|
|
أن أن تعود مرافق الدولة إلى الدولة أيها العسكريون، تقضي العادة, في مثل هذا اليوم أن أقف بينكم, أقلد الضباط المتخرجين سيوف الحق والوفاء. لكن مؤسستكم، كالوطن، شهدت وضعاً استثنائياً لم يبقِ للعادة سحرها, وإن لم يفقد المناسبة عبَرها, والمؤسسة جوهرها. إنكم مدعوون جميعاً إلى وقفة مسؤولة تلبي نداء الواجب, وتؤكد رسوخ انضباطيتكم وتحفظ شرف مؤسستكم. أطيعوا قيادتكم الشرعية, وأوفوا بقسمكم أينما كنتم. جيشكم واحد, من كل لبنان ولكل لبنان. أتطلع إليه ليصون سيادة الدولة وهيبتها, وليحمي حرية المواطن وحقوقه, ويذود عن استقلال الوطن, ويعيد لأجزاء محتلة من الجنوب طهرها الوطني. أثبت تاريخكم أنكم أصلب من كل الأهواء, فعودوا إلى أصالتكم, وارفضوا أي أمر واقع يُفرض عليكم. وحدتكم من وحدة الوطن, فلا تخرجوا على وطنكم. إن الحرص على وحدة المؤسسة لا يجيز القبول باستمرار واقع يجرُّ بكم إلى تشرذمكم. إننا ضد المساس بوحدة الجيش, لكننا ضد أية ظاهرة تستعمل الجيش لأغراض ضد الشعب والدولة, وضد الجيش نفسه. ولن نرحم من تمتد يده لتنال من مناقبية هذه المؤسسة و دورها. الشعب يتطلع إلى جيش يقف في وجه المعتدي نصرة للبريء. ويقف في وجه الطامع ذوداً عن الحق, ويقف في وجه الانحراف صوناً للقيم. أيها العسكريون, كمالكم في تماسككم وحدة واحدة شرفاً للمؤسسة, و تضحية بالذات, ووفاء للوطن. لذا أعدكم بأن دولتكم لن تخلَّ بعهدها لكم طالما لم تخلُّوا بولائكم لها. و لن تبخل على مؤسستكم, حتى يعود الجيش درع الوطن, كل الوطن, وسند الشعب كل الشعب. أيها اللبنانيون, معكم قضيت ليالي وأياماً, أعيش آلامكم, وأعاني قلقكم. لكن إيماني بكم وبلبنان كان حافزي إلى اختيار طريق العقل والحوار. فالدم لا يجرُّ إلا الدم والدمار, والعنف لا يجر إلا العنف والنزف. دعوتكم إلى كلمة سواء بينكم. دعوتكم إلى الترفع عن الحساسيات الظرفية, والحسابات الضيقة. دعوتكم إلى التلاقي والتوافق. دعوتكم إلى لبنان وطن أبطال , لا إلى لبنان أرض ضحايا. على أية حال الدم الذي أريق لن يكون بلا طائل إذا عرفنا كيف نأخذ منه العبر فنعبر جميعاً إلى الإنقاذ. تحركنا في كل اتجاه, وبادرنا إلى فتح الفرص أمام الجميع , وجهدنا في أن لا يستثني أحدٌ نفسه من المشاركة في مسيرة الحل. لأن لبنان مسؤولية كل أبنائه: كيف يمكن للأشقاء كل الأشقاء, و للأصدقاء, كل الأصدقاء, أن يساعدونا ولا زال في البلاد بعضُ من يؤثر الأهواء الذاتية على حساب الخلاص الوطني. فأنا مؤمن بهذا الشعب الطيب, وما شهدناه من انفتاح المناطق بعضاً على بعض شهادة ناصعة على أصالة العيش المشترك وعلى عراقة اللقاء الوطني. إننا لسنا وحدنا. ما لاقته شرعيتكم من دعم وتأييد من الأشقاء والأصدقاء يؤكد أن لبنان أقوى من كل ما يتهدده. لقد طمأنتكم أمس بأن لبنان باق. واليوم أطمئنكم بأن الدولة آتية. وهنا لا يسعني إلا أن أعبر عن أسمى الامتناء والعرفان إلى الأشقاء العرب لما يبذلون من جهد ورعاية لدفع مسيرة الحل , مقدراً للجنة الثلاثية العليا سهرها ودأبها, وللشقيقة سوريا دورها النبيل , حيث يسعى سيادة الأخ الرئيس حافظ الأسد معنا إلى إقفال ملف الأزمة في لبنان. كما لا يسعني إلا أن أوجه إلى كل الأصدقاء كل الشكر مقدراً لعواصم القرار ما يقدمون من مساندة ومساعدة إسهاماً في تثبيت مسيرة الإنقاذ. وقد جاء إطلاق الصندوق الدولي لإعمار لبنان ليؤكد إيمان الإخوة العرب وثقة العالم بلبنان وبديمومته. أيها اللبنانيون, سأبقى معكم, أرد عنكم وعن لبنان, وأرد لكم وللبنان الوحدة والسيادة والكرامة. لن نتهاون بحق من اعتدى على كرامة الدولة وحقوق المواطن. لقد آن أن تعود مرافق الدولة إلى الدولة. وإننا بصدد إنشاء مركز لتلقي الشكاوى للتحقق من الإشاعات ومن مطلقيها المغرضين. وها هو ينجز, بعد أكثر من ستة عقود قانون ينظم أصول محاكمة الرؤساء والوزراء وفاقاً لما نص عليه الدستور , وصوناً لشرف المسؤولية. أعرف أنه لا يمكن لعجلة العمل أن تسير من تلقاء ذاتها. كما أعرف أنه لا يجوز أن نضرب الدولة وأن نطلب, على شتاتها, فوق ما تقدر من أداء الخدمات. لا بد من التخطيط الواعي . و لا بد من التنفيذ السليم والشريف. ولا بد من السهر الدقيق والشامل. لا بد من العمل على اقتلاع الفساد وعلى تحديث الإدارة لنبني جميعاً الدولة القدوة, دولة الحق والعدل والإنماء. لبنان بحاجة إلى كل أبنائه المقيمين والمنتشرين, إلى كل طاقاتهم وكفاءاتهم. أيها العسكريون, أمامنا قضية كبرى . أمامنا إنقاذ وطن ,وخلاص شعب, وبناء مستقبل. أمامنا إنقاذ لبنان. وفي إنقاذ لبنان إنقاذٌ للقيم المثلى عشية القرن الحادي والعشرين , قيم العيش المشترك, قيم التكامل والسلام. فمن يرفض الوفاق هو ضد لبنان وضد الدولة وضد الجيش. ان وحدة الموقف الوطني التي تتجسد في الشعب كما في الجيش, كفيلة برفع التحدي, وبرفع العلم عالياً خفاقاً. وإني لأرى على جبينكم والبيارق بوارق الخلاص. بكم , الدولة وحدها هي القائدة. ومعكم, كل مواطن ينال شرف الانتماء إلى لبنان. عشتم و عاش لبنان
|