأة على اصلاحات دستورية ووضع قانون جديد للاحوال الشخصية وقانون انتخاب جديد يمكِّن من ترسيخ الوفاق الوطني وصحة التمثيل الشعبي".  وكرر بعد يومين في حوار تلفزيوني عشية ذكرى انتخابه قوله بان لديه : "مشاريع مهيأة للاصلاحات الدستورية وسأطرحها على مجلس الوزراء"، وركز على ضرورة رفع الحصانةعن الموظفين وتحصين اجهزة الرقابة لمكافحة الفساد . الكلام عن الاصلاحات رفضه الرئيس بري فغاب عن لقاءات بعبدا ثم عاد اليها، وسط اصرار الرئيس الهراوي عليها.
وانتقل الاهتمام فيما بعد الى مؤتمر "اصدقاء لبنان" الذي انعقد في واشنطن حصل فيه لبنان على 3 مليارات دولار . لكن العام انتهى على حصول اعتقالات في صفوف المعارضة المسيحية مما اثار حفيظة البطريرك، فاطلق سراح 26 موقوفاً عشية عيد الميلاد، قبل توجه الحريري الى بكركي لشرح ملابسات القضية.  وشارك الرئيس الهراوي بقداس الميلاد في بكركي  ووضع قضية الاعتقالات في عهدة القضاء.
يوميات 1997
انه العام الذي سيشهد الزيارة التاريخية لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني حاملاً معه "الارشاد الرسولي من أجل لبنان"، وتفاقم التباعد بين المسؤولين لا سيما في ما يتعلق بطرح الرئيس الياس الهراوي اجراء تعديلات دستورية، لكن ايضاً بروز الكلام العلني للمرة الاولى من قبل رئيس الحكومة السيد رفيق الحريري كاشفاً ان "المخابرات تهدد المؤسسات المدنية" .  وللمرة الاولى منذ 1968 أقرّ مبدأ اجراء انتخابات بلدية واختيارية.
فالتوقيفات التي حصلت في نهاية العام 1996، ادت الى قيام حملة تؤيد "الحريات" من جهة، في مقابل التحذير من استباحة "الامن" من جهة اخرى . وظهرت للمرة الاولى اتجاهات لدى السلطة السياسية للتحذير من عدم اطلاع السلطات العسكرية لها على ما تقوم به بجهة توقيف بعض اركان المعارضة المسيحية. واعتبر الرئيس الهراوي انه بالفعل حصلت أخطاء خلال تنفيذ هذه التوقيفات، لكنه أصر على ترك القضاء يقول كلمته، وجاء تصريح من دمشق على لسان نائب الرئيس السوري عبد الحليم من ان "الموارنة غير مستهدفين" ليعطي لهذه القضية ابعاداً خارجية . وانتهت فصول هذه القضية بتخلية آخر الموقوفين الصحافي بيار عطا الله . في هذه الاثناء، لاحظ المسؤولون ان الصحف الايرانية حملت على دمشق بسبب بيان دول "اعلان دمشق" الذي ايد حق دولة الامارات العربية في استعادة الجزر الثلاث عند مدخل الخليج، والتي احتلتها ايران . لكن سوريا قللت من أهمية هذه الحملة واعتبرت ان علاقتها مع طهران "استراتيجية ومميزة".
في نفس الوقت، نفت فرنسا قيامها بمحادثات مع اسرائيل من اجل تسوية قضية الجنوب، على رغم تجدد الغارات الاسرائيلية في مقابل استمرار تساقط الكاتيوشا على شمال اسرائيل وعدم تمكن مجموعة مراقبة وقف النار من وضع حد لها.  وانتقد الرئيس الهراوي اطلاق الكاتيوشا لأنها تعطي اسرائيل الذريعة للقيام باعتداءات جديدة . لكنه في استقباله السلك الديبلوماسي اعتبر ان منتدى اصدقاء لبنان الذي انعقد في نهاية العام 1996 "يعكس الاهتمام الدولي بلبنان كما يجسد اهمية لبنان الاقليمية والدولية" ودعا الاميركيين الى رفع الحظر عن سفر الاميركيين الى لبنان.
وانفتح العام ايضاً على تجميد مرسوم ترقيات ضباط كبار، ومن ابرزهم، العميد جميل السيد، لرفض الرئيس رفيق الحريري التوقيع عليها، الامر الذي اثار مجدداً خلافات حادة داخل صفوف اركان الحكم، لا سيما وان الرئيس بري "نعى الترويكا"، وسط استغراب الكثيرين، الامر الذي جعل الرئيس الهراوي يكرر ان "الظروف التي اضطرتنا ان نكون معاً، كانت لاظهار وحدة الدولة، لكن احداً لا يتعدى على صلاحيات الآخر".  وفي افطار دار الفتوى دعا الرئيس الهراوي الى "الانتقال من الكلام عن المصالحة الوطنية الى ممارستها في بناء الدولة".
 واحتد التراشق لمناسبة طرح مشروع الموازنة الجديدة على مجلس النواب واستمر اطلاق الانتقادات وسط التخوف من تحويل "الفصل بين السلطات الى انفصال" على حد وصف أحد السياسيين للوضع الداخلي، خصوصاً وان الاتحاد العمالي العام عاد ليلوح باضراب جديد من اجل رفع الاجور . في هذه الاثناء احتج الاردن على اطلاق لبنان الديبلوماسيين العراقيين المتهمين باغتيال طالب سهيل التميمي.
الخلافات تعمقت اكثر حين قاطع الرئيس بري الافطار الرئاسي في بعبدا، الامر الذي جعل الرئيس الهراوي يقول : "والله لو كان الكلام يعمر، لكنا اكثر البلدان رخاءً" وشدد على اننا "لم نوقف الحرب ضد الوطن والمواطنين كي تندلع (الحرب) ضد الدولة".
في هذه الاثناء، سقط عشرات الجنود الاسرائيليين في اصطدام مروحيتين كانتا متوجهتين الى الجنوب، واعلن نتنياهو انه يرفض انسحاباً من الجنوب يقرب "حزب الله" من الحدود ثم قال من واشنطن ان الانسحاب من لبنان رهن بتفكيك الحزب . وجاء الرد عليه من ايران بان الحزب لن يفكك.
