إنتُخِب الياس الهراوي رئيساً للجمهورية اللبنانية في 24 تشرين الثاني 1989، وسط ظروف أمنية صعبة للغاية، إثر استشهاد الرئيس رينيه معوّض . وفي العام 1995، تمّ تمديد ولايته لمدة 3 سنوات.

كان مثال الجرأة والإقدام في خروج لبنان من حالة الحرب الى أفق السلام الأهلي . واجه الأوضاع المتأزّمة بصبر وثبات، وعمل على مدى 9 سنوات على إرساء الوحدة الوطنية وإعادة النبض الى الحياة اللبنانية وإطلاق مسيرة الإعمار والتحرير، وتحقيق السيادة على كافة الاراضي اللبنانية.

جائزة الرئيس الياس الهراوي

مقدمة

جائزة الرئيس الياس الهراوي

مقدمة
 
تميّز عهد الرئيس الياس الهراوي بثلاثة توجهات جوهرية ذات أبعاد مستقبلية٬ وهي :
 
1- الثقافة الميثاقية٬ وكانت أساسية بعد معاناة الحروب التي وَضعت لها حداً وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف .

2- خطة النهوض التربوي : فهو اهتم تحديداً ببرامج "التربية المدنية" وبكتاب موحَّد للتاريخ من أجل ان تتربى الأجيال على حقيقة تاريخها وتبني مستقبلاً لا تتكرر فيه أخطاء الماضي.

3- تحديث النظام اللبناني٬ والمسعى العملي لتسريع وتطبيق النظام المدني الاختياري في الأحوال الشخصية. (نص قانون الأحوال الشخصية ومحضر جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 18/3/1998 ٬ في كتاب "الياس الهراوي عودة الجمهورية من الدويلات الى الدولة" ملحق ص 652 الى 685).

لجنة ﺇحياء ذكرى الرئيس

وفاءً لشخص الرئيس الراحل ولتضحياته الجمّة في سبيل استتباب السلم الأهلي وﺇرساء روح الميثاق الوطني وقيم الجمهورية٬ قررت السيدة منى الهراوي تأسيس لجنة ﻹحياء ذكراه في السابع من تموز من كل عام.

وقد تالفت اللجنة من أشخاص "ميثاقيين"٬ شاركوا الرئيس رؤياه ونضاله وهم:
السيدة منى هراوي               
السفير ريمون روفايل                           
الأستاذ محمود عثمان          
السيد جوزف رعيدي            
الدكتور انطوان مسرة
الأستاذ كميل منسى
الدكتور عباس الحلبي
السيدة مي كحالة
السيدة روز زامل
الشاعر هنري زغيب
السيد سمير عطالله

انطلقت اجتماعت اللجنة في دارة الرئيس الياس الهراوي بشكل دوري منذ مطلع العام 2007.

وتجسيداً لرغبة عبّر عنها الرئيس قبل غيابه بأن لا تكون الذكرى السنوية لوفاته مناسبة لتجديد الحزن والتأبين بل عبرة لكل مخلص عمل أو يعمل من أجل لبنان٬ قرّرت اللجنة مجتمعة برئاسة السيدة منى الهراوي ﺇطلاق جائزة سنوية تمنح كل عام لشخصية مميّزة تختارها اللجنة وفق معايير محدّدة مستقاة من مفهوم فلسفة جائزة الرئيس الهراوي.

جائزة الرئيس الياس الهراوي

هي عبارة عن منحوتة سُبكت من الفضة٬ اعتمد تصميمها من خلال مباراة فنيّة شارك بها حوالي أربعون طالباً من عدة أقسام وﺇختصاصات في الأكاديمية اللبنانية للفنون ALBA .
وقد اختارت لجنة التحكيم المجسّد الأكثر جمالية وﺇبداعاً والأكثر تعبيراً عن فلسفة الجائزة : الوحدة في التنوّع.
المشروع الفائز من تصميم شربل فخري٬ الطالب في السنة الرابعة في مدرسة الفنون الزُخرفية – فرع التصميم.

تمثل المنحوتة التي صممها شربل فخري عموداً مرتفعاً على شكل جديلة حلقات فضية معقود بعضها الى بعض عند القاعدة . وهي ترمز الى الوحدة الوطنية في مكوناتها المختلفة.
وتتضمّن الجائزة باﻹضافة الى المنحوتة الفنية المذكورة مبلغاً مادياً قدره عشرة آلاف دولار أميركي.


حول فلسفة جائزة الرئيس الياس الهراوي

كتب البروفسور انطوان مسرّة:
"ما هي فلسفة جائزة الرئيس الياس الهراوي ومعناها؟

انها جائزة العودة الى مؤسسات الدولة ومرجعيتها؛
وجائزة ﺇحياء الميثاق اللبناني وقيمه وقيم الجمهورية٬ قيم لبنان الرسالة والدور والمعنى؛
وجائزة النهوض بلبنان بعد سنوات الحروب والدمار والتدهور في المعايير الناظمة للحياة العامة".
تمنح هذه الجائزة السنوية لشخصية تميّزت عبر سلوكياتها وممارساتها الحقوقية والدستورية٬ أو من خلال كتاباتها أو ﺇبداعاتها الفنية٬ بالسعي ﻹحياء قيم الديمقراطية والميثاق اللبناني الذي يتضمّن مبادىء أساسية أهمها :
- العيش المشترك والقبول باﻹختلاف.
- احترام الحريات وصونها بخاصة في مجالي الأحوال الشخصية والتعليم.
- عروبة مستقلة٬ مشترطة باستقلال لبنان وسيادته.

الذكرى الأولى

 ﺇحياء ذكرى الرئيس وتسليم الجائزة : 2007 – 2008 – 2009 – 2010 - 2011 - 2012-2013 - 2014 - 2015 - 2016 - 2017 - 2018 - 2019

عام 2007
في مرور العام الأول على غياب الرئيس الياس الهراوي٬ نظّمت لجنة ﺇحياء ذكراه ﺇحتفالا في قصر الأونيسكو – بيروت٬ حضره عدد من الوزراء والشخصيات السياسية واﻹجتماعية وجمع كبير من رجال الدين والفكر واﻹعلام بالاضافة الى الأهل والاصدقاء.

وقد تضمّن البرنامج فيلماً وثائقياً عن مآثر الراحل الكبير بعنوان :"الياس الهراوي – الدولة المستعادة"٬ عُرض قبل بداية الحفل الذي أداره الشاعر هنري زغيب.

ثم توالى الخطباء٬ ونورد بعض المقتطفات من كلماتهم:

من كلمة دولة الرئيس نبيه بري:

"لراحة نفسه٬ صلاة الغائب الذي نحب٬ وصلاة الحاضر الذي لن يغلق النسيان خلفه ابواباً٬ ولن تؤجله الذاكرة ولن تذهب به الطرقات الى الصمت".
" نؤمن بأن لبنان الذي قام في عهده يمشي الآن طريق جلجلته ويحمل صليبه على ظهر أبنائه ليصل الى لبنان : دولة السلام٬ لبنان القرار الواحد في وجه أي مساس باستقراره وسيادته".
"لفخامة الرئيس الياس الهراوي : مواطناً متشبعا بالمواطنية٬ ونائباً بكل معنى الكلمة من تشريع٬ لا تذبل في حدائقه أزهار الديموقراطية٬ ورئيسا من كل قلوبنا أيقظت كلماته المدن التي كانت توشك أن تنحني أو تموت٬ والمدن التي كانت توشك أن تغادر الشاطىء الى ما وراء البحار".

من كلمة دولة الرئيس فؤاد السنيورة المتلفزة :

"أردتُ في هذه الكلمة التعبير عن التقدير الذي أكِنّه للراحل الكبير الرئيس الياس الهراوي في الذكرى الأولى لوفاته

وهو تقدير ينبع من أمرين اثنين: المعرفة الشخصية الطويلة نسبياً والتي أفضَت الى علاقةٍ قائمةٍ على الودّ والحديث المتصل رغم اختلاف الآراء في بعض الأحيان. والأعمال الجليلة التي قام بها الرئيس الهراوي وحفلَ بها عهده٬ وهو كذلك العهد الذي أخرج البلاد من زمان الميليشيات وأوصلها الى زمن الدولة" (...) .

"في الذكرى الأولى لغياب الرئيس الهراوي٬ وبعد مرور الذكرى الثانية على غياب صديقك الرئيس رفيق الحريري٬ أصارحك أيها الرجل العذب٬ أن الوحشة تتملكنا٬ وأن فقدَكما تزداد وطأته على عقولنا وقلوبنا."
"سيبقى اللبنانيون المعتدلون العاملون من أجل لبنان السيد الحر العربي المنفتح الواحد المتآلف يذكرون لكما عملكما الكبير من أجل الوطن والانسان وبخاصة في أزمنة الشدة هذه ففي الشدائد تعرف أقدار الرجال".  

من كلمة معالي الأستاذ غسان تويني:

"انطلق عهدك معمداً بالمأساة ولكنك حكمت بالكياسة والسلاسة والابتسام. حتى المعارضة التي واجهت حكمك الديمقراطي كما هو طبيعي أن تواجه كل حكم٬ كنت تطوقها بالكياسة فتبادلك سلاسة بدل أن يتحوّل الحكم متاريس تقام من هنا وخنادق تحفر من هناك.

لم يكن حكمك حكم الكمال٬ لأن لا كمال في أي حكم.

فالحكم للأنسان٬ ليس للآلهة والقديسين٬ وحسبه التوق الى العدالة".
"وﺇن ننسى٬ لا ننسى نحن اللبنانين كل اللبنانيين أنك حملت صليب قانا وذهبت به الى الأمم المتحدة تصرخ في وجه اسرائيل وحلفائها أن لبنان ليس "حائط مبكى (...) وأكثر من أن يتحول ضحية مهما توهموا أنه أرض سائبة أو فرق حساب".

وليذكروا دائماً – صرخت – "أن من يلعب بدم لبنان يغرق في نزيف لبنان".

من كلمة معالي الوزير بطرس حرب:

تتداخل فيّ المشاعر وأنا أتحدث عن هذا الراحل الكبير : هل أتحدث عن رفيق المقعد في مجلس النواب٬ وقد دخلناه معا ولأول مرة سنة 1972 ٬ أم عن زميلي في تجمّع نواب الموارنة المستقلين٬ أو عن الوزير الغيور٬ أم عن فخامة الرئيس٬ لم أكتفي بعيداً عن المراسم والألقاب بالكلام عن "أبو جورج" الرجل الذي أحب٬ صديق العمر٬ ﺇشبيني في الزواج٬ ورفيق الدرب في السهرات والرحلات والجلسات العائلية.

لقد غادرتنا٬ يا فخامة الرئيس٬ ونحن نواجه سلسلة مجرمة من اﻹغتيالات طالت كباراً من لبنان٬ إغتيالات كان يفترض أن توحّدنا٬ فاذا بها ويا للعجب٬ توقعنا في خلاف وصدام . وأياماً بعد رحيلك٬ تعرّضنا لأبشع عدوان من اسرائيل . ثم كانت ﺇستقالات واغتيالات واعتصامات ومظاهرات ومبادرات لم تلد٬ ثم كانت حرب على جيشنا اللبناني البطل تفاجئه بها منظمات ﺇرهابية مجرمة لا دين لها ولا مقدسات.

ومع ذلك٬ لم نتعلم٬ ولم نتوحّد . ولكنني٬ باسم روحك٬ أدعو اليوم الى وقفة وطنية جامعة٬ وقفة تاريخية أسمى من المواقف الشخصية والطائفية والسياسية٬ وقفة محبة وتعاون ووحدة.
"لبنان لن يموت٬ سيبقى حياً٬ طالما في الشراين دم ينبض بحب لبنان".

من كلمة معالي الأستاذ فارس بويز:

"منذ انتخابه رئيساً للجمهورية ومباشرته ﺇعادة توحيد البلاد والمؤسسات٬ أدرك الرئيس الياس الهراوي فوراً أن السياسة الخارجية لن تكون موجّهة نحو الخارج فقط٬ بل هي التي تنجح الوحدة الوطنية أو تفجّرها (...)" .

"في عهد الرئيس الياس الهراوي٬ كانت للبنان سياسة خارجية حكيمة وطنية جامعة صادقة شفافة٬ ساهمت في توحيد لبنان٬ ودافعت عن حقوق لبنان أولاً والعرب تالياً٬ ولم تطعنهم. في عهد الرئيس الياس الهراوي كانت السياسة الخارجية٬ فعل ايمان بلبنان٬ وطن حر سيد مستقل٬ مارسناها بقناعة مطلقة".

كلمة السيدة منى الهراوي:

"لو كان لي أن أضع عنواناً لهذا اليوم لسمّيته " يوم الوفاء" : الوفاء لرئيس جمهورية سابق، لمن أعاد الدويلات الى الدولة والمؤسسات، وانتقل بالرئاسة الأولى الى مقرها في بعبدا.

لمن حقّق المصالحة الوطنية، لمن أنشأ أول مجلس دستوري، لمن أطلق ورشة الإعمار وإعادة البناء، لمن أكد على حضور لبنان في المجتمع الدولي وحمل مع دموعه مجزرة قانا الى الأمم المتحدة، لمن أنعش أمل الشباب اللبناني بمستقبله، لمن كان عنواناً للسماح والإنفتاح والإعترآف بالاخر، لمن صان الحريات والنظام الديموقراطي والعدالة وحقوق الانسان،لمن رفض العنف وآمن بالحوار، لمن نأى عن العصبيات والطائفيات، لمن تسامى عنده الولاء للوطن يعلو على أي ولاء آخر، لمن تاق الى دولة مدنية وعدم توظيف السياسة في الدين والدين في السياسة، فوضع مشروعاً لقانون الزواج المدني، للمقدام الجريء بإتّخاذ الموقف المناسب والقرار المناسب في الوقت المناسب.