وتحدد موعد زيارة قداسة البابا الى لبنان في العاشر من ايار وبدأت التحضيرات لوضع برنامج متكامل لها.
لكن مواجهة لم تكن في الحسبان حصلت حين باشرت شركة "اليسار" لتطوير الضاحية الجنوبية باخلاء منازل في الرمل العالي، تمهيداً للبدء بتنفيذ مشروع الاتوستراد الذي سيصل مطار بيروت بقلب العاصمة من دون المرور في الاوزاعي . وتعرض المهندس المكلف بهذا المشروع للضرب وقامت التظاهرات ضده .
فجأة ايضاً، تبين ان سبعة اعضاء من "الجيش الاحمر الياباني" كانوا شاركوا في عملية اللد الى جانب الفلسطينيين، موجودون ايضاً في بيروت والبقاع، فالقت قوة من جهاز امن الدولة ومن قوى الامن الداخلي القبض عليهم، مما اثار جدلاً حول تسليمهم الى بلادهم كما طالبت طوكيو، او محاكتهم في لبنان . وفيما قام "جيش لبنان الجنوبي" بانسحاب جزئي من كفرفالوس في الجنوب، حمل الموفد الاوروبي ميغيل انخل موراتينوس صيغة جديدة للحل في الشرق الاوسط ترتكز الى ان "الامن الشامل والانسحاب الشامل يؤديان الى سلام شامل". وتفاقم الوضع الاقليمي بعد الفيتو الذي رفعته الولايات المتحدة في وجه مشروع في مجلس الامن يدين الاستيطان في القدس، وتفاقمت المواجهات بين الفلسطينيين والاسرائيليين . وجاءت ذكرى 14 آذار لاحتلال اسرائيل جنوب لبنان ليقوم الرئيس الهراوي بهجوم على "الذين انشقوا عن الصف العربي" ملمحاً الى الملك حسين تحديداً لأنه اتخذ موقفاً حازماً  بازاء تعرض باص تلاميذ اسرائيليين لاعتداء ادى الى مقتل تلميذات، فيما لم يستهجن ما حصل في قانا.
في 17 آذار، حصل الرئيس الهراوي على اولى الهويات اللبنانية الممغنطة . وجرى اعدام المتهمين الاربعة باغتيال الشيخ نزار الحلبي  قبل عامين، لكن المخاوف هذه المرة، جاءت من الارض التي اهتزت عشرات المرات المتتالية في 21 آذار وطوال تسع ساعات.
يوم الجمعة العظيمة صلى الهراوي في بكركي وتباحث مع البطريرك في تفاصيل زيارة قداسة البابا الى لبنان وفي الوضع في الجنوب.
وفي موقف لافت لكنه انتهى فور صدوره، دعا وزراء الخارجية العرب الى وقف التطبيع مع اسرائيل، فرد العاهل الاردني من واشنطن التي كان يزورها بان بلاده لن تمس معاهدة السلام.
في نيسان ارجئت مرة اخرى الانتخابات البلدية والاختيارية فاثارت عاصفة دستورية واعتبر الرئيس الهراوي ان طريقة الارجاء "سابقة خطرة"، لأن مرسوم الاسترداد يتطلب توقيع رئيس الجمهورية عليه، وهو امر لم يحصل . الوزير شوقي فاخوري اتهم بدوره رئيس الحكومة بخرق الدستور لأنه استرجع المرسوم منفرداً. وعقد الرئيس الهراوي مؤتمراً صحافياً دافع فيه عن صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية وضرورة الحفاظ  على المؤسسات.
في هذه الاثناء كانت واشنطن تجهر بان عملية السلام انهارت وتحذر من تداعيات خطيرة على المنطقة .
وشهد الاتحاد العمالي منافسة حادة يوم انتخاب رئيس جديد له، بين الياس ابو رزق المدعوم من نقابات معارضة، وبين غنيم الزغبي المدعوم من النقابات الموالية للسلطة، وفاز الزغبي لكن ابو رزق طعن برئاسته امام الاتحادات العمالية العربية وامام منظمة العمل الدولي . وتفاقمت المشكلة حين القي القبض على أبو رزق في 20 ايار في مطار بيروت قبل مغادرته للمشاركة في اجتماعات منظمة العمل بحجة انه لم يعد رئيساً للاتحاد، الامر الذي اثار استنكاراً داخلياً وخارجياً . ولم يطلق ابو رزق الا في 8 حزيران .
اما المخرج لاغلاق باب النقاشات حول قانون الانتخابات البلدية، فتمثل في "تمني" الرئيس الهراوي عدم تكرار اي استرداد للدساتير من دون توقيع رئيس الجمهورية، فرد الحريري بان "تمنيات فخامة الرئيس غير قابلة للنقاش". لكن الازمة بين الرئيس الهراوي ورئيس مجلس النواب تجاوزت الكلام عن "نعي الترويكا" الى قضية اخرى طالب بها الرئيس بري وهي تعيين "ملحقين اغترابيين" في السفارات اللبنانية في العالم، الامر الذي رفضه وزير الخارجية فارس بويز لأنه سيخلق تضارباً في الصلاحيات مع السفراء، ولأن دول العالم تعتبر المغترب اللبناني مواطناً لديها يتمتع بكل الحقوق والواجبات.
مطلع ايار شهد حلاً لقضية اوتوستراد المطار يقضي بنقل موقعه بحيث توفر الحكومة 100 مليون دولار عبر تلافي الاستملاكات للبيوت التي شيدت خلافاً للقانون في الرمل العالي . لكن البلاد دخلت في اجواء زيارة قداسة البابا على الرغم من تفجير الرئيس الحريري قنبلة سياسية عبر تأكيده امام نقابة الصحافيين بان "مخابرات الجيش تهدد الحكم المدني"، وانه شعر بالامر منذ وصوله الى الحكم قبل اربع سنوات ونصف السنة، وان "المخابرات لا تلتزم التوجيه السياسي" لا بل تسعى الى اظهار "المؤسسات المدنية بدأً من رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب ورئاسة الحكومة والادارة والقضاء بانها ليست جيدة وبالتالي تهدف الى تهميشها تقليص صدقيتها". 
ويوم السبت 10 ايار حلّ قداسة البابا ضيفاً على لبنان فخرج اللبنانيون كلهم الى ملاقاته . وقال امام الشباب المحتشدين في حريصا لسماعه : " كل شيء يمكن ان يتغير، فللشدة وقت ثم يأتي زمن الانتصار"، وكان في المطار، أكد ان "شرط الديموقراطية هو التوازن العادل بين قوى الامة". وجمع قداس البابا يوم الاحد ، كافة المسؤولين اللبنانيين من مختلف الطوائف، وزهاء مليون لبناني اتوا من كل انحاء لبنان . بعد الظهر، قدم قداسة البابا "الارشاد الرسولي من اجل لبنان"، وغادر عائداً الى روما . وبعد ثلاثة ايام من زيارته طالب البابا "دول الشرق الاوسط والاسرة الدولية بضمانات سلام فعلية للبنان الذي عانى طويلاً "، وقال ان لبنان "البعيد عن اي تعصب يتميز عن دول اخرى يتحكم فيها المتطرفون بالحياة الاجتماعية".
بالطبع، ومع مغادرة البابا ارض لبنان، عاد الجنوب الى الاشتعال خصوصاً في اقليم التفاح . لكن اللبنانيين انشغلوا بحملة على المجلس الدستوري بسبب الطعون النيابية التي قدمت له بعد انتخابات 1996 والتي طال انتظار البت فيها، وفي 19 ايار قرر المجلس "ابطال" نيابة كل من فوزي حبيش وخالد ضاهر في عكار، وهنري شديد في البقاع الغربي واميل نوفل في جبيل، كما رد 13 طعناً آخرين . وانفتحت للحال المعارك الانتخابية لاختيار بدلاء عن الذين ابطلت نيابتهم.
في هذه المرحلة، كانت دراسة اميركية تكشف بان ربع المساكن التي بنيت لاستقبال المستوطنين الاسرائيليين لا يزال شاغرا، ورفض وزير الخارجية السوري فاروق الشرع مساواة الاحتلال بالمقاومة.
وفي ايران تم في 27 ايار انتخاب محمد خاتمي "الاصلاحي" رئيساً للجمهورية، وسط ترقب لبناني لمعرفة تأثير هذا الانتخاب على الوضع في المنطقة.
وبعد اسابيع على كلام الرئيس الحريري عن مخابرات الجيش، جاءت فضيحة التنصت على كبار المسؤولين لتزيد من التشنج الداخلي وقال الحريري : "انا ممن يتم التنصت عليه". وكالعادة تشكلت لجنة للتحقيق في هذا الموضوع.
وبعد قطيعة دامت خمسة اشهر، زار الرئيس بري قصر بعبدا ليشارك في عشاء على شرف الوفد السوري المؤلف من نائب الرئيس السيد عبد الحليم خدام ووزير الخارجية السيد فاروق الشرع، وكان هدف الزيارة بحث تداعيات الحلف التركي الاسرائيلي المستجد ونتائجه على المنطقة.
وزار رئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون لبنان وقدم قرضاً جديداً بقيمة مليار دولار و650 مليون دولار كضمانات للقطاع الخاص . عندها اتخذت الحكومة سلسلة من القرارات المالية رفعت بموجبها الضريبة الجمركية على السيارات من 20 الى 200 في المئة، كما نظمت الضرائب على المنتجات الزراعية ووعدت باصدار سلسلة رتب جديدة تمهيداً لزيادة الرواتب.
وشهدت اروقة الامم المتحدة حدثاً غريباً اذ للمرة الاولى وافقت 127 دولة على تغريم اسرائيل بدفع مليون و700 الف دولار لقصفها معسكر القوة الدولية في قانا، لكن الولايات المتحدة واسرائيل بالطبع صوتتا ضد القرار فيما امتعت روسيا عن التصويت . من ناحية اخرى، قرر مجلس النواب الاميركي تبني مشروع قانون غير ملزم يعترف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل.
ومع الانتهاء من ترميم المدينة الرياضية التي دمرتها اسرائيل، دار جدل بين الرئيس الهراوي ورئيس الحكومة حول تسمية هذا الصرح، فأصرّ الهراوي على الابقاء على اسم "مدينة كميل شمعون الرياضية"، وذهب الى تدشينها على هذا الاساس . لكن فرحة الالعاب التي جرت في المدينة المرممة نغصَّها منع لبنان للفرق العراقية من المشاركة تفادياً لاغضاب الكويت والسعودية . لكن مفاجأة هذه الدورة ستكون بعد انتصار سوريا على لبنان في المباراة النهائية لكرة القدم، تشابك اللاعبين السوريين مع اللبنانيين وتحطيمهم  تجهيزات المدينة الرياضية، الامر الذي تطلب تدخل القوى الامنية لوقف هذه الاشتباكات.
وبعد 12 عاماً من الاغلاق، قررت الحكومة فتح معبر كفرفالوس لوصل جزين بصيدا، وباشر الجيش في ازالة السواتر الترابية من الجانب اللبناني.
وزار ولي العهد السعودي عبد الله بن عبد العزيز لبنان في 25 حزيران ومنحه الرئيس الهراوي وسام الارز الوطني . لكن الحكم سيظل على استنفاره بعد اعلان الشيخ صبحي الطفيلي دعوته الى "ثورة الجياع" في 4 تموز مهدداً بايصال تحركه الى بيروت وربطه بانماء المناطق الفقيرة مثل بعلبك والهرمل وعكار، الامر الذي جعل الرئيس الحريري يلغي زيارة الى فرنسا . ومر يوم الاحتجاج على سلام، لكن تكرار الشيخ الطفيلي دعواته الى "الثورة" سيقوده فيما بعد الى مواجهة عنيفة مع الدولة.
في اليوم ذاته، انكشف تعرض الصحافي بيار عطا الله لاعتداء في الاشرفية على ايدي ثلاثة مسلحين، الامر الذي اثار غضب الصحافة وادى الى مغادرة عطا الله الى باريس . ومع تسمية جون واتربوري رئيساً للجامعة الاميركية في بيروت، رعى الرئيس الهراوي حفل التخريج وطالب الرئيس بيل كليتون بانقاذ السلام وتطبيق العدالة الدولية في الشرق الاوسط.