وإنه الوفاء ايضاً لمن تسلّم شبه دولة مشلّعة فسلّمها دولة ململمة العناصر بمؤسساتها وإداراتها وجيشها وعلمها، ولمن بذل أعصابه ونهاراته وليله وسلخ في عمره جزءاً نابضاً لتمتين لبنان السيد، الحر، المستقل، الواحد، بكل انسان من شعبه وكل شبر من ارضه.

وإنه، اليوم كذلك، الوفاء: لصاحب الرأي والرؤيا والحنكة والتجربة ، لمن تميّز بالشجاعة والصراحة، بالذكاء والعفوية، بالبساطة والتواضع، بالحزم والمرونة، بالكرم والعطاء، لمن لم يغيره منصب ولا أسكره لقب، لمن تميز باللسان اللاذع والاسلوب المحبب في آن، لمن تحصن بالإباء والعنفوان وعزة النفس، لرفيق العمر الذي نبض له قلبي وأنار دربي، لمن كان خير زوج ووالد وجدّ وصديق، لمن غمر عائلته بالعاطفة والحنان، لمن بقي وسيبقى فكره وقلبه الكبير حياً معنا".

تلى الكلمات تقديم "جائزة الرئيس الياس الهراوي" للعام 2007 الى البروفسور انطوان مسرّه تقديراً لمساره ومؤلفاته حول "لبنان الميثاق".
واختتم اﻹحتفال بفاصل غنائي  رائع أنشدته غادة شبير من وحي المناسبة فأبدعت.

لماذا مُنحت الجائزة الأولى الى البروفسور مسرّه ؟

لأنه الأستاذ الجامعي الذي عمل بثبات في عمق المجتمع المدني، وهو اليوم عضو في المجلس الدستوري، وذلك لمساهمته الريادية في الدراسات المقارنه حول لبنان وميثاق لبنان، ولعمله الثقافي في العديد من البرامج وفي كل المناطق اللبنانية لصالح السلم الأهلي والديمقراطية.

وقد كتبت عنه مجلة الأكسبرس L’Express-Paris في ملف موضوعه: "المئة الذين يحركون لبنان"،عدد 2592، 8-14/3/2001:

"لشدة ما راقب المجتمع اللبناني، اكتسب انطوان مسرّه نوعًا من الانفصال المتسامح يسمح له بتفسير الامور من دون ادانة احد. وقد وجد هذا المراقب الذي لا يكل، في لبنان، مادة لتعميق نظرياته حول التعددية المتفاعلة. ولطالما كان هذا المدافع الكبير عن الديمقراطية وهذا الاستاذ في العلوم السياسية في الصفوف الامامية حين كان الامر متعلقًا بالدفاع عن الحريات. ولا يكتفي مسرّه بتعليم اللبنانيين الذين يتعاقبون على صفه منذ اجيال في نظام معقد وهش كنظام لبنان، بل هو ينظم حلقات دراسية وينشر أعمالاً محاولاً بذلك طرد الاشباح التي مزقت بلده. وقد اطلق، بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، مرصدًا للديمقراطية في لبنان، وهو حارس متيقظ للقيم النادرة في هذه المنطقة".

وكتب عنه غسان سعود: "رسول السلم الأهلي مرابط على خطوط التماس" ("أشخاص"، الأخبار، 18/12/2008). وكتبت ديانا سكيني: "مفكر يفصل القانون على قياس لبنانه" ("شخصية"، البلد، 3/9/2007).

الذكرى الثانية
عام 2008
في الذكرى الثانية لرحيل الرئيس الياس الهراوي، أقامت لجنة ﺇحياء ذكراه ﺇحتفالاً ثقافياً في أوديتوريوم بيار أبو خاطر – كلية الآداب والعلوم اﻹنسانية، الجامعة اليسوعية، بحضور اللبنانية الأولى السيدة وفاء سليمان ممثلة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والسيدة هدى السنيورة ممثلة رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والأصدقاء وعائلة المكرّم ومحبّيه وأهل الفكر والقانون واﻹعلام .

ﺇفتتح اﻹحتفال بالنشيد الوطني عزفته الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية بقيادة المايسترو الدكتور وليد غلميّة، ثم قدم الخطباء الشاعر هنري زغيب فتحدثت السيدة منى الهراوي وسلمت "جائزة الرئيس الياس الهراوي" للعام 2008 الى القانوني، النائب السابق الدكتور حسن الرفاعي، تقديراً لمواقفه الوطنية الصلبة، ولمرجعيّته الدستورية والقانونية العالية، ولحضوره السياسي ولكامل نشاطه وﺇنتاجه المهني والوطني من أجل لبنان، ودور لبنان، وأحقيّة لبنان في تمايزه وفرادته.

جاء في كلمة السيدة منى الهراوي:
"ﺇنه مجدداً يوم الوفاء، الوفاء ﻹنسان كبير ﺇفتقدناه جميعاً، وهو حيّ في قلوبنا وفي ضميرنا (...) .
ﺇن خير تكريم لراحل كبير، هو العمل على تكملة مسيرته وجعل الأهداف والأفكار التي آمن بها وسعى ﺇليها حيّة في العقول والنفوس.
من هنا رأت لجنة ﺇحياء ذكرى الرئيس الياس الهراوي ﺇنشاء جائزة باسمه تُمنح لشخصية تميّز أداؤها بابراز هذه المبادىء وتعميم ﺇنتشارها.

وﺇذ ﺇختارت في العام الماضي الباحث الأكاديمي المُجلى في الميثاق الدكتور انطوان مسرّه، يسرّني ويشرّفني أن أعلن أن خيارها وقع هذا العام على عالمٍ لامع ومرجعية في الدستور والقانون معالي الدكتور حسن الرفاعي وهو اسم مشهود له في المحافل الدستورية والقانونية وشخصية لا تحتاج الى تعريف وتقديم.
ولما كانت الناس قد ملّت الخطب والكلام فاننا ارتأينا أن يجري تسليم الجائزة في جو من نوع آخر بعيد عن السياسة وهمومها. ولأن الرئيس كان ذواقة لا بل عاشق موسيقى لبنانية وعربية أصيلة، تمنينا على المايسترو اللبناني الكبير الدكتور وليد غلمية أن يرصّع هذه المناسبة بالموسيقى اللبنانية والتراث العربي المشرقي العريق، فتجاوب مشكورا، لأن يقيننا على الدوام أن اﻹبداع اللبناني لا سواه واسهام لبنان الحضاري، ودوره ورسالته وتمسكه بالقيم اﻹنسانية والأخلاقية، هو الذي يرسخ ما يسمى بالتعايش والعيش المشترك وأنا أسميه الحياة الواحدة بين اللبنانين".

وبعد تسلم الجائزة، ألقى الدكتور حسن الرفاعي كلمة قال فيها:
"جائزة تمنحها نخبة من أهل الفكر والعلم والأدب، عدا كونها تكريماً، هي تحدٍّ وحضٍّ على المزيد .
ﺇني، وباعتزاز كبير، أفخر بهذا التكريم، وفي آن، أخشى هذا التحدّي، وأتهيّب هذا التشجيع، فأنا معذور، لأن علم الحقوق اﻹدارية، سبب التكريم، هو علم متحرّك أبداً، يتطوّر مع تطوّر مفاهيم وقيم الحضارة اﻹنسانية (...).
أكرّمُ اليوم في ذكرى رئيس مميّز، جمع في شخصه خصالاً وصفات خيّرة لا تعدّ: ظريف المعشر متواضع، محبّ مخلص لأصدقائه، مؤمن بعيد عن التعصّب الطائفي، يوالِف بين اللين والحزم، أنوف يأبى الضيم، متطرّف في لبنانيّته، حكيم سديد المنطق ...

 ومن نبيل صفاته اعترافه لما لزوجته عليه من فضل . كثيراً ما كان يسترسل أمامي في الحديث عنها . هي عنده وله الزوجة والصديقة والطبيبة ومديرة الأعمال والمستشارة الأولى ... وكأني بروحه تهتف اليوم : "من أحقُ بالتكريم في يوم ذكراي من منى؟...
كان ليَ مع صاحب الذكرى تاريخ طويل فيه الكثير من المشابهات : تلميذين في المدرسة الشرقية في زحلة، وتلميذين كنا معاً في مدرسة الحكمة . تخرّجت قبله بسنتين، وأنا أكبره بثلاث سنوات واثني عشر يوماً . نال كلّ منا نصيبه من المكتب الثاني في الانتخابات . وكنا في النيابة رفيقين صديقين . تعرّض هو لمحاولة اغتيال نجا منها، وتعرّضتُ قبله لمحاولة اغتيال نجوتُ منها بأعجوبة، ولم تنجُ منها يدي اليمنى..."

ثمّ قدّمت الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو الفنان الدكتور وليد غلمية أغان موسيقية ومقاطع فنيّة شرقية رائعة.

الذكرى الثالثة

عام 2009
أقيم اﻹحتفال في الذكرى الثالثة لغياب الرئيس في دارته في اليرزة، وشارك فيه حشد من الشخصيات الرسمية والسياسية والنقابية والديبلوماسية والثقافية واﻹجتماعية، تقدّمها رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، النائب عبد اللطيف الزين ممثلاً دولة رئيس مجلس النواب، دولة الرئيس حسين الحسيني وعدد كبير من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، ومطرانا جبل لبنان وبيروت للروم الأرثوذوكس جورج خضر والياس عودة، ونقيب الصحافة محمد بعلبكي وعائلة المحتفى به، وصديقه الكبير الذي حضر خصيصاً من مصر مع عقيلته : الأمين العام السابق للأمم المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي.

امتلأت الدار بالأصدقاء . فالمناسبة كبيرة لتكريم "كبير غالٍ على قلوب الجميع": الوزير والنائب السابق، الصحافي الأستاذ غسان تويني، تحيةً لحضوره اللبناني المتعدد.
للنشيد الوطني وقف الجميع ... وانطلق اﻹحتفال ...

وقفت السيدة منى الهراوي وسط مدعويها وقالت:
"منذ 3 سنوات غادر الرئيس هذه الدار التي بناها وأحبها وأمضى فيها الحقبة الأخيرة من حياته . ومنذ 3 سنوات وحتى اليوم٬ وذكراه حيّة في هذه الدار وأهلها...

لذا شئنا اليوم وفي الذكرى الثالثة لغياب الرئيس الياس الهراوي أن تمنح الجائزة السنوية في هذا المكان بالذات٬ لا سيما وأنّها ستمنح الى انسان كبير غالٍ على قلوب الجميع٬ صديق أطال الله بعمره٬ لطالما تردّد الى هذه الدار وجالس فيها الرئيس الراحل.
ٳنه وبكل بساطة ومن دون أي لقبٍ : غسان تويني . سامحوني ٳذ أعجز عن التعريف به٬ وهو أصلاً غنيّ عن أي تعريف.

غسان الميثاقي بامتياز فرض نفسه حضوراً ولبنانيةً وتعدديةً٬ فرض نفسه نموذجاً للبناني الذي يأبى التخلي عن صورة لبنان الواحد في تنوّعهِ٬ ولو دفع بدورهِ ثمناً غالياً باستشهاد نجله جبران على مذبح الذين ضلوّا طريق الرسالة.
اليوم٬ أود تكريم غسان الانسان الذي يكاد في سيرة حياته٬ يوازي أبطال الاغريق في تَحمّلهم للمآسي٬ والاصرار على الشموخ في وجه المصائب.
أود أن أحيي الرجل المتعدد الكفاءة٬ ناشر جريدة النهار وصاحب الصوت الصافي كصياح الديك٬ ديك الحقيقة التي تشرق صباح كل يوم.

ولا أنسى الأستاذ بما تعنيه هذه الكلمة من تعليم للأجيال الناشئة٬ أكان في الجامعات أو في جريدة النهار التي خَرّجت للعالم العربي كله٬ أبرز الصحافيين في كل مجالات الاختصاص . تسلمّ النهار ٳرثاً عائلياً فجعل منها مدرسة٬ لا بل منارة للشرق الأوسط كله.
ولن أنسى بالطبع صرخته "دعوا شعبي يعيش" حين كان مندوباً للبنان في الأمم المتحدة(...).

فيا صديقي غسان ستبقى منارة للجيل التوينيّ الرابع٬ بعد جبران الجد٬ وأنت الأب والجد٬ وجبران الشهيد الحي في بناته٬ النائب نايلة الواعدة٬ وميشال وناديا وغبريللا.
هنيئاً لك ولنا جائزة الياس الهراوي . مبروك عليك وحفظك الله."

بعد كلمة السيدة الهراوي قدّم الشاعر هنري زغيب الدكتور بطرس بطرس غالي الذي قال:
"الصديق والزميل غسان تويني يجسّد مرحلة فارقة في الحياة اللبنانية من خلال أعماله المتميّزة في مجالات الصحافة والنيابة والوزارة والديبلوماسية٬ فقد أغنى المناصب التي شغلها بعلمه وخبراته٬ وهو من أبرز دعاة الحوار في مناخ متناغم غني بتنوعه وقوي بوحدته وتمسكه والحفاظ على الوحدة الوطنية اللبنانية أرضاً وشعباً ووطناً٬ فله كل الشكر والتقدير.