وعاش لبنان بعد ذلك على وقع التصعيد الخطير في الجنوب من جهة، وعلى ردود الفعل العنيفة لدى السلطة على خطابات الطفيلي، التي ايده فيها النائب نجاح واكيم من جهة اخرى.
فبالنسبة الى الجنوب، استمر التصعيد بعد مقتل مواطن لبناني خارج الشريط الحدودي، وهددت اسرائيل بضرب المقاومة اينما كانت، فيما هدد "حزب الله" بالرد على قتل المدنيين . وتحرك لبنان مرة اخرى باتجاه الامم المتحدة، فيما كا يسعى في الوقت عينه الى اقناع وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت برفع حظر سفر الاميركيين الى لبنان . وفي 24 تموز انسحب "جيش لبنان الجنوبي" من جزين، لكن الهجمات المتبادلة هددت فعلياً استمرار "تفاهم تموز" واللجنة المولجة بمراقبقة وقف النار خصوصاً بعد تحطم مروحية ايطالية تعمل في اطار القوات الدولية في الجنوب.
في الوقت ذاته تبلغ لبنان رفع الحظر عنه في 30 تموز، ووجهت اولبرايت رسالة الى الرئيس الهراوي حملت شهادة اميركية بان الوضع في لبنان تحسن، ووعداً باحياء المفاوضات المتوقفة بين العرب واسرائيل .
وفي عيد الجيش في الاول من آب، استغل الرئيس الهراوي المناسبة ليدعو "العسكريين الى الابتعاد عن السياسيين والاقتراب من الوطن"، وكشف للمرة الاولى انه يعد مشروع قانون لتطوير الاحوال الشخصية، وشدد على ان "مال الخزية هو للمصلحة العامة" داعياً الحكومة والبرلمان الى وقف الهدر في الانفاق. وشارك الحريري في هذا العيد بعد غياب متكرر عنه.
وتفاقمت قضية الشيخ الطفيلي حين اطلق خطاباً نارياً دعا فيه مجدداً الى "العصيان المدني" ودارت بينه وبين وزير الداخلية السيد ميشال المر حملة عنيفة جعلت المر يتقدم الى مجلس الوزراء بكتاب يتضمن خطوات رادعة من ابرزها طلب تحريك النيابة العامة ضد الذين يدعون الى العصيان او الثورة . واستدعى قاضي التحقيق النائب نجاح واكيم الذي وجه انتقادات الى رئاسة الجمهورية، لكن الرئيس بري رفض طلب رفع الحصانة عنه وان كان لا يؤيد كلامه . وفي 6 آب قال الرئيس الهراوي امام مجلس الوزراء "ان الدولة ليست مكسر عصا لأحد ولا الرئاسة مكسر عصا لأحد" وانتقد الاجهزة الامنية التي "تراخت" حيال الجهات التي اخلت بالنظام العام . وفيما رفض "حزب الله" القرارات الامنية للدولة، الا انه طالب الشيخ الطفيلي باسقاط الذريعة التي اعطيت لتبريرها . وفجر الاثنين 12 آب انتشر الجيش في بعلبك، لكن اسرائيل نقلت انظار العالم كله الى صيدا التي قصفت احياءها واوقعت فيها قتلى وجرحى، في حدث اعتبره المحللون "رسالة" على عدم رد لبنان على اقتراح يتكرر لاسرائيل، ألا وهو الانسحاب من "جزين اولاً" . على الفور بدأت الاتصالات  لتعويم "تفاهم نيسان" وتحركت فرنسا والولايات المتحدة على خط تطويق التصعيد العسكري، وقالت باريس انها تنتظر رداً لبناياً على "جزين اولاً" . هذا الرد جاء بالرفض المطلق بعد قمة لبناية سورية انعقدت في اللاذقية.
في الداخل، اشتعلت المعارضة ضد الحكومة مرة اخرى بعد توجه لرفع الرسوم على البنزين، وقال الرئيس بري ان الوقت غير مؤات لضرائب جديدة.
في الاول من ايلول توجه الرئيس الهراوي الى البرازيل في زيارة رسمية على رأس وفد وزاري، واعلن تأييده لاستعادة المغتربين هويتهم اللبنانية، وحض افراد الجالية اللبنانية اينما حلَّوا على المجيء الى وطنهم الام والاستثمار فيه . وخلال هذه الزيارة تحدث للمرة الاولى عن "علمنة" لبنان.
وفي طريقه الى البرازيل توقف الرئيس الهراوي في شاطيء العاج لبضع ساعات والتقى رئيسها هنري كونان بيديه وتبادلا الاوسمة، كما التقى ممثلي الجالية اللبنانية وحثهم على الاسهام في اعمار شاطيء العاج لكن ايضاً على الاستثمار في لبنان.
في هذه الاثناء، كانت اسرائيل تستبق زيارة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت الى المنطقة عبر عرضها على سوريا البحث في قضية لبنان، لكنها في الوقت عينه واجهت هزيمة نكراء حين حاول جنودها تحقيق انزال بحري عند مثلث الصرفند، فتصدى لهم الجيش اللبناني وعناصر المقاومة واوقعوا في صفوفهم عشرة قتلى من بينهم قائد الفرقة الليفتانت كولونيل افراهام بوك . ووصف نتنياهو هذه الحادثة بانها "اسواء كارثة" للجيش الاسرائيلي في لبنان، وهي عملية ادت بامهات الجنود الاسرائيليين الى الخروج في تظاهرات تطالب بسحب اولادهن من جنوب لبنان.
اولبرايت وصلت الى المنطقة وفي اولوياتها انقاذ اتفاقات اوسلو، وبالتالي طالبت اسرائيل بوقف الاستيطان وعرفات باستئصال "الارهاب" . ومع وصول اولبرايت الى دمشق، كانت اسرائيل تعاود غاراتها على لبنان لكنها هذه المرة ضربت مباشرة موقعاً للجيش اللبناني في خراج عربصاليم - جرجوع واوقعت ستة قتلى في صفوفه.