فالمكرم في هذه المناسبة هو الشخص الذي يتولى المناصب الحساسة وكان له فيها اضافة٬ فقد كان نبراسه الدائم وطنه لبنان والوطن الأكبر لتحقيق السلام والرفاهية.
معرفتي بالصديق غسان تويني تمتد منذ أكثر من نصف قرن بدأت مع مقابلة تمت مع صديق مشترك بشارة تقلا صاحب جريدة الأهرام وامتدت واستمرت حتى الآن.
وعلى صعيد آخر٬ اذا بحثنا في ما كان يحبه هو٬فالصحافة والعمل الصحافي يتغلغلان في دمه علما وخبرة ووراثة٬ فهو ابن الأستاذ القدير جبران تويني٬ وهو عميد الصحافة المتنورة في لبنان٬ فتميز دائماً وكان عميق التفكير والتحليل."

وجاء دور دولة الرئيس فؤاد السنيورة الذي نقل في مستهل كلمته تحيات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "وتقديره الكبير للمحتفى به الصديق الاستاذ غسان تويني" ثم قال: "الصحافة الحرة٬ والرأي المستنير والشجاع٬ خيار وسعي وجهد وحرفة ومسؤولية أيضاً . أما العمل الوطني فهو وعي ومسؤولية في الدرجة الأولى . وقد كان غسان تويني – اضافة الى دوره الأول – وزيراً ونائباً وممثلاً للبنان في الأمم المتحدة .
وهو في مقالته في "النهار" وعمله في مناصب الشأن العام ومهماته٬ تميّز بثلاثة أمور: الحرص على لبنان وطناً ودولة وحرية وصورة٬ والدفاع عن الدولة الحديثة ومؤسساتها٬ والدفاع عن شرف مهنة السياسة والعمل العام (...)". 

وتابع بصعوبة بعد أن لاحت دموع في العينين:
"غسان تويني شيخ اللبنانيين وعمودهم الصلب في استقبال المآسي العائلية وتحملها وفلسفتها.
يراوده ايمان عميق٬ وأرثوذكسية مستقيمة٬ ولبنانية شامخة٬ وعروبة عزيزة٬ وقلب يحتضن الألم دونما انكسار ولا استخفاف ولا تجبر.
غسان تويني رجل اﻹعلام الحر. غسان تويني رجل السياسة والعمل العام الكبير. غسان تويني رجل الثقافة البارز. غسان تويني اﻹنسان٬ وأبو الشهداء٬ وأخو الشهداء٬ وجد شهداء اللبنانيين. يستحق منا جميعاً هذه التحية٬ وهذا اﻹحتفاء٬ في هذه الأمسية المهيبة من عشيات لبنان."

ودعا بعد ذلك الشاعر زغيب "رئيس دولة النهار" كما عرّف به٬ الى الكلام.
وأبى غسان تويني ﺇلا أن يقف على رغم السنين التي أرخت بثقلها على كتفيه٬ وتكلم بكل عفوية قائلاً:
"يصعب عليّ أن أقول أي شيء يستحق اهتمامكم وهذا التأييد الذي حظيت به. كلام الرئيس السنيورة له أهمية خاصة باعتبار أنني لم أرحمه مرة في مقالاتي".

وعلا التصفيق والضحك في القاعة . وتابع:
"اذا أردت أن أتذكر شيئاً من عهد الرئيس الهراوي٬ فيكون شيئاً كلفني اياه في أول عهده٬ خصوصاً في وجود الدكتور بطرس غالي٬ الا وهو التنسيق في المفاوضات بين لبنان واسرائيل وسوريا . ويعرف الأخ بطرس أنني اقترحت أمراً لم يستطيبه بقية المشاركين في الحكم . وكانت وظيفتي أن أنسق٬ لا أن أكون وزيراً أو أي شيء آخر . قلت له: رأيي أن نرسل وراء غالي . سألني : من أجل ماذا؟ أجبته : كي يقول لنا كيف نفاوض اسرائيل. لا نعرف كيف٬ ولا أحد يعرف٬ وهي من أصعب الأمور."
وبعد أن روى غسان تويني قصة دخوله الصحافة تحت عنوان "والدي كان على حق" أهدى هذا التكريم الى "الزملاء الأوائل في النهار" .
حان وقت الجائزة . تسلّمها غسان تويني على وقع التصفيق يحيط به الرسميون والزوجة الرفيقة شادية والحفيدتان الغاليتان النائبة نائلة وميشيل تويني والصغيرتان نادية وغبريللا جبران تويني.

كانت اللحظة مؤثرة للغاية وفاجأه الزميل بيار صادق بتقديم "هدية من عمل يديه ووحيه"٬ هي عبارة عن لوحة رمزية رسمه فيها.
تحلق حول "الأستاذ" عشرات المهنئين ثم انتقل المدعوون الى حديقة الدار حيث كان كوكتيل أنيق في اﻹنتظار.

الذكرى الرابعة

عام 2010
في الذكرى الرابعة لغياب الرئيس أسدِيت "جائزة الرئيس الياس الهراوي" الى الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق في حفل رسمي أقيم في الصرح البطريركي - بكركي في 2/7/2010.
حضر اﻹحتفال رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء، ورئيس الحكومة سعد الحريري، والمونسينيور دومينيك مومبارتي أمين سر دولة الفاتيكان للعلاقات مع الدول ممثلاً قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، والسفير البابوي غابريال غاتشيا، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والرئيس حسني الحسيني والرئيس فؤاد السنيورة وعقيلته وحشد كبير من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين والشخصيات الدينية والدبلوماسية واﻹجتماعية.

بداية النشيد الوطني إفتتاحاً ، ثم كلمة ترحيب للشاعر هنري زغيب باسم لجنة احياء ذكرى الرئيس.

فكلمة المونسنيور مومبارتي الذي قال:
"المناسبة التي تجمعنا اليوم هي عربون تقدير ووفاء تجاه شخصيتين طبعتا ولا تزال تطبعان التاريخ المعاصر لهذا البلد لبنان، هما المرحوم الرئيس الياس الهراوي وغبطة البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للموارنة.

اليوم تُمنح جائزة الرئيس الهراوي لسنة 2010 لغبطة البطريرك صفير الذي كان الشاهد الملتزم والبوصلة في مجتمع مهدد بفقدان نقاط التقائه، وجسّد مقولة أن لبنان رسالة الوحدة في تنوعه، وذلك في أكثر الظروف مأسوية وخصوصا في حقبة ما بعد الحرب والتقلبات المتعددة التي مرت بها البلاد.
ان الرئيس الهراوي التزم مهمة إعادة إعمار المؤسسات وتدعيم السلم الأهلي وإطلاق القيم التأسيسية للتنوع اللبناني، وكان يردد أمام زواره كلمة قداسة البابا يوحنا الثاني: أيها اللبنانيون، ان لبنان لم يمت، هل تستطيعون جعل بلدكم مهد حضارة المحبة؟ أنتم شعب جميع الحضارات."

وألقى الوزير بطرس حرب كلمة قال فيها:
"ان اختيار غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير لنيل جائزة الرئيس الهراوي في هذا الظرف له دلالاته ومعانيه، فبكركي كانت وستبقى قلعة الممانعة في وجه أهل اﻹنحراف. وصاحب الصرح رجل الماضي والحاضر والمستقبل.
أليس مجد لبنان أعطي له؟
نعم. لأنه أمين على بقائه، حريص على ديمومته، شهيد في حبه، يحضن الكيان ويخلص له، مهما حاول اليوضاسيون تشويه هذا المجد.
يا أبانا صاحب الغبطة،
جائزة الرئيس الياس الهراوي الذي، وإن اختلفت معه في الرأي أحيانا، لا يسعك إلا أن تُقِرّ له بالشجاعة واﻹقدام، وبأنه لملم شتات الدولة المنقسمة المدمرة. جائزته التي تُمنح اليوم لغبطتكم، عهد يدعونا الله الى أن نقطعه اليوم أمامكم، أنه مهما اختلفنا في الأسلوب وفي وسائل التعبير، سنحافظ على بنوتنا ونطيع أبوتكم."

وقالت السيدة منى الهراوي:
"أن تَتَشرف جائزة الرئيس الياس الهراوي اليوم، في حضور رأس البلاد وأركان الدولة، باسدائها الى غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، فأمر له رمزيّة كبيرة. وأن تكون الجائزة تتويجا لعطاء، فأمر متواضع أمام التيجان التي منحها الكاردينال صفير للبنان وهو على رأس السدة البطريركية.
واليوم تمنح الجائزة لغبطة بطريرك لبنان وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق، لأنه بطريرك الحرية واﻹستقلالية، في خضم التبعيات واﻹرتهانات والتنازلات والمساومات على الحرية، لأنه منبع الفكر النيّر والكلمة المباشرة الصريحة، الصادقة الشجاعة والمسالمة في آن، لأنه بطريرك ثبات المبادىء التي لا تتغير حسب تبدل المواقع وعلاقات النفوذ، لأنه بطريرك لبنان النموذج في اﻹدارة الديمقراطية للتنوع، وبطريرك لبنان اﻹستمرارية الميثاقية."

ثم سلمت السيدة منى الهراوي جائزة الرئيس للعام 2010 الى غبطة البطريرك الذي شكر قائلاً:
"نشكر حضرة السيدة الفاضلة منى الهراوي، قرينة الرئيس الراحل، على هذه البادرة التي أرادت أن تكرّمنا فيها، وهي أنها أرادت أن تقدم لنا جائزة المرحوم الرئيس الياس الهراوي في هذه المناسبة. ونحن اذ نشكر لها هذه التقدمة التي ستبقى ذكرا قيما في دار البطريركية، نسأل الله لها ولمن لها من أبناء وذوي قربى، طول البقاء، على صحة وعافية.
قد يطول الكلام عن فخامة الرئيس الهراوي، لكننا نكتفي بالقول عنه أنه قاد البلاد الى ميناء الأمان في ظروف شديدة الدقة، وفي بحر متلاطم بالأمواج، وعرف كيف يلين عندما كانت الظروف تتطلب منه اللين، ويقسو عندما كانت الظروف تتطلب منه القسوة.

وقد تمرّس بالسياسة منذ الصغر وعهد الشباب، وهو ابن بيئة سياسية، فكان المرحوم عمه النائب والوزير يوسف الهراوي، وشقيقه المرحوم النائب والوزير جورج الهراوي يشهدان على الأصالة التي تحدّرت اليه.
وسيذكره تاريخ لبنان قائدا حكيما، وثّق بين لبنان وجيرانه روابط التعاون والمودّة، وظل وفيا لهذه الأرض الخيّرة التي أنبتته، والتي بذل قصارى جهده ليحافظ على طابعها المميز، وحدودها المصانة.
ان المغفور له فخامة الرئيس الياس الهراوي يرافقنا من حيث استقر الى الأبد، ويرافق البلد لكي يستقر في ميناء السلام، ويواصل رسالته العالمية، رسالة المجد، والعطاء السخي، والتضحية في سبيل الخير. ومعلوم أن شجرة الوطن لا تنبثق وتشمخ الا اذا سقاها أبناؤه دم القلب."

وقد تخلل اﻹحتفال تراتيل وترانيم دينية من وحي المناسبة للآنسة جمانا مدور.
بعدها شرب الجميع نخب المناسبة في حديقة الصرح البطريركي الرائعة.

الذكرى الخامسة

عام 2011
في الذكرى الخامسة لغياب الرئيس الياس الهراوي٬ قُدّمت جائزته السنوية الى معالي الاستاذ فؤاد بطرس٬ تحيّةً لحضوره السياسي النبيل في تاريخ لبنان الحديث.

تمّ تسليم الجائزة في احتفال أقيم في دارة الرئيس في اليرزة٬ في 7 تموز 2011 ٬ حضره معالي الوزير سمير مقبل ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان٬ ودولة رئيس مجلس النواب٬ ودولة رئيس مجلس الوزراء٬ وذوو المكرّم٬ وحشدٌ كبير من الرموز السياسية المتعددة اﻹنتماء٬ ومن الشخصيات الدينية والثقافية واﻹجتماعية واﻹعلامية.

بعد النشيد الوطني ﺇفتتح اﻹحتفال الشاعر هنري زغيب وألقى الصحافي سركيس نعوم كلمة ﺇستحضر فيها أحداث تاريخية وقصصاً عن المكرّم تُبرز جميعها رجل الدولة المعتدل والحكيم والصلب الذي حافظ على قيم الجمهورية في مختلف حقبات حياته٬ وتميّز بالنزاهة والثبات وبُعد النظر٬ ومما جاء في الكلمة:

"لا بدّ أن يسجّل اللبنانيون لفؤاد بطرس أنه دخل السياسة بكفاءته لا كوارِثٍ٬ ولا كٳبن عائلة سياسية أو كٳبن متموّل أو كمدعوم من جهة خارجية ولا كخريج ميليشيا..... لم يصبح محترف سياسة بل اصبح رجل دولة٬ وعندما تقاعد عن العمل السياسي صار مرجعاً يستأنس برأيه واقتراحاته كل الأطراف."
وختم الاستاذ سركيس نعوم قائلاً: "صديقي ومعلمي فؤاد بطرس . مبروك لك تكريم لجنة ﺇحياء ذكرى الرئيس الياس الهراوي . اطال الله عمرك وابقاك مرجعاً للبنان السيد والحر والمستقل والديموقراطي والواحد المتساوين ابناؤه في الحقوق والواجبات .... 
قد تكون المرجع الوحيد الحكيم العائش بيننا".