وبسرية تامة، جرى التحضير لزيارة اولبرايت الى بيروت، فوصلت في 15 ايلول الى بعبدا خلافاً لمن سبقها من نظرائها الذين اكتفوا بزيارة الرئيس الهراوي في زحله . وبعد لقاء مطول مع المسؤولين في القصر الرئاسي، انتقلت اولبرايت الى "الفوروم دو بيروت" وتحدثت امام مئة شخصية سياسية واقتصادية واعلامية فأبدت اعجابها بما تحقق في لبنان من اعمار لكنها طالبت الحكومة بان تقدم الى العدالة الذين قاموا بعمليات ضد الاميركيين وغيرهم من الاجانب في السبعينات والثمانينات "وهم شوهوا صورة لبنان".
نتنياهو عاد وصرح بانه مستعد للانسحاب من لبنان في مقابل ضمانات بأن حزب الله لن يطاردنا الى حدودنا ويقصف المدن الاسرائيلية".
وشهد لبنان زيارات مهمة ابرزها للرئيس التشيكي فاكلاف هافل، ولأمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز.
في الداخل كانت المواجهة تحتد بين الحكومة ووسائل الاعلام غير المرخص لها، فانتقل النزاع الى طرابلس حيث قام الجيش باغلاق الاذاعة والتلفزيون العائدين الى حركة "التوحيد الاسلامي" فسقط قتيلان وتم اعتقال 74 من انصار الشيخ سعيد شعبان . لكن الخلاف احتدم بين المسؤولين، لا سيما الرئيسين بري والحريري حول "خطة الانفاق الانمائية" التي عرفت بخطة المليار دولار، ورفض بري اقتراحاً حكومياً بفرض ضرائب جديدة مباشرة وغير مباشرة لا سيما زيادة سعر البنزين لأنها ستضر بالفئات الشعبية عشية الدخول الى المدارس . وصوت 13 وزيراً ضد الخطة لكن الحريري لم يستقل خلافاً للشائعات، بل اصر على خطته يدعمه الرئيس الهراوي وبالتالي تم الاتفاق على ان التزام الحكومة موازنة رصينة وشفافة، وكان للرئيس الهراوي اصرار على ارسال الموازنة الى مجلس النواب في المهلة الدستورية المخصصة لها . وفيما اعتبر الجميع بان الامور سائرة الى الحل، لا سيما بعد رعاية الرئيس الهراوي لقاءات تقريب وجهات النظر بين رئيسي المجلس والحكومة، فاجأ ديوان المحاسبة الوسط السياسي بتوزيعه تقريراً على اعضاء لجنة المال والموازنة النيابية نشر فيه ارقاماً حول "الاهدار العام"، الامر الذي رد عليه الحريري بانه "كلام حق يراد به باطل" . وبعد اربعة لقاءات في بعبدا خرج اركان الدولة باتفاق على مختلف القضايا . لكن الرئيس الهراوي فاجأ الرأي العام مرتين، حين طلب في 16 تشرين الاول بالغاء كل الالقاب الموروثة عن العثمانيين واستبدالها بلقب "السيد"، وحين اكد انه لن يمدد مرة ثانية لا بل انه مستعد لاجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
قضية الشيخ صبحي الطفيلي ستعود لتطفو مرة اخرى على سطح الاحداث حين دعا الى استكمال "ثورة الجياع" وقطع الطرق في بعلبك والهرمل، لكن الحكومة اعطت اوامر واضحة للقوى الامنية بمنع اغلاق اي طريق . فذهب الشيخ الطفيلي الى حد التهديد بمنع "بعض" النواب والوزراء من العودة الى منازلهم في المنطقة.
 بالطبع، لم يتوقف التصعيد الاسرائيلي جنوباً لكن روسيا تدخلت لمنع توسع التوتر، واللافت ان الحكومة اصدرت في هذه المرحلة دفعة ثانية من سندات يوروبوند بقيمة 400 مليون دولار، كما انهت الاستعدادات لافتتاح مطار بيروت الدولي المجدد والمرمم في عيد الاستقلال. 
وكان لتعديل قانون الانتخابات البلدية والاختيارية دوره في انقسام الرأي الرسمي والشعبي حين ادخلت اليه مادة تجيز التعيين في القرى المهجرة وفي قرى الشريط الحدودي، وزار الرئيس الهراوي البطريرك صفير خصيصاً ليشرح له اسباب هذا القرار ألا وهي الابقاء على التوازن الطائفي داخل اللجان البلدية والاختيارية.
في هذه الاثناء اطلق "حزب الله" "السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي" والتي تضم شباناً من مختلف الطوائف ليزيل عن المقاومة صفة احتكار الشيعة لها.
وفي 2 تشرين الثاني زار الرئيس الايطالي اوسكار لويجي سكالفارو لبنان واكد للرئيس الهراوي دعم لبنان في عملية السلام، واستمرار مشاركة بلاده في قوات الامم المتحدة في الجنوب . وكانت عشر شركات ايطالية تعمل على تنفيذ مشاريع اعمارية تقارب ال 800 مليون دولار في لبنان لا سيما في قطاع الكهرباء.
في 11 تشرين الثاني، سحبت واشنطن لبنان وسوريا عن لائحة الدول المنتجة للمخدرات، فيما كان لبنان منشغلاً بأمرين : الاول في البقاع، بوضع حد لتهديد الشيخ الطفيلي بمعاودة التظاهرات، والثاني في بيروت، لمواجهة اضراب عام دعا اليه الاتحاد العمالي الذي لم يحصل على مطلبه بتصحيح سلسلة الرواتب والرتب.
وبعد خمسة اشهر على اعلان "ثورة الجياع"، قرر مجلس الوزراء تكليف الجيش بأمن المنطقة ومنع اغلاق الطرق ووقف ظواهر "العصيان"، كما جاء اضراب الاتحاد العمالي جزئياً لانقسام الحركة النقابية حوله.
مرة أخرى، اختلفت وجهات النظر بين الرئيسين بري والحريري حول الملفات الانمائية ووسائل تمويلها، ورفض بري زيادة خمسة آلاف ليرة على صفيحة البنزين.
وفي 25 تشرين الثاني، دشن الرئيس الهراوي مبنى المتحف الوطني بعد ترميمه من الاضرار التي اصابته لوقوعه على خط تماس عسكري خلال الحرب.
في 3 كانون الثاني، اضرب المعلمون مجدداُ مطالبين بتسوية رواتبهم، فيما كان مجلس الوزراء يطلق خطة اقتصادية تقضي بخفض الانفاق وبالاستدانة بالعملات الاجنبية لتغطية عجز بلغ ملياري دولار.
وشارك الرئيس الهراوي في مؤتمر القمة الثامن لمنظمة الدول الاسلامية الذي انعقد في طهران واستقبله الرئيس الايراني محمد خاتمي قائلاً له ان لمشاركته اكثر من معنى . الهراوي دعا في خطابه امام المؤتمر الى "مقاومة تشويه الاسلام والى وقف التطرف" كما طالب ايران بالتعامل مع لبنان الرسمي . ورد الرئيس خاتمي طالباً من اللبنانيين الخضوع للدولة.
وبسبب منع اجراء مقابلة مع العماد عون على احدى الشاشات اللبنانية، خرج الطلاب الى الشارع لايام عدة .
اما المفاجأة الاهم فجاءت من مجلس النواب الذي رفض اقرار مبدأ التعيين في الانتخابات البلدية، وهو امر كان الرئيس الهراوي يبغي من ورائه الحفاظ على التنوع داخل المجالس البلدية لكنه رضخ لقرار النواب ووقع القانون.
في هذه المرحلة، نقل مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط مارتن انديك الى بيروت نية اسرائيل الانسحاب من معبر كفرفالوس، لكنه بشر اللبنانيين باعادة فتح القنصلية الاميركية في بيروت لمنح التأشيرات التي كان على اللبناني ان يحصل عيها من القنصلية في دمشق. 
وكهدية صدف وصولها في عيد الميلاد، قدمت السعودية وديعة مالية بقيمة 600 مليون دولار لمصرف لبنان.
وفي لقائه الصحافيين المنتدبين في القصر الجمهوري الذين عايدوه بعيد رأس السنة، شدد الرئيس الهراوي على ضرورة وجود معارضة بشرط ان يكون هدفها البناء لا الهدم، وتساءل لماذا يشعر المسيحيون بالاحباط فيما عليهم ان يؤدوا دورهم ويتحملوا مسؤولياتهم في الداخل والخارج .
يوميات 1998
انه العام الذي سيشهد انتخابات رئاسية "طبيعية" في المهلة الدستورية المحددة وتسليم الرئيس الهراوي لخلفه العماد اميل لحود مهام الرئاسة . كما نجح الرئيس الهراوي في جعل مجلس الوزراء يقر قانون الاحوال الشخصية المعروف بالزواج المدني الاختياري، وان كان الامر سيتوقف عند هذا الحد نظراً لمعارضة  القادة الروحيين له.
بدأ العام بتفاؤل رسمي حول إجراء الانتخابات الرئاسية والانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها المحددة، وسط تساؤل حول كيفية إجراء الانتخابات البلدية في القرى المهجرة .
وفي تطور لافت، اكد وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي ان بلاده مستعدة لتنفيذ القرار الدولي الرقم 425 بحذافيره وانها لا تسعى لسلام منفرد مع لبنان بل لترتيبات امنية معه للحفاظ على امن المواطنين على جانبي الحدود . وسرعان ما أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الالتزام مما اثار اهتماماً لبنانياً وجعل نائب الرئيس السوري السيد عبد الحليم خدام يزور فرنسا لتبين مدى جديته.
 العام الجديد انفتح ايضاً على وعد حكومي باستمرار التقشف في الموازنة الجديدة . لكن فوجيء الرأي العام باصدار قانون عفو عن جرائم المخدرات ادى الى اطلاق سراح النائب السابق يحيى شمص بعد اكثر من ثلاثة اعوام على سجنه بالاضافة الى 200 من الموقوفين بتهمة الاتجار بالمخدرات.
وعادت قضية الاعلام الفضائي الى الواجهة بعد استضافة المؤسسة اللبنانية للارسال النائب نجاح واكيم الذي اثار كلامه ضد الحكومة ورئيسها ردود فعل كثيرة، الامر الذي ادى الى اتخاذ قرار يقضي بمنع البث السياسي عبر الفضائيات اللبنانية.
موردخاي زار ثكنة مرجعيون في الشريط المحتل يرافقه اكثر من خمسين صحافياً ومراسلاً ليؤكد ان التسوية مع لبنان ستكون على اساس القرار 425، فيما كان السيد خدام يتساءل من باريس : من يمنع اسرائيل من تطبيق هذا القرار؟ ففرنسا كانت تعتبر ان هذا الامر "مؤشر جيد" للحل الشامل . لكن سرعان ما تبدلت الاجواء الايجابية حين زار وزير الخارجية الفرنسي اوبير فدرين لبنان وقال بان اعتراف اسرائيل بالقرار 425 مشجع لكن اسرائيل اضافت اليه شروطاً لا يلحظها وهي بالتالي مرفوضة.
في هذه الاثناء، كان لبنان يواجه تحدياً جديداً يتمثل في الرضوخ لمتطلبات منع تبييض الاموال الذي يخفي ضمناً رفعاً للسرية المصرفية على الودائع . لكن جمعية المصارف سارعت الى الاجتماع وقررت ان تتقدم بمشروع رقابة ذاتية على الودائع بما لا يمس بالسرية المصرفية.
الوضع في الجنوب عاد ليتفجر على محاور اقليم التفاح ورافقته غارات بالطيران الحربي الاسرائيلي . 
وتوجه الهراوي الى دمشق لبحث التصريحات الاسرائيلية حول القرار 425 ليعود رافضاً اي انسحاب مشروط من الجنوب . ولم يتوان نتنياهو عن تأكيد الهواجس اللبنانية حين قال بان اسرائيل مستعدة للخروج من جنوب لبنان شرط ان تلتزم الحكومة اللبنانية بنشر قواتها في الجنوب وبحل "حزب الله".
وزار رئيس الجمهورية الارجنتيني لبنان واعداً بتوثيق العلاقات بين البلدين وتشجيع الاستثمارات الارجنتينية.