وألقت السيدة منى الهراوي كلمة جاء بها:

"أرحب بكم فرداً فرداً في دارة الرئيس الياس الهراوي٬ وأشكر لكم من كل قلبي حضوركم للمشاركة في ﺇحياء الذكرى الخامسة لغياب الرئيس عبر منح جائزته السنوية الى عَلَمٍ آخرَ من لبنان٬ تكبُرُ به الجائزة التي تُمنح منذ العام 2007 لأصحاب الواقعية الحكيمة والفكر الميثاقي المتبصر.

فبَعدَ البروفسور انطوان مسرّة والدكتور حسن الرفاعي والأستاذ غسان تويني وغبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير٬ أجمعت لجنة ﺇحياء ذكرى الرئيس أن تذهب الجائزة للعام 2011 الى معالي الأستاذ فؤاد بطرس الذي اسمُهُ وحده يختصر أرقى قيم الجمهورية.

من أبرز قيم الجمهورية التي عاشها ومارسها فؤاد بطرس: ﺇستعادة معنى السياسة مضموناً وهدفيةً وسلوكاً٬ وسيادة القانون والحفاظ على المصلحة العامة وهي ﺇذا أدركنا كل ابعادها لا عائليه لها٬ ولا طائفة٬ ولا فئة ولا حزب٬ وهي تالياً الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والتنمية واﻹنتقال من لبنان الساحة الى لبنان الوطن والرسالة.
فؤاد بطرس من أرباب "عودة الجمهورية من الدويلات الى الدولة"٬ وهذا كما تعلمون عنوان كتاب الرئيس الياس الهراوي . لقد كان الرئيس الراحل يكُنّ للمحتفى به اليوم٬ أطال الله عمره٬ الكثير من المودّة والتقدير.

فؤاد بطرس هو من الكبار الذين "طبعوا تاريخ لبنان". مُعضِلتَهُ وعَظَمتهُ أن سقف السياسة لديه عالٍ وعالٍ جداً.
يُقال فيه الكثير وليس يُوفى حقّه٬ هو المعروف بواقعيته الثابتة وبُوصَلَتِه ومَعاييره الحقوقية الضامنة للحريات واﻹستقرار والسلم الأهلي ولبنان اﻹستقلال والسيادة والدولة والوطن.

أخشى ﺇن قلت أكثر أن أجرح تواضع مُكرّمنا الكبير . لذا أكتفي قبل أن أختُم بأن أتوجّه ﺇليه لأقول له : شكراً يا معالي الأستاذ فؤاد بطرس على ما هوَ أنتَ٬ وعلى مَن هو أنتَ.
ﺇن جائزة الرئيس الياس الهراوي تكبُر بك اليوم مرتين : لأن اللجنة ﺇقترحتها لك٬ ولأنك قبلت استلامها.
هنيئاً لك ولنا هذه الجائزة ".
 
بعد ذلك قدّمت لجنة ٳحياء ذكرى الرئيس الجائزة للمحتفى به الذي تكلّم قائلاً:
" أودّ أن أعبّر عن شكري الجزيل وامتناني للسيدة الكريمة منى الهراوي ولأعضاء لجنة ﺇحياء ذكرى الرئيس الياس الهراوي لمنحي جائزة الياس الهراوي السنوية وٳحياء هذه الحفلة التي لها أثر كبير في نفسي لا سيما كلمة السيدة منى الهراوي صاحبة اليد البيضاء في أكثر من مجال متمنياً أن أكون مستحقاً هذا التكريم.

كما أودّ أن أشكر الصديق سركيس نعوم على مداخلته حيث غمرني بعاطفته فتولّى تعريفي مساعداً قضائياً وقاضياً ثم نائباً ووزيراً عبر بعض مواقفي وﺇنجازاتي ليحكم بالنتيجة على مساري وأدائي في عالم السياسة.
لا مجال في هذه المناسبة أن أخوض في السياسة لذا أكتفي ببعض التساؤلات توحي لي بها مواقف وأقوال بعض السياسيين في هذه الأيام الصعبة: أين لبنان العزة والكرامة؟

أين لبنان الجمال والطمأنينة؟ أين لبنان ملتقى الحضارات يلجأ ٳليه الأحرار ورجال الفكر من بلدان ضيقت عليهم آفاقهم؟ بل: أين لبنان اﻹستقلال؟ ولبنان العيش المشترك والتوازن الوطني؟ فعسى أن يثبت المستقبل أن هذه التساؤلات لم تعد في محلها وأنها أصبحت بدون موضوع".
 
وشرب الجميع بعد ذلك نخب المحتفى به الذي قطع مع عقيلته والسيدة منى الهراوي قالب الحلوى محاطاً باصدقائه ومحبيه.

الذكرى السادسة
عام 2012
في الذكرى السادسة لرحيل الرئيس الياس الهراوي، كرّمت لجنة إحياء ذكراه دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، تحيّة لدوره الوطني الميثاقي، وقدّمت له رئيسة اللجنة السيدة منى هراوي جائزة العام 2012 في احتفال حاشد أقيم في العاشر من تموز في قصر الأونيسكو في بيروت.

حضر الإحتفال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته، الرئيس المكرّم نبيه بري وعقيلته، رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وجمعٌ كبير من الوزراء والنواب والوجوه السياسية والدينية والحزبية والشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والنقابية والهيئات الإقتصادية والتربوية والجمعيات الأهلية والعديد من أهل العلم والإعلام.

بعد النشيد الوطني إفتتح الإحتفال الأستاذ سهيل مطر ثم توالى على الكلام ثلاثة خطباء كان أوّلهم الوزير السابق جان عبيد الذي قال في مطلع كلمته:

"على اسم رئيس للجمهورية مقدام ومبادر ومتميّز تقوم هذه المؤسسة وتحيا هذه المناسبة، ولرجل عصامي ذكي مميّز وشجاع تُمنح هذه الجائزة. وبين الرجلين وبيني صداقة نشأت ونمت وامتدت عشرات السنين مليئة بالأحداث حافلة بالعبر (...)".
وتوجّه الى دولة الرئيس بري قائلاً:

"هذه المناسبة ليست فقط لتعليق الشارات والنجوم على كتفيك المثقلين بمثلها، بل لإلقاء المسؤوليات فوق المسؤوليات وفوق عاتقك أيضاً".
المتحدّث الثاني كان الوزير غازي العريضي، ممثل النائب وليد جنبلاط، الذي ألقى كلمة جاء فيها:

"هذه أمسية مباركة ولقاء استثنائي في ظرف استثنائي، تدعونا مؤسسة وطنية كبرى تحمل اسم رجل كبير مرّ في تاريخ هذا البلد، كان مقداماً وشجاعاً ولاعباً سياسياً ماهراً (...) نسج علاقات مع مختلف القيادات واندفع في اصعب الظروف لحماية لبنان وإنقاذه في مرحلة كنا فيها على مفترق طرق خطير (...). مناسبة نرى فيها مؤسسة وطنية كبيرة تحمل اسم رجل وطني كبير تكرم رجلاً وطنياً كبيراً (...) وأنا اليوم بينكم أمثل بكل اعتزاز رجلاً كبيراً يحييكم جميعاً ويخصّ بالتحية الأخ الرئيس نبيه بري".

وتلاه الرئيس ميقاتي، وجاء في كلمته: "من نحتفل اليوم معه بتسلم جائزة الميثاق فهو عن جدارة رجل دولة وميثاق. الرئيس بري رجل دولة، لأنه يعرف أن الدولة استمرار (...) وهو رجل دوله لأنه الإطفائي الحاضر دائماً للمساهمة في تدارك كل حريق يفاجىء الدولة أو الوطن أو رموزه، فيقدم حلولاً ومخارج يستمدها من نضج خبرته في السياسة والسياسيين (...)".

ثم القت السيدة منى هراوي كلمة جاء فيها:

"معكم أتذكر الليلة رجلاً كان في طليعة أعضاء اللجنة التي ساهمت في إحياء ذكرى الرئيس الهراوي، والذي هو بدوره استحق هذه الجائزة سنة 2009، عنيتُ فقيدنا وعميد الكلمة والحرية:غسان تويني.من أجل روحه "ونهاره" ومواقفه نصفق اليوم (...)".

إن اختيار دولة الرئيس بري ليكون هو المحتفى به سنة 2012، إنما هو اختيار ربما اصطفاه الرئيس الهراوي بالذات، لما كان يجمعه بالرئيس بري من ميثاقية وطنية وديمقراطية صادقة وإصرار على تعزيز المؤسسات، وعلى التمسك بالأرض (...)" وأضافت، أتينا اليوم نؤكد لدولة الرئيس بري "لأنك تستحق، وبجدارة، وبعد 20 سنة من تسلمكم مهام رئاسة المجلس النيابي، أن تكون رائداً في متابعة الطريق، وتصويب مسيرة الطائف بهدف إنقاذ هذه الوطن مما يتهدده في مرحلة صعبة ما عدنا نميّز بين ربيعها والخريق (...)".

بعد ذلك قدمت السيدة منى هراوي الجائزة للمحتفى به الذي بدأ بعبارات وجدانية : "لرئيس من لبنان، من تراب زحلة وماء البردوني".
"لرئيس من لبنان كان في داخله ثائراً ومتمرداّ وشجاعاً"
 ثم ركّز على جرح لبنان : 
"نزيف في الشمال أو الجنوب وقلق في بيروت أو البقاع وحزن في صيدا (...)".

وتوجّه الى "الرئيس الصديق" بالقول:

"أما نحن فأشهد، أيها الرئيس الراحل، أننا ما زلنا، مع الأسف، لم نتعلم من الدروس والعبر . ما زلنا نذهب الى الوفاق والحوار الذي يرعاه فخامة الرئيس ميشال سليمان رجلاً الى الأمام ورجلاً الى الوراء وما زلنا نحمل على أكتافنا أحمال هواجسنا ومخاوفنا ولا نبادر الى بناء ثقتنا بأنفسنا وببعضنا (...)".

وختم متوجّهاً الى السيدة منى هراوي:

"اليوم، سيدتي، أقبل التكريم معتبراً أنه للرئيس الراحل وليس لي فقط تحية لدوره الوطني الميثاقي وتحية لإخلاصه للبنان". 

الذكرى السابعة
عام 2013
في الذكرى السابعة لرحيل الرئيس الياس الهراوي، أقامت لجنة إحياء ذكراه إحتفالها السنوي في دارة الرئيس في اليرزة، حيث تمّ تقديم جائزة العام 2013 الى الوزير السابق ميشال إدّه، تحيةً لمسيرته السياسية النبيلة ولدوره الوطني الميثاقي، في حضور ممثلة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عقيلته اللبنانية الأولى السيدة وفاء سليمان، ممثل دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري النائب عبد اللطيف الزين، ممثل دولة الرئيس المستقيل نجيب ميقاتي الوزير نقولا نحاس، دولة رئيس الحكومة المكلف تمام سلام وعقيلته، دولة الرئيس فؤاد السنيورة وعقيلته، غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وجمعٌ كبير من الوجوه السياسية والدينية والشخصيات الدبلوماسية والاكاديمية والإقتصادية والإعلامية.
 
بعد النشيد الوطني، تحدث الأستاذ كميل منسى فقال: "نشأته المسيحية قادته الى التعمق بالدين، فاستحق لقب "عميد الإيمان وذخيرة الموارنة" وبحثه عن العدالة قاده الى التعمق بالماركسية، فعرف بميوله الإشتراكية، ولقبه البعض "الماروني الأحمر" ثم "المليونير الاحمر" . طرح إسمه اكثر من مرة لرئاسة الجمهورية، لكن الظروف حالت دون وصوله إليها . تولى الوزارة خمس مرات، فأبلى حسناً لأنه جاء ليعطي لا ليأخذ".

أضاف : "لم يطرق ميشال إدّه باب السياسة سعيا الى جاه يملكه ، ولا الى ثروة لا تعوزه، وإنما فعل عن اقتناع وايمان بلبنان الوطن وعن استعداد للخدمة . من هنا حرصه على الميثاق ونضاله من أجل صونه عبر المواقف السياسية والأعمال الإجتماعية، صوناً لوحدة أبناء الوطن الذين هم في نهاية المطاف حراس الميثاق".

وختم : "ميشال إدّه رجل ميثاقي وأخال الرئيس الياس الهراوي من عليائه يقول لرئيسة لجنة جائزته والأعضاء : بورك اختياركم ميشال إدّه، مستحق مستحق".

وألقى القاضي عباس الحلبي كلمة قال فيها : "أن تكون متحدثاً في مناسبة منح جائزة الرئيس الياس الهراوي الى الوزير السابق ميشال إدّه يجعلني متهيباً الموقف لأننا في حضرة التاريخ والحاضر والمستقبل . إذ يندر أن يكتنز شخص تاريخ الجماعة في شخصه وارث الجماعة في فكره وتجارب الجماعة في قلمه . كما يندر أن تجتمع فيه مزايا وقيم طبعت حياة المسيحيين كما سطر ميشال إدّه مسيرته في حاضرهم وفي لبنان ...".

أضاف : "إبقاء الحديث عن المكرم في نطاق الطائفة هو تصغير لدوره وأدائه، وتقليل من شأن هذا الرجل الذي طبع الحياة السياسية بأسلوبه الهادىء (...) . لم ينسى أن لبنان فكرة قبل أن يكون دولة، وقيمة قبل أن يكون سلطة، ومعنى قبل أن يكون سياسة".

وتوجّه الحلبي الى إدّه بالقول:"... نبّهت وألّفت ونشرت وسخّرت صحيفتك l’Orient le Jour وما تعبت في توعية الناس على أخطارهم، وعلى الأمة والمنطقة وعلى لبنان . كنت من السباقين في هذا المجال، ميشال شيحا قبلك وسواه، ولكنك أقرنت الكتابة بالفعل، والعمل بالنضال، فتحية لك على ما أنجزت وحققت".
وتابع : "أنت رجل الإعتدال والموقف، أنت رجل الحوار والمصالحة، أنت رجل الوفاق والميثاق".