وتلقت القوى الامنية امراً بالقاء القبض على الشيخ صبحي الطفيلي لكنه خرج من بلدته بريتال الى مكان مجهول، فيما اطلقت الحكومة مشاريع ﺒ 150 مليار ليرة  لإنماء بعلبك والهرمل وعكار.ووقّع لبنان مع سوريا اتفاق حرية تبادل المنتجات الصناعية.وأسف لبنان لإلغاء الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان زيارة الى لبنان ليثير معه القرار 425 .
وعاد الرئيس الهراوي ليؤكد انه سيعرض مشروعه للزواج المدني الاختياري على مجلس الوزراء قريباً، بينما كان الوزير وليد جنبلاط واستباقاً لاستحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية ينفتح على حزبي الكتائب والوطنيين الاحرار.
وزار رئيس المفوضية الاوروبية جاك سانتير بيروت لبحث اتفاق الشراكة الاوروبية مع لبنان وطالب اسرائيل بانسحاب غير مشروط من الجنوب.
وفيما تصاعدت التهديدات الاميركية للعراق من اجل تأمين تفتيش جدي عن اسلحة دمار شامل فيه، استقبل لبنان وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف على الرغم من استمرار قطع العلاقات الديبلوماسية معه منذ العام 1994، كذلك استقبل موفداً كويتياً للامر ذاته، لكن لبنان اكد انه يعارض اي ضربة اميركية للعراق مطالباً بغداد بتطبيق القرارات الدولية.
وسعت الحكومة الى إنهاء ملف عودة المهجرين قبل الانتخابات البلدية، لكن تأخير اقرار سلسلة الرتب والرواتب اعاد المعلمين الى الاضراب فيما كان البحث جارٍ عن كيفية انماء المناطق ايضاً . وسحبت الحكومة مشاريعها المقررة حتى تتأمن المبالغ الوافية لتنفيذ المشاريع، فيما كان 200 قاضٍ يجتمعون في قصر العدل للتعبير عن مطالبهم للمرة الاولى في تاريخ لبنان.
في الاول من آذار دشن الرئيس الهراوي قصر الاونيسكو المرمم في حضور المدير العام لهذه المنظمة فيدريكو مايور والامير طلال بن عبد العزيز اللذين شاركا في المؤتمر الاقليمي العربي حول التعليم العالي.
في هذه المرحلة، برزت اشادة من الرئيس الحريري بالجيش وبالعماد اميل لحود، فيما كان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع يبحث في بيروت خطة مشتركة لمواجهة احتمال تنفيذ اسرائيل انسحاباً وفقاً للقرار 425، وذلك فيما كانت الدولة العبرية تجدد انتخاب عازار وايزمن رئيساً لها في مواجهة شاؤول عاموره، مرشح حزب الليكود وبنيامين نتنياهو . فجأة تسارعت التصريحات الاسرائيلية حول الانسحاب من الجنوب بين نفي وزير الدفاع ارييل شارون ان تكون اسرائيل اتخذت قراراً بالانسحاب وتكاثر التصريحات الداعية الى تحقيق هذا الانسحاب.
في هذه الأثناء، اطلقت سوريا 121 لبنانياً كانوا محتجزين في سجونها وسط ترحيب من البطريرك الماروني.
كذلك طرحت على الساحة الداخلية قضية التعديل المزدوج للدستور، فكرر الرئيس الهراوي رفضه لهذا المبدأ واكد انه "سيغادر الى منزله في آخر العهد". 
وبالتزامن مع انعقاد قمة لبنانية سورية في دمشق، اقترح شارون انسحاباً "على مراحل" من لبنان، استباقاً لزيارة سيقوم بها الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان الى المنطقة . لكن منسق الانشطة الاسرائيلية في لبنان اوري لوبراني عارض اقتراح شارون ودعا لاشراك سوريا في الحل . وبعد القمة اعلن كل من لبنان وسوريا رفضهما الانسحاب الاسرائيلي على مراحل.
 وجاءت نية الحكومة بفرض ضرائب جديدة لترخي بثقلها على العلاقات بين المسؤولين اذ رفض الرئيس الهراوي ومعه الرئيس بري هذه الزيادة فسحب الرئيس الحريري مشاريع الرسوم من التداول قبل انعقاد مجلس الوزراء المخصص لبحثها . لكن هذه الجلسة ستشهد مفاجأة من نوع غير متوقع اذ اقر فيها 21 وزيراً مشروع الرئيس الهراوي للزواج المدني الاختياري الذي رفضته كتلة الرئيس الحريري . وقال الهراوي انه يريد من هذا المشروع ان يكون "مدخلاً لالغاء الطائفية كلها" . هذه الجلسة تركت اثرها على علاقات الرئيسين الهراوي والحريري وسط عاصفة من التعليقات بين مؤيد للقانون ورافض له.
في 20 ايار، زار انان بيروت ودعا اللبنانيين الى انقاذ انفسهم بانفسهم، فيما كانت الحكومة الاسرائيلية تؤكد بان لا انسحاب من الجنوب من دون ترتيبات امنية . وقال الهراوي لأنان ان لبنان "يرفض التوطين وانه لا يعتبر المقاومة ضد اسرائيل ارهاباً".
واتسعت الهوة بين الهراوي والحريري بسبب الزواج المدني الاختياري، فاعتبر الهراوي ان الوزراء والنواب هم المرجعية في هذا المجال، فيما رد الحريري بضرورة التوافق في الامور الحساسة.
من ناحية اخرى، استغرب نتنياهو ما دعاه "الموقف العجيب" للرئيس السوري حافظ الأسد في لبنان، لجهة "رفضه الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب واستخدام كل الوسائل لمنعه".
وزار الهراوي ابو ظبي شاكراً للشيخ زايد آل نهيان ما قدمه للبنان من مساعدات، وعادت اسرائيل لتطرح التفاوض على ترتيبات امنية مع لبنان وعلى فك المسارين بين لبنان وسوريا الامر الذي رفضه لبنان وسوريا معاً، وتوجه نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام يرافقه وزير الخارجية فاروق الشرع الى باريس لشرح موقف سوريا من هذا الطرح ورفض "ترك سوريا لوحدها" . وانعقدت قمة لبنانية سورية اكدت مجدداً على رفض الاقتراح الاسرائيلي.