وألقت السيدة منى هراوي كلمة قالت فيها : "قيل الكثير في شخص ميشال إدّه المثقف الكبير، رجل القانون والحق، ذات القلب الكبير والإحساس المرهف بالقضايا الإجتماعية، إذ أن تعاطفه معها لا يُخفى على أحد، بالرغم من تواضعه المطلق في هذا المجال . قيل الكثير في ميشال إدّه إبن العائلة البورجوازية العريقة، ورجل الأعمال الناجح الذي لُقبَ "بالبطريك الأحمر" لتحسسه المشاكل المعيشية في المجتمع ودعمه ومساندته القوى الحيّة في الميدان الثقافي والفني والفئات الشعبية الأكثر حاجة".

أضافت : "وُلدت وزارة الثقافة والتعليم العالي عن يده في حكومة 1992، ورسم لها شخصياً أولى خُطاها وسياستها وأدار بحكمة المتنور أصعب الملفات متبِعاً نهجاً عقلانياً ديموقراطياً، موسعاً دائرة المشاركة لتشمل الإختصاصيين والمسؤولين في مختلف القطاعات . تميّز بحكمته واعتداله في التعاطي مع مختلف القضايا ومن أهمها قضية الإنتماء والهوية وقضية الحريات والتعددية الثقافية والإنفتاح على المنطقة والعالم مع الحرص على التشبّث بالأرض اللبنانية واستكشاف التراث الثمين الذي تختزنه هذه الأرض، والمحافظة على ذاكرتها الإنسانية، ذاكرة الصمود والحضارة . وفي هذا المجال، حق ميشال إدّه عليّ شخصياً بالشهادة كوني تعاطيت معه من خلال مسؤوليتي في المؤسسة الوطنية للتراث التي يشرفنا أن يكون مُكرّمنا رِكنٌ أساسيٌّ في مَجلس إدارتها . لذا، تحملني الأمانة على الشهادة لهذا الإنسان الكريم بفكره وعقله وقلبه والذي ما تخلَّف يوماً عن دعم أي مشروع تراثي، فني، ثقافي أو انساني كَلَّمتُه عَنه أو تعاونّا من أجل إنجازه".

وتابعت: "وبالنسبةِ لمسيرتهِ السياسية النبيلة ولِنضاله من أجل إرساء قيم الجمهورية وقيم لبنان الرسالة، فقد قِيلَ الكثير ولَيْس يُوفى حَقُه، لأن شخصيته تحمل عدة مفارقات، ومواقفه علامات فارقة تصل ما يُقطع فتُشكّل همزةَ وصلٍ، جسراً أو معبراً في لحظات مصيرية من تاريخ لبنان...

كم نحن بحاجة له اليوم، في زمن نشهد فيه تدهوراً في قيم الجمهورية وانفصاماً بين شعار الوحدة الوطنية وواقع الإستقواء والإستتباع والخروج عن ثقافة المواثيق . هو الماروني المتعلِّق بمارونيته وبالكيان اللبناني والمنفتح على العروبة وعلى قضية فلسطين. عمل من خلال تعاطيه مع الشأن العام وترأسه الرابطة المارونية والمؤسسة المارونية العالمية للإنتشار على تعزيز ارتباط الموارنة بلبنان والتزامهم العيش المشترك، كما عمل في كل مفصل من مفاصل حياته السياسية على تفعيل الحوار المسيحي الإسلامي وإرساء الوحدة الوطنية المتنورة والسلم الاهلي المبني على قبول الإختلاف ورفض العنف كلاماً وفعلاً واحترام الحريات وصونها".

وختمت السيدة منى هراوي : "أيها الصديق الكبير، جائزة الرئيس الياس الهراوي تكبر بك اليوم. فهنيئاً لك ولنا هذا التكريم الجديد، حفظك الله وألف مبروك". 

ثم سلّمت جائزة الرئيس الياس الهراوي الى المكرّم الكبير الذي قال : "بادرتكم هذه أعتز بها أيما اعتزاز، ولكم الإمتنان والشكر . وإنها لحظة تغمرني ببهجة لها عبقها الخاص . كيف لا؟ وهي تعيدني الى وصل ما لم ينقطع أصلا مع الصديق الراحل الرئيس الياس الهراوي . رئيس العبور بلبنان من الدويلات الى الدولة، رئيس تميز بحق باتخاذ القرارات الإستراتيجية الشجاعة وبالإقدام المتبصر الدؤوب على تنفيذها . أما استذكار سيرة عهده وروايتها فهي هي استذكار الشجاعة المتمثلة بإقدامه على مبادرات تأسيسية الطابع، تاريخية الأبعاد، بعد أن كان لبنان دولة ووطننا شيعا مخلعة في مهب الريح . فمن توحيد الوطن الى استعادة وحدة الدولة والشرعية وإعادة بناء مؤسساتها الى توحيد الجيش الى حل المليشيات الى إطلاق ومتابعة عملية عودة المهجرين، الى منع إعادة تمدد الفصائل الفلسطينية ووضع الحد لتجاوزاتها بما يكرس حضور الدولة التي لا تقبل لسيادتها انتهاكاً أو تقاسماً، الى تعبيد الطرقات وتعزيزها أمام مسيرة السلم الأهلي والحياة، الى بناء الأسس للعافية الإقتصادية الى صمود لبنان كل لبنان، رغم كل محاولات إسرائيل المتكررة لإسقاطه وفرض الإستسلام عليه ...".

أضاف : "على أساس هذه الإنجازات حق للبنانيين فعلا أن يعترفوا للرئيس الياس الهراوي وأن يعتزوا معه بأنه استلم لبنان اشلاء وسلمه جسما تدب في أوصاله الحياة، وكم بدا مرتاح الضمير عندما أكّد في رسالته الوداعية من خلال عبارته الشهيرة : تسلّمت وطناً من الماضي وأسلّم وطناً يمشي نحو المستقبل."

وبعد انتهاء كلمة الأستاذ ميشال إدّه، شرب الحضور نخب المحتفى به.        

الذكرى الثامنة
عام 2014
في الذكرى الثامنة لرحيل الرئيس الياس الهراوي، أقيم إحتفال في دارة الرئيس في اليرزة، حيث مُنِحت جائزة العام 2014 الى النائب والوزير السابق وليد جنبلاط "القرار الوطني اللبناني المستقل".

حضر الإحتفال الرئيس السابق ميشال سليمان وعقيلته، ممثلة رئيس مجلس النواب نبيه بري عقيلته السيدة رندة بري، ممثلة رئيس الحكومة تمام سلام عقيلته السيدة لمى سلام، الرئيس نجيب ميقاتي وعقيلته، الرئيس فؤاد السنيورة وعقيلته، وزراء الدفاع الوطني سمير مقبل، الإعلام رمزي جريج، الإتصالات بطرس حرب، الصحة العامة وائل أبو فاعور، الزراعة أكرم شهيّب، البيئة محمد المشنوق، الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، السفير البابوي غابريللي كاتشا، وسفراء السعودية علي عواض عسيري، مصر أشرف حمدي، فرنسا باتريس باولي، الإتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست، بلجيكا كوليت تاكيه، إيطاليا جيوسيبي مورابيتو، والقائم بأعمال السفارة الكويتية محمد الوقيان، كما حضر نواب حاليون وسابقون، نقيبا الصحافة محمد بعلبكي والمحررين الياس عون، رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، مطران الروم الكاثوليك كيرللس بسترس، إضافة الى عائلة جنبلاط السيدة نورا جنبلاط ونجله تيمور وكريمته داليا ونجيب جنبلاط، وحشد من الرسميين وأصدقاء المحتفى به. 

بدأ الإحتفال بكلمة للنائب مروان حمادة قال فيها :"لو حررّت مذكراتي لشكلّت فصلاً وضيعاً من مذكرات وليد جنبلاط، فمقاربتي الاولى بالشاب النحيف والخجول كانت في أوائل السبعينات عند حضوري حفل تخرجّه في الجامعة الاميركية . الأستاذ فؤاد حداد "الرجيسترار" ابن بعقلين الكاثوليكي يتلو لائحة خريجي الدورة . أسماء ثلاث تحمل صدىً تاريخياً مدوياً رنت في اأذني : اميل بيار اده، بشاره خليل الخوري، وليد كمال جنبلاط .
بعد نصف قرن تقريباً لا يزال الاسم مدوياً ولو باصداء مختلفة. 
هل لانه الأكثر إثارة؟ الأكثر شهرة؟ الأكثر تقلباً؟ أو اللأكثر تصلباً؟ هل لانه بالنسبة للاخرين كتلة عقد يصعب حلّها او لأنه يعقدهم، هو، بجدليته الثاقبة، بميزاته القيادية، بتلمسه الفريد للواقع وقراءته للأحداث في تناقضاتها وتصادمها.
لم أرى وليد جنبلاط يوماً اكثر سعادة من ذلك النهار الذي عقد فيه، برعاية الرئيس الراحل الياس الهرواي صاحب الدار والجائزة، أول مصالحة جبلية : مزرعة الشوف، تحت قمم جبل الباروك وشموخ أرزه شكلت مفصلاً في حياته السياسية، فصل تكلل مؤخراً بالمصالحة المعجزة بين أهل بريح الذين فرقتهم ثم جمعتهم نفس الجبلة العنيدة .
حكمة الرئيس الهرواي مهدّت لمرحلة شهدت حل الميليشيات وجمع سلاحها وارتفاع وتيرة المقاومة للعدو الاسرائيلي مع اطلاق ورشة البناء لانتزاع الاقتصاد من كبوته المزمنة فدفعت بوليد جنبلاط الى دعم التمديد لابو جورج . نفس الاسباب انما عكسية حملته الى رفض انتخاب الرئيس اميل لحود ولاحقاً التمديد القسري له . اللا للحرب ترجمها اصراراً على السلام . واللا للشرذمة ترجمها مزيداً من التمسك بالمواثيق.
جائزة الرئيس الياس الهراوي الممنوحة الليلة لوليد بك من السيدة منى وباسم ابو جورج  استحقها البيك في بيئته، في وطنه، في محيطه . استحقها سياسياً وثقافياً وتنموياً . وخصوصاً  استحقها مع أبطال ذلك الزمن الصعب الذين عملوا على إخراج لبنان من المحن التي حلّت بمنازله العديدة . 
فأي منزل أحق من منزل الياس الهراوي وأية يد اجدر من يد الست منى لمنح وتسليم جائزة بهذه الرمزية الوطنية. "

من جهتها قالت السيدة منى هراوي:
كَمْ يُسْعِدُني أن أراكم اليَومَ مُتَحَلِّقينَ لِتَكْريم الزعيم وليد جنبلاط بِمَنْحِهِ جائِزَةَ الرئيس الياس هراوي : وُجوهاً نَيِّرَةً وَطَيِّبَة، لَكَأَنها بِحُضورِها الممَيَّز تُثْني على قَرارِ لَجْنةَ إحْياء ذِكْرى الرئيس بِمَنْحِهِ هَذِه الجائزة.
وبِمِقْدار السَعادة التي أَشْعُرُ بِها في هَذِهِ الأَثْناءَ يَصْعَبُ عَلَيَّ أَنْ أُقَدِّم َوليد جنبلاط: 
الزعيمُ اللّبنانيُّ والذي تَتَخَطَّى زَعامَتُهُ الوَطَنَ الصغير، 
أم رئيسُ الكتلةِ النيابية الوازنةِ والوسطيةِ، أم الوزيرُ السابق، أم النائبُ الدائم، أم رئيسُ الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أسَسَهُ الزعيمُ الكبيرُ الراحل كمال بك جنبلاط،
أم حامِلُ الإِرْثِ التاريخي لِطائِفَةٍ مُؤسِسَةٍ للكيان اللبناني كَما يقولُ الأب يواكيم مبارك؟
إنَّهُ الرَّقمُ الصَّعبُ في المعادلةِ اللبنانيةِ.
وليد جنبلاط هو الحريصُ على حِفْظ التَعَدُّدِيةِ والحُرِيَّةِ والكرامة، وعلى أن يكونَ لبنان، الوطنَ الصَّغيرَ والدَورَ الكبير هانِئاً، يَتَشارَكُ في حِكْمِه الجميعُ وَيَتَّسِعُ لِلْجَميعِ ضِمْنَ سَقْفِ الميثاق.
وليد جنبلاط المحَنَّكْ في السياسة الذي يَسْتَقْصي إتِّجاهاتِها المتَناقِضَة، القارِئُ والمثقّفُ باللُّغات الثَّلاثْ، والمطّلعُ على شُؤونِ وشُجونِ العالم، لَمْ يَحْصُر إهْتِمامَهُ في الوَطَن على كِثْرِ مَشاغِلِهِ وانشِغالاتِه بَل لَهُ عَيْنٌ دائِمَةٌ على فلسطين (...) دونَ إغفالِه تَتَبُّعَ ما يَجْري في الإقليم لِرَصْدِ الأحداثِ ودراسةِ أَثَرِها على لبنان لِتَحْديدِ البوصَلة حتى قيل "انظروا إلى وليد جنبلاط تعرفون أين السياسة". 
أما وليد جنبلاط الإنسان فَلَهُ تُراثٌ غَنِيّ مُسْتَمَدٌ من تاريخِ عائِلَتِه في القربِ من الناس فاتحاً بَيْتَهُ وقَلْبَهُ لكلِّ من يقصدُه. فالمختارةُ مفتوحةٌ للجميع من كل المناطق والاتجاهات حتى لِتَظُنَّ أن قصرَها في مهرجانٍ شعبيٍ دائم. وزعامةُ وليد بك ليست منحةً من بيت ولا مُستمدةً من تاريخ فقط، هي محبةٌ وولاءٌ من الناسِ الذين يرَوْنَ فيهِ رمزاً معطاءً ومرجعاً. 
يُقال في وليد جنبلاط الكَثيرُ ولا يوفَى حَقُّهُ، هو المعروفُ بواقِعِيَّتِه الثَّابِتَةِ وبوصَلتِهِ ومَعاييره الحقوقيةِ الضامنةِ للحرياتِ والإستقرارِ والسِلْم الأهلي ولبنان الإستقلال والسيادةِ والدولة والوطن. 
يُضافُ إلى هذا كلِّه، حِكْمَةُ الرجلِ وتغليبُه مَصْلحَةَ الجماعة على حسابِ شخصِه غير آبهٍ بما يُقالُ فيه وعنهُ ممّا سيمحيه التاريخُ ويُصحّحَه : فهو ليسَ وسطياً كما يَصِفونَه بِقَدْرِ ما هو واقعي.
إِنْطِلاقاً من هذه الواقِعِيَّة، ومن هَذِه الدار على بُعْدِ أمتار من القصر الجمهوري، حيث يُقْلِقُنا ويُؤْلِمُنا أن يبقى الكرسيُّ الرئاسيُّ شاغراً، نَضُمّ َصَوْتَنا الى صَوْتِك وليد بك لِنَقولَ لجميع الحريصين على الميثاق والدستور والمؤسسات، هُبّوا الى انتخابِ رئيسٍ للجمهورية لِيَسْلمَ الكيانُ وينجو الوطنُ.
وليد جنبلاط، كَمْ نَحتاجُ أمْثالَكَ في كل طائفة ....
يبقى أن أَخْتُمَ بِذكرِ وفائِكَ للرئيس هراوي الذي كُنْتَ آخرَ مَنْ استقبلهُ قبل لحظات من مُغادرتِهِ قصرَ بعبدا وإلى جانِبِكَ كريمتُكَ داليا، التى أردْتَ مِنْ خِلالِها التعبيرَ عن العلاقةِ العائليةِ والشخصيةِ التي ربطتكُما سوياً، وهذا كانَ حالُ وفائِكَ مع الرئيس ميشال سليمان بِتعليقِ صورتِه في صدرِ صالونِ قصر المختارة.
هذه شيمةُ الكِبار أمثالِكَ.
إِنَّ جائِزة الرئيس الياس هراوي تَكْبُرُ بِكَ اليوم.
هنيئاً لك ولنا هذا التكريم.
ثم سلًمت السيدة منى هراوي الجائزة للسيد وليد جنبلاط الذي ختم الحفل بكلمة جاء فيها:
اشكر بداية لجنة جائزة الرئيس الهراوي على هذا التكريم، وأخص بالشكر السيدة منى الهراوي التي أعطت لبنان والطفل اللبناني الكثير من الأمل . وأستذكر معكم، في هذه الامسية، فخامة الرئيس الراحل الياس الهراوي.

في عهد الرئيس الهراوي، في مطلعه، كانت دويلات، توالدت وتكاثرت مع تفاقم الحرب الأهلية العبثية، وكنا جميعاً أبطالها، كل لأسبابه ونظرته وفهمه لعناصر الازمة وجذورها . وقد إنتقلنا الى العمل السياسي مجدداً بعد أن أنهكتنا حروب الأزقة، فكان القرار الكبير بإعادة توحيد الجيش اللبناني بعد تجريد الميليشيات من السلاح (...).

ولا ننسى أننا قد توافقنا آنذاك على بقاء سلاح المقاومة الى حين تحرير الأرض المحتلة الأمر الذي حدث سنة 2000 الى أن وقع الخلاف لاحقاً حول الترسيم والتحديد الذي كان أقر بالإجماع في الحوار الوطني سنة 2006 . واليوم، وأكثر من أي وقت مضى بات من الملح والضروري التمسك بحدودنا القائمة في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة إعادة ترسيم للحدود بين الدول على قواعد جديدة مغايرة للقواعد التي اعتمدت في الحقبات السابقة (...).

في عهد الرئيس الهراوي، وبالشراكة مع الرئيس نبيه بري والرئيس الشهيد رفيق الحريري، تحقق الكثير من المنجرات، والثابت والأكيد أن تطبيق إتفاق الطائف، رغم شوائب النص وشوائب التنفيذ، ورغم عدم إلغاء الطائفية وإنشاء مجلس الشيوخ، إلا أنه شكل مظله وحاضنة وطنية أدت الى الإستقرار الأمني والإستقرار النقدي وشيء من الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي رغم ملاحظاتنا الدائمة على خطط النهوض المتتالية آنذاك.

تحت رعايته، وضعنا المداميك الأولى لطي صفحة الحرب من خلال مصالحات الجبل وإطلاق مسيرة عودة المهجرين والتي توجت لاحقاً في المصالحة التاريخية مع البطريرك صفير في المختارة سنة 2001 . وكان مصراً على تحريك هذا الملف لإدراكه بأهميته على مستوى إعادة اللحمة بين اللبنانيين بعد سنوات طويلة من الحرب.

في عهده، لاحت بارقة أمل في تطبيق الزواج المدني الإختياري، لكن أسباباً سياسية وغير سياسية حالت دون أن يكمل طريقه الى التنفيذ، وهو شكل فرصة للخروج من دوامة النظام الطائفي الذي غرقنا فيه منذ استقلال لبنان الكبير . وكان شجاعاً ومقداماً وصادقاً في موقفه وإصراره.

أخيراً، وعلى أمل إنتخاب رئيس جديد ينطلق من الثوابت السياسية والمسلمات التي انتهى اليها عهد الرئيس ميشال سليمان لا سيما إعلان بعبدا، فإنه لا مفرّ من خروج جميع المتورطين في سوريا عاجلا أم آجلاً، لما لذلك التورط من نتائج وانعكاسات سلبية على لبنان في ضوء الإشتعال الإقليمي المتصاعد، مع تأكيد إعادة الإعتبار، رغم كل الصعاب، لسياسة النأي بالنفس التي قد تكون الوحيدة الكفيلة في تلافي غرق لبنان في المزيد من المخاطر الأمنية والسياسية.

رحم الله الرئيس الهراوي، كان رمزاً من رموز لبنان قبل وبعد إتفاق الطائف، وكل التحية لكم جميعاً. 

الذكرى التاسعة
عام 2015
في الذكرى التاسعة لرحيل الرئيس الياس الهراوي، أقيم إحتفال في دارة الرئيس في اليرزة، حيث مُنِحت جائزة العام 2015 الى معالي الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة : "لأَنَّ العمل الإنساني يرسّخ انتماء المُواطن إِلى ميثاق الوطن".
حضر الإحتفال رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان وعقيلته، السيدة رندة بري ممثلة دولة رئيس مجلس النواب، السيدة لمى سلام ممثلة دولة رئيس مجلس الوزراء، سيادة المطران بولس مطر ممثلاً غبطة البطريرك بشارة الراعي، السفير البابوي غابريلي كاتشا، وحشد من أصدقاء المحتفى بها، والشخصيات السياسية والدبلوماسية والروحية والفكرية والإعلامية . 

بدأ الإحتفال بكلمة لعضو لجنة إحياء ذكرى الرئيس الإعلامي كميل منسى جاء فيها: "إننا نجتمع للمرّة التاسعة منذ رحيل الرئيس الياس الهراوي مَن بإسمه تُمنح جائزة لبنان الميثاق لكبارٍ ساهموا كلٌ في مجالهِ في إعلاء شأن لبنان وتعزيز صيغته الفريدة. المُكرَّمة والمُكرِّمة تستحقان التكريم ... أما ليلى الصلح حمادة، فإن تكريمها هو أيضاً تكريم لما تمثِّل من وطنيّة وبذلٍ وعطاء ... "

بَيْنَ المُكرَّمة والمُكرِّمة وَزّع وزير الإتصالات بطرس حرب كلمته، متوقفاً عند مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية التي استطاعت أن تكون فوق التجاذبات المناطقية والطائفية . وقال متوجّهاً الى المكرِّمة : "سِرُّكِ أنك نشأت في بيت الوطنية والإستقلال، بيت رياض الصلح (...) وسِرُّكِ أنك ما ورثت إسمين عظيمين هما رياض الصلح وماجد حمادة بقدر ما حملت عبء هذين الإسمين"

أما وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس فلم تخل كلمته من الشعر . ورأى أن "كل عمل تقوم به حمادة يكون وجهته طربوش رياض الصلح ... فخريطة لبنان مزروعة بطرابيش رياض" واعتبر أن السيدة منى الهراوي "تقود الجائزة بحنان الأمهات، وتتخيّر الجائزة فارساً أو فارسة لا إحياءً لذكرى فقط ولا تكريماً لمستحق فحسب، بل بالدرجة الأولى تأكيداً أن الإرادة تستطيع أن تستولد من الركام عمراناً".
من جهتها قالت السيدة منى الهراوي : "نجتمع اليوم حول روح الميثاق الوطني الذي كان حافزاً لإطلاق جائزة الرئيس الياس الهراوي ومنحها الى من يعمل على توطيد هذا الميثاق." وأضافت: "تكتسب الجائزة هذه السنة قيمة مضاعفة ليس لأن ليلى الصلح حمادة هي صديقة هذا البيت . جمعت في شخصها أصالة النسب العائلي والزوجي الى مجموعة قيم ومبادىء ساهمت في جعلها امرأة استثنائية في زمن غير عادي، فطبعت بسلوكها وتصرفاتها مرحلة خيّرة في فترة عزّ فيها العطاء وتناقصت فيها المُثل وغابت عنها القيم ... 
في عز التوتر المذهبي القائم في لبنان المهدد بالإنقسامات السياسية والنزاعات الطائفية البغيضة وتطورات المحيط وحروبه، تبدو الصلح العروة الوثقى بين اجتهادات مختلفة لدين واحد، رافضة أن تنعزل في هذه الفئة وتلك، فكانت جسر عبور بين المناطق والطوائف، لا الإسلامية فحسب، با عابرة طوائف لبنان المسيحية قبل الإسلامية". ولفتت الى أن "إعجاب الرئيس الهراوي برياض الصلح يرقى الى فتوّته وشبابه ..." وختمت قائلة: "هنيئة لك ولنا هذه الجائزة ودعيني أُعبِّر لك ليلى في آخر الكلمة عن محبَّتي الشخصية وتقديري الخاص لك كصديقة ورفيقة امتدّت علاقتنا سنوات طويلة مضت ونتطلع سوياً إلى سنوات عديدة قادمة إن شاء الله".  

ثم سلّمت السيدة منى هراوي الجائزة الى السيدة ليلى الصلح حمادة التي ختمت الحفل بكلمة اعتبرت فيها الياس الهراوي "حامل أمانة رياض الصلح". وقالت: "في لبنان اليوم من يحكم من، ومن يُطاع ومن يَطيع، ومن يملأ فراغ المنصب ومن يسدّ ضعف الحكم . ندعو الى حوار ونشكو من قرار، ننأى بالنفس ونبلغ الشارع بالسلاح ... كنا نشكو الكثرة في التسلّط، فبتنا نبكي القِلّة في السلطان، لأننا نريد السيادة . هل من الحق أن يضع الغرباء دفتر الشروط لانتخاب الرئيس الجديد والبلاد بلادنا؟ يريدون جسمه من الداخل ورأسه من الخارج . اليوم يقف الشعب متظاهراً ومستنكراً، علمانيته تبعث الأمل ولكن مطالبه تفوح سذاجة، سذاجة البداية دائماً، غير مدرك أن الخطر الحقيقي على الدولة وعليه، يكمن في المليوني لاجىء سوري المستوطنين في كل مدينة وبلدة وحي في لبنان . بالأمس قاسمونا المغانم في الرخاء، واليوم يقاسموننا الأرزاق في الشدّة، يسالموننا في النهار ويقاتلوننا في الليل . وبدل أن نطلب المساعدة لإرجاع الناس الى أوطانها، والوقت الآن للتسوية، طالبنا بحقنا في إيوائها . وإذا طالت الإقامة، حينئذ سينزل الحاكم من عليائه الى الشارع ويتظاهر معك ايها الشعب". 
وفي نهاية الإحتفال، تمَّ قطع قالب الحلوى وشرب الحضور نخب المُحتفى بها.

الذكرى العاشرة
عام 2016
بمناسبة الذكرى العاشرة لغياب الرئيس الياس الهراوي، منحت السيدة منى هراوي رئيسة لجنة إحياء ذكرى الرئيس جائزته السنوية لرئيس الجامعة اليسوعية الأب البروفسور سليم دكاش،  في أوديتوريوم بيار أبو خاطر – كلية الآداب والعلوم الإنسانية، يوم الإثنين في 11/7/2016.
حضر الإحتفال ممثلة رئيس مجلس النواب السيدة رندة بري، ممثلة رئيس مجلس الوزراء السيدة لمى سلام، الرئيس السابق ميشال سليمان، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس فؤاد السنيورة وعقيلته، المطران بولس مطر ممثلاً غبطة البطريرك الماروني، وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وزير الإعلام رمزي جريج، السفير البابوي غابريللي كاتشا، سفيرة الإتحاد الأوروبي كريستينا لاسن، النواب : روبير غانم، عبد اللطيف الزين وجان أوغسبيان، رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد، رئيس مجلس شورى الدولة شكري صادر، الوزراء السابقون: ريمون عودة، منى عفيش، نقولا صحناوي، ابراهيم نجار، ليلى الصلح حمادة، وليد الداعوق وخليل الهراوي والنائبان السابقان صولانج الجميل وصلاح حنين، كما حضر نقيب المحررين الياس عون ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص وحشد كبير من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والروحية والفكرية والتربوية والإعلامية بالإضافة بالطبع لعائلة وأصدقاء المحتفى به البروفسور سليم دكاش. 