في نيسان، فوجيء اللبنانيون بتمرد السجناء في سجن رومية مطالبين بتحسين اوضاعهم وبالعفو عن الذين لم يأت دورهم للمثول امام القضاء.
الرئيس الهراوي امضى عطلة عيد الفصح في زحله، ومنها حذر من تحويل بيروت الى "حماه اخرى". لكن التوتر بين المسؤولين انتهى بعد العيد بتحويل قانون الزواج المدني الاختياري الى مجلس شورى الدولة، وعودة مجلس الوزراء الى بحث الاوضاع الاقتصادية.
في آب عادت مهرجانات بعلبك الى ... بعلبك ووقفت فيروز مجدداً على أدراج القلعة. 
لكن الوضع في الجنوب توتر مرة اخرى، وهددت اسرائيل بتدمير البنى التحتية للبنان، وجاء الرد السوري بان القصف الاسرائيلي سيؤدي الى الغاء "تفاهم نيسان"، فسارع لبنان الى طلب المساندة الدولية لوقف اي عملية اسرائيلية فيما كانت الدولة العبرية تحشد آليات متطورة عند الحدود . وهدأ الوضع بعد اتصالات حثيثة مع اسرائيل، فيما شدد الرئيس الهراوي على الوزراء ترك التعليقات على تطورات الجنوب للمراجع المعنية وعدم التهجم على المرجعيات الدولية.
وكانت واشنطن عينت سفيراً جديداً لها في لبنان هو ديفيد ساترفيلد وقالت بانها تريد اجراء "انتخابات رئاسية ديموقراطية"، وكررت "التزامها سيادة لبنان واستقلاله وخلوه من من جميع القوات الاجنبية".
وعادت الحماوة الى ملف الانتخابات الرئاسية حين اعلن النائب بطرس حرب ترشيحه تحت شعار بناء دولة القانون . وبادر المسؤولون الى ابداء ارائهم في هذا الترشيح ووصل الحد الى تراشق الوزير دلول الذي يؤيد انتخاب العماد اميل لحود مع الوزير وليد جنبلاط الذي عارض هذا الانتخاب . ومع اقتراب شهر ايلول، ودخول الاستحقاق الرئاسي المهلة الدستورية لانهاء عهد الرئيس الهراوي، ازدادت التعليقات الآتية من دمشق فاربكت الاجواء الداخلية لا سيما حين تحدث السوريون عن "تجديد وجه الرئاسة الثانية".
وخرق اطلاق اسرائيل لسهى بشاره المتهمة بمحاولة اغتيال قائد "جيش لبنان الجنوبي" اللواء انطوان لحد، ليشكل "هدنة" بين السياسيين المرحبين باطلاقها.
وبعد تكاثر الترجيحات حول احتمال التمديد مرة اخرى للرئيس الهراوي، نقل عنه الرئيس الحريري رفضه التام لهذا التمديد.
في هذه الاثناء ازدادت الهجمات داخل منطقة حزين واوقعت عدداً من المدنيين، وابدى الرئيس الهراوي خشيته من نية اسرائيل توسيع الشريط الحدودي.
في هذه المرحلة، بدأ البحث في كيفية اجراء التعديل الدستوري للمادة 49، وعقد الرئيس الهراوي اجتماعات متلاحقة مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة تحضيراً لفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي، بعد التوافق على اسم الرئيس.
وفاجأ وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي اللبنانيين حين اعلن ان الحل في الجنوب سيكون سياسياً.
وعادت الزيارات الى دمشق لتطغى على المشهد الداخلي خصوصاً بعد استقبال الرئيس السوري حافظ الاسد العماد لحود . واستبق الرئيس الهراوي القمة الاخيرة مع نظيره السوري برفضه التجديد مهما كانت الظروف. في هذه الاثناء اعلن السيد دوري شمعون ترشيحه للرئاسة، فيما كانت التصريحات عن انسحاب وشيك ﻟ "الجنوبي" من جزين تضع الحكومة امام مسؤولية اتخاذ قرار ارسال الجيش اليها.
وحقق الهراوي ما اعتبره اهم انجاز لعهده حين اطلق من قصر الاونيسكو العام الدراسي الجديد وفق النظام التربوي الجديد.
وبعد قمة لبنانية سورية في الخامس من تشرين الاول، حسم الموقف لجهة انتخاب العماد لحود رئيساً للجمهورية، وبادر البطريرك صفير الى تأييد الخيار لكن ليس الطريقة التي حصل فيها، فيما قرر الوزير جنبلاط مقاطعة جلسة الانتخاب مع كتلته.
في 8 تشرين الاول، اقر مجلس الوزراء التعدل الدستوري للمادة 49، وفي 13 منه صوت 113 نائباً على قانون التعديل وانتخب العماد لحود رئيساً في 15 منه.
وفي الفترة الفاصلة بين الانتخاب وانتهاء الرئاسة، عمد الرئيس الهراوي الى اطلاع خلفه على كل الملفات، وأكد انه "جمع شمل اللبنانيين" في أقسى الظروف . وهو سعى الى اصدار ملحق لمرسوم التجنيس لكنه طوى الفكرة فيما بعد . كذلك ابدى الرئيس الهراوي ملاحظات اخذ بها مجلس الوزراء حول مشروع قانون الاثراء غير المشروع.
لكن الرئيس الهراوي اصيب بوعكة صحية استلزمت اجراء تمييل له، الامر الذي لم يؤخره عن حضور آخر جلسات مجلس الوزراء في عهده، والمشاركة في 22 تشرين الثاني في الاستعراض السنوي الذي يقام في ذكرى الاستقلال، فجلس على مقعد الرئاسة فيما كان الرئيس المنتخب العماد اميل لحود يمارس دوره قائداً للجيش لحين تسلمه الحكم بعد يومين في قصر بعبدا . وقال الرئيس الهراوي بعد تسليم السلطة للرئيس لحود انه يسلم خلفه "دولة موحدة تسلمتها اشلاء" وغادر الى منزله ليكمل المشاركة في الحياة الوطنية كرئيس سابق.