بعد النشيد الوطني الذي أنشدته جوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب توفيق معتوق، قدّم الإعلاميَان بسّام براك ولينا دوغان ثنائية تحت عنوان : "تحية من الرئيس وإليه" تضمّنت مقتطفات من خطابات الرئيس الراحل صيغت بطريقة أدبية فنية مميزة.

ثم ألقى القاضي عباس الحلبي كلمة نوّه فيها بالاب دكاش وقال:
"إنه رجل لا يخاف المصاعب والتحديات، فارس مليء بالنشاط والانتاج . هو صاحب قضية نبيلة تستمد من نبل شخصه قوة، مثال للالتزام يطبق معاييره على نفسه قبل أن يسأل الآخرين التطبيق . مهجوس بالجامعة وإرادة الاستمرار والبقاء والصمود والتقدم كصورة الصراع الذي يخوضه وطنه ليحفظ حريته واستقلاله وديمقراطيته . وكما وطنه تخلص من المحن وانتصر هو كذلك بالإرادة والعزم أمين على الرسالة . من كانت سيرته الوطنية على هذا النحو ومسيرته المهنية على هذا الامتياز ومساره العملي على هذا النجاح يستحق عن جدارة الجائزة التي تحمل إسم الرئيس الذي نقل البلاد من الدويلات إلى الدولة والوطن من الضياع إلى التلاقي والأهم أعاد الاعتبار للسياسة بمفهوم إدارة الخير العام كما تنص شرعة العمل السياسي على ضوء تعاليم الكنيسة تكون مضامين الجائزة قد تحققت وتطابقت واستحقت. من هنا استحق الأب سليم دكاش جائزة الرئيس الياس هراوي التي تعطى لمن يحفظ الميثاق ويمارسه في أي موقع كان ملتزما بمعنى لبنان وبدوره الحضاري في هذا الشرق".

بدوره قال الدكتور داوود الصايغ:
"كان من قدره أن يقف باكراً على المشارف العالية. أدركته النعمة في تلك المدينة المبنية على جبل، وأرشدته الى المسالك القويمة".
أضاف: "من سنوات التكوين تلك، من البوار حيث المنشأ الى غزير حيث التحصيل ثم الى بيروت، كان الإنفتاح على الأفكار غير التقليدية التي لاقت هوى بشكل خاص في نفس الطالب الشاب. واليسوعية كانت ولا تزال إصلاحا ً وتجددا ً، عبر التاريخ الطويل والحافل للآباء اليسوعيين الذين أغنوا الحضارة بإسهاماتهم المتنوعة، ليس فقط عبر ما تركوه في مجالات الفكر والفلسفة والعلوم على أنواعها، بل عبر حضورهم في المجتمعات المختلفة".
وكما الآباء الأوائل، كذلك كان الأب سليم دكاش مستعدا ً، وكيف لا وهو خريج المختبرين اليسوعي واللبناني. فانتفح بصورة طبيعية على العالمين العربي والإسلامي، وعلى تأصل الحضور المسيحي فيهما. وأدرك بالتالي أن المسيحي الشرقي واللبناني بشكل خاص، له واقع وهمّ منفصلان عن واقع وهموم المسيحي الغربي، فهو عميق الجذور في أرضه وفي هذا الشرق العربي".
وختم قائلاً:" قديما ً قيل عن شخص عالم أنه عالم مثل ماروني، فكيف إذا كان الماروني يسوعيا ً؟ 
ويزداد شعورنا بذلك ونحن نستحضر اليوم الذكرى العاشرة لغياب الرئيس إلياس الهراوي، الذي تحمّل المسؤولية الكبرى يوم حان موعد إعادة لبنان الى نفسه، بعد الدمار والحروب، مستندا ً على الركائز اللبنانية الراسخة متسلحا ً بالحكمة والصبر العالي، بصلابة أهل الأرض الملتصقين بتراب الوطن، وهو الإرث الذي تحمل لواءه السيدة منى الهراوي. تحية لذكراه، وتحية لسيدة الوفاء، راجين لها أن تتمكن دائما ً من إظهار وجه لبنان الآخر، من خلال الوجوه المشرقة التي تكرمها، والتي تعبّر عن لبنان باصالته وديمومته وصموده الحقيقي".

تلى ذلك فاصل موسيقي رائع قدمته جوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب توفيق معتوق وأختتمته "بنشيد الوداع" المستوحى من خطاب الوداع الذي ألقاه الرئيس هراوي عند مغادرته القصر الجمهوري، وقد حَوّله الإعلامي بسّام براك الى نشيد وتولّى الأب فادي طوق تلحينه وعزفته الجوقة بشكل مؤثر للغاية.

ثم تناولت الكلام السيدة منى هراوي فقالت: 
"إنها السنة العاشرة من عمر الجائزة. 
سوى أنها هذه السنة، بذَهابها إلى الأَب الرئيس البروفسور سليم دكاش اليسوعي، تتخذ الأعمق من أبعادها إذ تخاطب من خلاله الميثاق اللبناني، وقيم لبنان التأسيسية، ولبنان الرسالة، وخصوصًا بنقله هذه الأبعاد إلى تثقيف الجيل اللبناني الجديد وتنصيع ذاكرته وتقوية التزامه.
ذلك أن لبنان ثمرة جهودٍ مباركة بذلها روّاد لبنانيون كبار، وتنشرها مؤَسسات كبرى في صدارتها جامعة القديس يوسف التي يرأسها مُــكَــرَّمُنا اليوم، وعنها قال الصحافي الكبير جورج نقاش قبل 66 سنة في جريدة الأُوريان : "يستحيلُ تَـخَيُّلُ الصورة الأخرى لمصيرنا من دون هذا البيت الذي يضم فكرةً ضخمةً اتسعَت فيه وكبُرَت (...)، هي فكرةٌ إنسانية ومنهجية في سبيل البناء (...) وهي نموذجُ نجاحٍ فريدٍ من نوعه في التاريخ بـدمج الوطنية والروحانية معًا".

أيها الأصدقاء،
مكــرَّمُـنا اليوم، الأب البروفسور سليم دكاش اليسوعي، وريثٌ أمينٌ يُواصل إِرث أجيالٍ من رواد تربويين نذروا حياتهم كاملةً ومؤسساتهم طيلة قرون، في سبيل بناء الانسان أساسًا لكل بناء، كما في لبنان كذلك في المنطقة العربية.
واليوم، ونحن في الذكرى العاشرة لغياب الرئيس الياس هراوي وفي يوم منْح جائزته السنوية،     كم نحتاج إلى استعادة قِــيَــم الجمهورية، وإِلى تكريم روَّاد تبنوا هذه القيم ودافعوا عنها قولًا وعملًا وتوجيه أجيال جديدة إلى اعتناقها".
وختمت قبل تسليم الجائزة للأب دكاش قائلة:
"فيا أبتِ الرئيس، باسم هذا الوفاء تحمله في قلبك وضميرك وتعمل له تربويًّا ولبنانيًّا، نتقدم إليك اليوم بجائزة الرئيس الياس هراوي في دورتها العاشرة، لا تكريمًا لك وحسْب، بل تكريمًا للقيم العليا التي تبشِّر بها، والتي من أَجلها كان إنشاءُ هذه الجائزة".

وبعدما تسلّم الأب دكاش الجائزة قال: 
"هذه الجائزة، إنما أرى فيها، بما فيها من دلالات معنويّة وماديّة، تكريمًا من فخامة رئيسٍ لجمهوريّة كافحت وتكافح من أجل حياة أبنائها، أرى فيها تحيّةً دافئة لأولئك الذين كرّسوا النفس والعقل والقلب والمهارات كافّة منذ عشرات السنين لبناء صروح التربية اللبنانيّة المدرسيّة والجامعيّة، وتأكيدًا لإبقاء شعلة التربية والتعليم متّقدة في بلادي".
أضاف: "أرى، إستنادًا إلى ما قرأته حديثًا في كلمات ومواقف الرئيس هراوي، أنّ للتربية في لبنان، أربع رسالات وأهداف: التميُّز والجودة، والتشبُّث بالميثاق، والإيمان بالدولة فعلاً لا تصريحًا، والنضال من أجل المشاركة والديموقراطيّة.
إنّ التربية والتعليم في لبنان إمّا أن يكونا على قاعدة التميُّز والجودة أو لا يكونا حتى لو وضعنا نصب أعيننا قاعدة أخرى هي حقّ الجميع في التعلُّم والاكتساب وهذا ما تقوم به كثير من المؤسّسات الخاصّة ومنها جامعتنا اليسوعيّة وهو واجب وطنيّ عليها(...)
لا تربية حقّ في بلادي إلاّ تلك التي تؤمنُ بالميثاق الوطني الجامع بين اللبنانيّين في إطار الشراكة والعدالة، تلك التربية وأولئك المربّون الذين يعملون على بناء الجسور القويّة في كلّ وقت مناسب لتلتقي عليها أجيال الغد والذين يمنعون بناء الأسوار التي تمنع الإنسان من رؤية جاره. 
التربية الميثاقيّة تحذّر من استثمار السياسة في الطائفة وفي الطائفيّة، والتلاعب بـها بحيث إنّ الفساد والطائفيّة ليسا سببًا بل نتيجة لسلوك الفاسدين والطائفيّين. فالميثاق ليس مجرّد خيار سياسي ظرفيّ بيننا، ومعنىاه أن نَقر بأنّ العيش المشترك هو مصيرنا، فلا نقبل إلا به مستقبلاً وطنيًّا جامعًا ودستورًا ينظّم حياتنا السياسيّة الجماعيّة".
وتابع: "لبنان والديموقراطيّة هما صنوانٍ والتربية المستمرّة على الديموقراطيّة هي رسالةٌ من بين رسالاتها... والحريّة هي مجرّد مفهوم، والأهمّ أن نكون أحرارًا في خياراتنا، والديموقراطيّة عندما نُمارسها إنّما نمارس سيادتنا على تفكيرنا وقرارنا، وحدود الحريّة التي أمارسها هي حريّة غيري في رأيه فلا مجال أن يكون التهديد والوعيد هو الطريق إلى السلطة والسيادة". 
وختم: "هذه الجائزة التي تحمل اسم رئيس آمَن بالتربية والميثاق والدولة والديموقراطيّة ودعا لـها، هي شرفٌ نعم، بل هي مسؤوليّة في متابعة المسيرة، مسيرة جمع اللبنانيّين في لبنان المقيم ولبنان المنتشر حول قِيَم الإيمان والعدالة والحوار والتضامن والالتزام بالقوانين. هي دعوة إلى متابعة النضال متّحدين متضامنين من أجل لبنان العلم والثقافة والتنوير والمبادرة إلى الخير، لبنان النخبة والقدوة والعطاء".

وعند انتهاء الإحتفال، انتقل الحضور الى قاعة الإستقبال حيث شربوا نخب المُحتفى به وتمَّ قطع قالب الحلوى التقليدي.

الذكرى الحادية عشرة
عام 2017
في الذكرى الحادية عشرة لغياب الرئيس الياس الهراوي، أقيم احتفال في دارة الرئيس الراحل في اليرزة، حيث مُنحت جائزة العام ٢۰۱٧ الى سفير الإبداع اللبناني الى العالم عبد الحليم كركلا.
حضر الإحتفال الرئيس السابق ميشال سليمان، النائبة بهية الحريري ممثلة دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، دولة الرئيس حسين الحسيني، دولة الرئيس تمام سلام وعقيلته، دولة الرئيس فؤاد السنيورة وعقيلته، وزير شؤون المرأة جان أوغسبيان، إضافة الى النواب بطرس حرب وروبير غانم وإميل رحمة وعاصم قانصوه ووزراء سابقون: السيدة ليلى الصلح حمادة وحسن الرفاعي وعدنان القصار وجان عبيد وخليل الهراوي . كما حضر السفير البابوي غابريللي كاتشا وسفير مصر نزيه النجاري وسفير بريطانيا هوغو شورتر والقائم بأعمال السفارة السعودية وليد البخاري والملحق الثقافي في سفارة الصين السيد تشين والسفير انطوان شديد بالإضافة الى حشد من أهل الفن والإعلام وعائلة المكرّم وأصدقائه. 

في المناسبة ألقى الشاعر طلال حيدر كلمة ترحيب جاء فيها:  
"يأتي عبد الحليم كركلا في مسيرة العباقرة الذين عرفهم لبنان في تاريخه الطويل . في سيرته الإبداعية كان يحسب أنه يكتب مجده في تاريخ الفن ولم يكن يدري أنه يضيف للبنان مجداً في تاريخ الحضارة . كان ينظر الى شموخ الأعمدة في هياكل بعلبك وكانت الأعمدة تنظر الى شموخه وهو يصعد على مدارجها ليصل الى قمة الضوء".  

 وألقى الوزير السابق جان عبيد كلمته فقال: 
"إن السيدة منى تمون على محبّيها بالرضى لا بالتسليم فقط، لأنها تشاركهم في أحزانهم قبل أفراحهم". 
وأضاف متوجهاً الى المكرّم : "يا عبد الحليم، لقد منحك الله نصيباً طيباً من إسمك بالحلم وأكرم عمرك من هباته بالمواهب، فانطلقت بما أوتيت من نِعم الله ومن اقتدارك وإعجازك بحركة بخفة وبدقة وبثقة عز نظيرها جميعاً".

وشكرت السيدة الصلح في كلمتها عبد الحليم كركلا :"لأنك طلبت مني شهادة لمناسبة تكريمك فأنت الأولى بها، والسيدة العزيزة منى التي دعتنا الى دارة الرئيس الياس الهراوي الذي عمل لقيامة الوطن، ولا زلت أذكر عند إعادة تمثال رياض الصلح الى ساحته عندما قال أيها اللبنانيون من ساحة رياض الصلح أناديكم وكأنه تراءى له أن هذه الساحة ستكون ملجأ لكل طالب حق".
أضافت متوجهة الى كركلا : "لقد نشأت في حي آل الصلح في بعلبك وصاهرت زحلة وعشت بعلبك وشمس عزتها. قيل عنك أنك العامود التاسع من قلعة بعلبك، فأخرجتها الى العالمية . وبدورك الإبداعي حافظت على تراث البقاع".

وتحدثت السيدة هراوي فقالت: "منذ انطلقت هذه الجائزة قبل إحدى عشرة سنة وهي تتطلع الى كل عمل يتفق والمبدأ الذي من أجله تأسست، كي تحتفي بمن يعمل على ترسيخ الميثاق الوطني، وعلى تدعيم أسس الكيان اللبناني".
أضافت: "بذهاب الجائزة الى عبد الحليم كركلا نكون أرضينا الرئيس الهراوي مرتين حضوراً وغياباً . حضوراً لانه كان على حياته يقدّر كثيراً فن كركلا ويحب أعماله ويتابعها معجباً بعبقرية هذا المبدع من لبنان، وغياباً لأن الجائزة اليوم تستحضر الرئيس الهراوي من غيابه كي تمنح الى من كان على حياته يراه جديراً بأرفع تكريم على اسم لبنان".

وألقى أخيراً كركلا كلمة فقال: "كلماتكم عباءة عز ووسام فخر أعتز به، وأنا اليوم أكثر من أي وقت مضى أشعر بعزم إضافي ومسؤولية كبيرة تحضني على الإستمرار في تحقيق إنجازات فنية تعلو بسمعة لبنان، وتضع إسمه على خريطة الفن الراقي في المسرح العالمي".

وختاماً عُرض فيلم وثائقي تضمّن لقطات من المسرحيات التي أحياها المكرّم على ادراج بعلبك وفي عدّة مسارح في العالم ثم قُطع قالب الحلوى وشرب الجميع نخب المناسبة والتقطت الصور التذكارية.

الذكرى الثانية عشرة
عام 2018
منحت "لجنة إحياء ذكرى الرئيس الياس الهراوي"، لمناسبة الذكرى الثانية عشرة لغيابه جائزته السنوية الى "جمعية فرح العطاء" ممثلة برئيسها ملحم خلف ومتطوعي ومتطوعات الجمعية، في دارة الرئيس الهراوي في اليرزة، في 17/7/2018.

حضر الحفل الدكتور غطاس خوري ممثلاً رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، السيدة رندة بري ممثلة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، الرئيس ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء، الرئيس تمام سلام وعقيلته السيدة لمى، الرئيس فؤاد السنيورة، المحامي اميل جعجع ممثلا وزير الاعلام ملحم رياشي، النائبة بهية الحريري، الوزراء السابقون بهيج طبارة، روني عريجي وشكيب قرطباوي، نقيب الصحافة عوني الكعكي، نقيب المحررين الياس عون، المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم ممثلا بالعقيد ايلي الديك، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلا بالعقيد ياسر الضاهر، المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا ممثلا بالعقيد بيار براك، وحشد من المرجعيات الدينية والشخصيات الدبلوماسية والإجتماعية وأهل الإعلام والأصدقاء .

بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم رحّبت السيدة منى الهراوي بالحضور الكريم وألقى الوزير السابق رشيد درباس كلمة جاء فيها: "أسمح لنفسي باسمكم ان ارفع خطابي للرئيس الياس الهراوي، لأشهد ان شجاعته وايمانه بالدولة والوطن، وحنكته ودرايته ومقدرته على الانتقال بين الالغام وتمرسه باللعبة السياسية كانت عوامل اساسا لبناء الدولة التي تشتتت بين ملوك الطوائف ".

وحيّا "السيدة الدائمة الحيوية منى هراوي" وقال : "إن جمعية فرح العطاء وافرادها ونشاطاتها واسمها المستمد من معاكسة ما استشرى من فرح الاخذ والاستيلاء حتى البشم ليست ردة فعل بل هي فعل أصلي معاكس للفعل الفاحش، وافحش الافعال هذه الأيام، السياسة".

وختم: "هذا اللقاء المتجدد والمثابر يذكرنا بأن مكرميه ينظمهم خيط واحد هو دأبهم على الغرس رغم سوء الاحوال الجوية والزرع رغم ملوحة التربة والصدق في ارض يغزوها النفاق والتفاؤل ضد نعيق البوم؛ ترى الا تجمع هؤلاء صلة نسب وحسب بإرادة وروح وعناد الياس الهراوي ... أحيّي فرح العطاء وأحيّي أم هذا الفرح".

ثم ألقى الفنان المبدع جورج خباز شعرا للمناسبة، وقدم المتطوعون والمتطوعات شهادات حيّة عن تجربتهم في "فرح العطاء".

بعدها تناولت الكلام السيدة منى هراوي وقالت: "اسمحوا لي أن استهل كلمتي بإلقاء هذا المقطع من فصل "العطاء" في كتاب النبي لجبران خليل جبران: "عندئذ تقدم منه رجل ثري وقال له: "ماذا تقول في العطاء؟" فأجاب : "اذا اعطيت القليل من كثير ما لديك، فإنك تعطي للتباهي، ولا تكون اعطيت. العطاء الحقيقي أن تعطي من ذاتك. جميل أن تعطي من يسألك اذا شعرت أنه بحاجة اليك. وعندئذ يكون لك فعلا فرح في العطاء".

وتابعت : "وانا اتلو عليكم هذه الكلمات، أشعر أن هذا القول قد لا ينطبق على نقاء روح وقلب واندفاع، كما ينطبق على مكرمنا اليوم. أقول هذا واخشى ان أجرح تواضعه النبيل، هو الذي يوم أبلغته بإجماع لجنة الجائزة على منحه اياها لهذا العام، كاد ان يعتذر عن قبولها الا بشرط وحيد: ان نمنحها لا لشخصه المفرد بل للجمع في جمعيته، ونحن فخورون وسعداء ان هذا الرجل هو في ذاته مفرد بصيغة الجمع".

وتابعت : "وخلال المداولات التي نعقدها دوريا للتباحث في اختيار مستحق الجائزة كل عام، يبقى مبدأنا واحدا: أن تذهب الجائزة الى من تنطبق عليه صفات ومواصفات تتطابق مع جوهر الجائزة الذي يكافىء سنويا من يعمل على ترسيخ الميثاق الوطني. وأي رسوخ للميثاق الوطني ابلغ ممن يبادر لا استجابة لطلب، ولا جوابا عن سؤال، فينادي رفاقا له نبلاء مثله اصفياء، يرافقهم ويخاصرهم ويساعدهم على نقش فرح العطاء في ضمير الوطن: هنا شارع دمره انفجار، هناك بيت يحتاج الى ترميم، هناك مدرسة شاخت على جدرانها السنوات، فاذا بالملحم ورفاق الملحم، ورشة عمل دينامية فعالة منتجة في صمت تعمل وفي صمت تنجز وفي صمت تغادر، تاركة وراءها أنقى وأنبل معاني فرح العطاء.

وختمت الهراوي : "لهذا، لكل هذا، وللكثير سواه، يسرّ لجنة جائزة الرئيس الياس الهراوي، ان ترفع جائزتها هذا العام الى جمعية في صيغة فريدة، الى رفاق ملحم خلف فردا فردا، وهم حتما يشعرون بأن الجائزة وصلت الى كل فرد منهم، حين يتسلمها عنهم جميعا، كما عن كل فرد منهم، المواطن المثال : المحامي الدكتور ملحم خلف . مبروك لجمعية فرح العطاء هذه الجائزة".

وبعد أن سلمت السيدة منى هراوي جائزة الرئيس الياس الهراوي الى رئيس الجمعية المكرّمة، ألقى الدكتور ملحم خلف كلمة شكر وتقدير ثم التُقطت الصور التذكارية وشرب الحضور نخب المناسبة. 

الذكرى الثالثة عشرة
عام 2019
منحت "لجنة إحياء ذكرى الرئيس الياس الهراوي"، لمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لغيابه جائزته السنوية الى السيدة ميرنا البستاني، رئيسة لجنة مهرجان البستان الدولي للموسيقى والفنون، في دارة الرئيس الهراوي في اليرزة، يوم الثلاثاء في ٢٤ أيلول ٢۰۱٩.
حضر الحفل المُكرّمة وعائلتها، والسيدة رندة بري ممثلة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، النائبة بهية الحريري ممثلة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، الدكتور غسان حاصباني نائب رئيس مجلس الوزراء ، الرؤساء السابقون : حسين الحسيني، فؤاد السنيورة، تمام سلام وعقيلته لما، وزير الثقافة محمد داود، سفير إيطاليا ماسيمو ماروتي، سفير بلجيكا أوبير كوريمان، سفير بريطانيا كريس رامبلينغ، السيدة صولانج بشير الجميل، الوزراء السابقون: حسن الرفاعي، بطرس حرب، مروان حمادة، خالد قباني، جورج سكاف، ريمون عريجي، طارق متري، خليل الهراوي، نقولا نحاس، ناجي بستاني، النائب السابق هنري حلو، السيدة نورا جنبلاط، عقيلة قائد الجيش السيدة نعمت عون ، رئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش، رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور جوزف جبرا، المعتمد البطريركي في روسيا المطران نيفون صيقلي، السفيران رياض طبارة وسمير شما، رئيس بلدية بعبدا - اللويزة انطوان الحلو، رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب، ، الأب توفيق معتوق، أصدقاء الرئيس الهراوي وعائلته.

بعد النشيد الوطني اللبناني، افتتح الشاعر هنري زغيب الإحتفال بكلمة وصف فيها السيدة ميرنا البستاني ب "سيدة الزمن الراقي"، ثم توجّه دولة الرئيس تمام سلام بتحيّة تقدير الى السيدة منى هراوي ولجنة إحياء الذكرى وقال : "تحيّة إجلال الى روح الرئيس الراحل الذي نجتمع في دارته اليوم، مستذكرين مسيرة رجل استثنائي، قاد البلاد في مرحلة بالغة الصعوبة، ونقلها من زمن الخراب والتشتّت والفرقة الى زمن السلم والوحدة والبناء، مشيداً بالمعلم الكبير بطرس البستاني وبرجل الأعمال الراحل أميل البستاني، متوجهاً الى السيدة ميرنا البستاني بالقول: آمل أن يعود بلدنا الذي تعشقين ونعشق، موسيقى صافية بلا نشاز، ومسرحاً مكتمل الحضور، تضج في جنباته أناشيد الأمل والفرح."

وألقت السيدة منى هراوي كلمة : "أهلًا بكم جميعًا في دارة الرئيس للاحتفال اليوم بسيدة استثنائية جليلة . ما تُراني أَقول فيها، هي التي، بأَعمالها وإِنجازاتها، حقَّقتْ ما هو أَبلغُ من كل قَـول؟ صديقة غالية أَعرفها، وسيِّدة دينامية أَعرفها، ونجمةَ أَناقة مُشعَّة بالشكل الراقي والإِكمال الراقي، فكان وفاء تلقائيّا قرار لجنة الجائزة أَن تذهب هذا العام إِلى من سمّـتْـها اللجنة، بكل جدارة، "سيدة الزمن الراقي". من أولى خطاها في الحياة، كان قدرها أن تكون الأولى، وأن تكون رائدة طليعية . ومنذ كانت أول سيدة منتخبة تدخل المجلس النيابي، في مقعد رجل عظيم غدره القدر فتولَّت هي من بعده مسؤوليات كبرى وأكملت مسيرته بكل نجاح . وما إِن انقضت مدة فترتها النيابية حتى انطلقت تواصل الإعمار في منشآت والدها، مترئسة مجالس إدارة كلفتها سهراً وجهداً وكفاحاً صعباً لإِبقاء صورة إميل بستاني ساطعة في البال والذكرى هكذا عرفتها ( ... )
رافقتها متألقة في أنشطة "مهرجان البستان"، ورافقتها في "المؤسسة الوطنية للتراث" زميلةً متبصِّرة رائية في ما يجب لإِنهاض التراث وإِحيائه، وما زلت أرافقها في ما تبتكره من أَفكار لإِنجازات تعادل ما تُنْشِئُهُ دولة أَو تكاد."

وألقت السيدة البستاني كلمة شكرت فيها المشاركين في التكريم، ومما قالت : "تعرّفت على هذه السيدة التي كانت وبقيت السيدة الصامدة والمناضلة والتي تتكفل بكل الأمور الصغيرة والكبيرة، ومن الصعب أن أفسّر لكم كم هي سيدة كبيرة وعظيمة."

ختاماً سلّمت السيدة هراوي درع الجائزة الى المُكرّمة مؤكّدة فخرها بوجود السيدة البستاني في بيتها الثاني، التُقطت الصور التذكارية ثم قُطع قالب الحلوى وشرب الحضور نخب المناسبة. 

© حقوق الطبع والنشر 2024 - جميع الحقوق محفوظة